غزوة الغابة وهي ذو قَرَد
وفي ليلته استمرّت حراسة سعد بن عُبادة رضي الله عنه ومعه ثلاثمائة مُقاتل للمدينة المنوَّرة حتى عودة النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم لليلة الثالثة…
وفيه استمرّت إقامة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومعه خمسمائة مُقاتل من المُسلمين عند #~~~ذي قَرَد~~~# شمال المدينة المنوَّرَة، تحسبًا لعودة العدو وإرهابًا له، وغربت الشمس وهم هناك.
سريّة كُرز بن جابر الفهري إلى العُرنيّين
وكان ثمانية أفراد من عُرينة قد جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم مُسلمين، فمكثوا بالمدينة قليلًا وتعبوا من جوّها وأصابهم المرض، فاستأذنوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يخرجوا إلى البادية، فأذن لهم أن يكونوا عند لقاحه -جمع لقحة وهي الناقة الحلوب الغزيرة اللبن- بمنطقة #~~~ذي الجدر~~~# جنوب المدينة المنوَّرَة فيشربون من ألبانها وأبوالها، فخرجوا إليها ومكثوا أيّامًا حتى تحسنت صحتهم، فلمّا أتى نداء الحرب صبيحة الأربعاء بهجوم عُيينة بن حصن ومن معه على لقاح النبي صلى الله عليه وآله وسلم ب#~~~الغابة~~~#، فخرج المسلمون مُسرعين.
ووصل الخبر إلى بني عمرو بن عوف بقُباء أقصى جنوب المدينة المنوَّرة وعرف النّاس بخروج النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم شمالًا لاسترجاع اللقاح ومُلاحقة عُيينة ومن معه، فعلِم هؤلاء الغُدر بخروج النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبُعده عن المدينة المنوَّرة ومعه جيش المسلمين، فسوّل لهم اليوم شيطانهم أن يسرقوا إبل النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم وهو مشغول بحرب عُيينة شمالًا، وهم عند ذي الجدر بأقصى الجنوب، فسرقوا الإبل في الصباح وكانت 15 ناقة حلوب، وانطلقوا بها وقد كفروا بعد إسلامهم، فتصدّى لهم يسار رضي الله عنه -وهو مولى النبي صلى الله عليه وآله وسلّم -كان في قِسمته من غنائم غزوة قرقرة الكُدر [^1] في صفر 3 هـ-، فقتلوه شرّ قتلة فقطعوا يده ورجله وغرزوا الشوك في عينيه ولسانه حتى مات، ومرّت به امرأة من بني عمرو بن عوف على حِمار لها فوجدته كذلك تحت شجرة، فأخبرت قومها، فخرجوا وجاءوا به ميّتًا وأرسلوا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم فارسًا، فركب فرسه حوالي 40 كم في ساعة ونصف تقريبًا حتى وصل ذا قَرَد وقت الظُهر، فأخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بما حدث.
فأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم كُرز بن جابر الفهري أن يخرج في مجموعة من الفرسان ليلحق بأولئك المُجرمين، فركب كُرز ومن معه من ذي قَرَد حوالي 44 كم ساعة ونصف تقريبًا حتى وصلوا ذا الجَدْر ، فقاموا بمسح المنطقة ولم يجدوا بها أحدًا حتى غربت الشمس.
[^1]: وأسلم رضي الله عنه في أثناء الرجوع من القرقرة ووجده النبي صلى الله عليه وآله وسلم يُصلّي يوم الاثنين 1 صفر 3 هـ، فجعله الصحابة الكرام في قسمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فكان معه يخدمه، واستعمله النبي صلى الله عليه وآله وسلم على إبله بذي الجدر يرعاها وكان راعيًا.