هذا ولم ير صلّى الله عليه وسلّم بتبوك جيشا كما كان قد سمع، …
فأقام هناك أياما جاءه في أثنائها يوحنا، صاحب أيلة، وصحبته أهل جرباء وأهل أذرح، وأهل ميناء، فصالح يوحنا رسول الله على اعطاء الجزية ولم يسلم. وكتب له الرسول كتابا هذه صورته:
كتاب صاحب أيلة
«بسم الله الرحمن الرحيم هذا أمنة من الله ومحمّد النبي رسول الله ليوحنا وأهل أيلة: سفنهم وسيارتهم في البرّ والبحر لهم ذمة الله ومحمّد النبي، ومن كان معهم من أهل الشام وأهل اليمن وأهل البحر، فمن أحدث منهم حدثا فإنه لا يحوز ماله دون نفسه، وإنه لطيبة لمن أخذه من الناس وإنه لا يحلّ أن يمنعوا ماء يردونه ولا طريقا يريدونه من بر أو بحر».
كتاب أهل أذرح وجرباء
وكتب لأهل أذرح وجرباء كتابا صورته: «بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من محمّد النبي لأهل أذرح وجرباء، إنهم امنون بأمان الله وأمان محمّد، وإن عليهم مائة دينار في كل رجب وافية طيبة، والله كفيل بالنصح والإحسان للمسلمين».
وصالح أهل ميناء على ربع ثمارهم.
ثم إنّ الرسول استشار أصحابه في مجاوزة تبوك إلى ما هو أبعد منها من ديار الشام، فقال له عمر: إن كنت أمرت بالسير فسرّ. فقال عليه الصلاة والسلام: «لو كنت أمرت بالسير لم أستشر»، فقال: يا رسول الله إن للروم جموعا كثيرة، وليس بالشام أحد من أهل الإسلام، وقد دنونا وقد أفزعهم دنوّك، فلو رجعنا في هذه السنة حتى نرى أو يحدث الله أمرا، فتبع عليه الصلاة والسلام مشورته، وأمر بالقفول فرجع الجيش إلى المدينة.