وفي ليلته أمسى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحُدَيبيَة وقد نزلها قادمًا للعُمرَة فلمَّا بركت ناقته عند حدود الحرم المكي رجع ونزل الحُدَيْبيَة …
وكان قد عزم ومن معه من المسلمين أن يقاتلوا من صدَّهم عن البيت، ثم رجعوا عن ذلك ونزلوا #~~~الحُدَيبيَة~~~# يتفاوضون مع قُريش لدخول مكَّة.
وفي صبيحته خرج عثمان بن عفان إلى مكة وقد كلّفه النبي صلى الله عليه وآله بإبلاغ رسالته لقريش، وخرج معه عشرة من مهاجري الصحابة، استأذنوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم في زيارة أهلهم بمكة، فلمَّا وصل عثمان بن عفان رضي الله عنه إلى #~~~بلدح~~~# قالوا له: “أين تُريد؟”، فقال عثمان: “بعثني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إليكم، يدعوكم إلى الله وإلى الإسلام، تدخلون في الدين كافّة، فإن الله مظهر دينه ومُعِزُّ نبيّه!، وأخرى تكفّون -يعني عن مُقاتلته- ويلي هذا منه غيركم -يعني يقاتله غيركم ممن يعادي الإسلام وليس من قُريش-، فإن ظفروا بمحمدٍ فذلك ما أردتم، وإن ظفر محمدٌ كنتم بالخيار، أن تدخلوا فيما دخل فيه الناس، أو تقاتلوا وأنتم وافرون جامّون، إنّ الحرب قد نهكتكم وذهبت بالأماثل منكم!، وأخرى إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم لم يأت لقتال أحد إنّما جاء مُعتمرًا معه الهدي، عليه القلائد، ينحره وينصرف”، وأخذ عثمان يُكرر عليهم مقالته فيردّوا عليه:“قد سمعنا ما تقول ولا كان هذا أبدًا، ولا دخلها علينا عنوة، فارجع إلى صاحبك فأخبره أنّه لا يصل إلينا!”
وقابل عُثمان أبان بن سعيد بن العاص -من المشركين- ببلدح، فأجار عثمان وأركبه خلفه على فرسه حتى لا يتعرض له أحد، وانطلق معه حتى أدخله مكَّة، فالتقى أبا سفيان بن حرب وصفوان بن أميَّة وغيرهم من كبار قريش ممن لم يلقه ببلدح فبلَّغهم رسالة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكلَّمهم واحدًا واحدًا، وقد كرهوا مقالته وردّوا عليه كما ردّ بعضهم عليه ببلدح: “إنّ محمدًا لا يدخلها علينا عنوة أبدًا!”، ثم قالوا له لمّا انهى هلامه: “إن شئت أن تطوف بالبيت فطف!”، قال عثمان: “ما كنت لأفعل حتى يطوف به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم”، ثم منعت قريش عثمان ومن معه من الصحابة؛ وهم العشرة الذين استأذنوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم في زيارة أهلهم بمكة من الرجوع للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وحبستهم عندهم.