وفي ليلته أمسى عبد الله بن عتيك رضي الله عنه ومن معه عند #~~~خيبر~~~# لتنفيذ حكم الإعدام في أبي رافع سلام بن أبي الحُقيق، …
فساروا حوالي 500 متر حتى دخلوا إلى قلب خيبر إلى بيت أمّ عبد الله بن عتيك -من الرضاعة- اليهوديّة، فلمّا نام أهل خيبر قالت: “إن اليهود لا تغلق عليها أبوابها خوفًا أن يأتي ضيف ولا يستطيع الدخول ليتعشَّى، فيتركون الأبواب مفتوحة، وحتى تستطيعوا الدخول لأبي رافع قولوا: إنّا جئنا لأبي رافع بهديّة، فإنهم سيفتحون لكم، هيّا انطلقوا”.
فخرج عبد الله بن عتيك ومن معه يمرّون على بيوت القرية لا يجدون بابًا مفتوحًا إلا أغلقوه، حتى وصلوا عند قصر سلام بن أبي الحُقيق، فصعدوا سُلَّمًا يدخلهم إلى القصر، يتقدّمهم عبد الله بن عتيك وكان يُحسن اللغة اليهوديّة، فنادوا على أبي رافع، فجاءت امرأته وقالت: “ما شأنك؟”، فقال عبد الله بن عتيك ورطن باليهودية: “جئت أبا رافع بهديّة”، ففتحت له الباب، ولمّا رأتهم مُسلَّحين أرادت الصياح، فأشار عبد الله إلى السيف فسكتت، ثم قال لها: “أين أبو رافع؟ وإلا ضربتك بالسيف”، قالت: “هو ذاك في البيت”، فدخلوا عليه فعرفوه في الظلام من بياض لون بشرته، فضربوه جميعًا بأسيافهم، وضربه عبد الله بن أنيس حتى أنفذ السيف فيه، وسمع صوت نفاذ السيف إلى فِراشه فعرف أنّه قد قضى عليه. وكانت امرأته خارج الغرفة فصرخت، فأرادوا أن يخرجوا إليها يُسكتوها فتذاكروا نهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن قتل النساء فتركوها، وخرجوا مُسرعين.
فلمّا نزلوا من القصر مسرعين، وكان عبد الله بن عتيك لا يرى جيدًا بالليل -عنده عشى ليلي- فانزلقت رِجْله وهو ينزل على سُلَّم القصر فتحامل على نفسه حتى نزل، واكتشف أبو قتادة أنّه نسى قوسه، فقالوا: “دع القوس”، فرفض، وعاد ليأخذه، ثم تحركوا جميعًا مُسرعين حتى اختبأوا عند قناة مياه من قنوات خيبر.
وخرج اليهود من حصونهم وعلى رأسهم الحارث أبو زينب، فقالت امرأة أبي رافع: “هرب القوم الآن”، فخرج الحارث ومن معه -حوالي ثلاثة آلاف- ومعه مشاعل النار يبحثون عن عبد الله بن عتيك وأصحابه، واختبأ عبد الله وأصحابه في باطن النهر فمرّوا بالنهر ولم يشعروا بهم، فلمّا تعبوا من البحث عادوا إلى امرأة أبي رافع وقالوا: “هل تعرفين منهم أحد؟”، قالت: “سمعت منهم كلام عبد الله بن عتيك، فإن كان في بلادنا هذه فهو معهم”.
وتشاور عبد الله بن عتيك وأصحابه في أن يخرج منهم أحد يؤكد موت أبي رافع، ويتمم على نجاح العمليّة، فخرج الأسود الخُزاعي حتى دخل مع اليهود وتشبّه بهم وجعل في يده شُعلة، حتى إذا دخلوا القصر بعد البحث دخل معهم، فجاءت امرأة أبي رافع ومعها شُعلة، فانحنت على الأرض تنظر زوجها ما زال حيًا أو مات، فقالت: “فاظ -مات- الرجل وإله موسى!”، فاقترب الأسود الخُزاعي مع الناس من أبي رافع فوجده لا يُحرّك ساكنًا فعلم أنّه قد مات فعلًا.
وخرج اليهود يصيحون بموته، وسار البعض منهم لترتيب دفنه، فسار معهم الأسود الخُزاعي قليلًا ثم أفلت منهم وجاء إلى أصحابه في النهر، فأخبرهم بما كان، ومكثوا مكانهم حتى كان الصباح، وصلّوا الصلوات وغربت الشمس وهم مختبئين هناك حتى تهدأ مُطاردتهم.