وقد صح أن مولد النبي صلى الله عليه وسلم كان يوم الإثنين وتفيد أقوى الروايات التي وصلت إلينا أن مولده كان عام الفيل وقد ذكر خليفة أنه …
“المجتمع عليه”. فكأنه لا يعتد بمن خالف، والحق أن الروايات المخالفة كلها معلولة الأسانيد وهي تفيد أن مولده بعد الفيل بعشر سنوات أو ثلاث وعشرين سنة أو أربعين سنة وقد ذهب معظم العلماء إلى القول بمولده عام الفيل، وأيدتهم الدراسات الحديثة التي قام بها باحثون مسلمون ومستشرقون اعتبروا عام الفيل موافقًا للعام 570 أو 571 الميلادي.
إن حادثة الفيل ثابتة الوقوع بنص القرآن {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ ٱلْفِيلِ (1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ (3) تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ (4) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ} [الفيل:1-5]. فنص القرآن يقدم أدق تصوير لما حدث لجيش أبرهة، ولا تكاد الروايات التأريخية تخرج عن الوصف القرآني إلا في تحديد جزئيات وتفصيلات يسيرة، وهي روايات تقف عند ابن عباس وعبيد بن عمير من الصحابة، أو عند قتادة (ت 117 هـ) أو ابن إسحاق (ت 151 هـ) ولا شك أن بينهم وبين الأحداث نصف قرن على الأقل بالنسبة للصحابة الصغار، ولعلهم استقوا المعلومات عمن بقوا أحياء ممن شاهد الحاديث، حيث تأخرت وفيات بعضهم، فقد رأت عائشة (رضي الله عنها) قائد الفيل وسائسه أعميين يستطعمان الناس بمكة كما بين الصحابي قباث بن أشيم أن أمه أوقفته على بقايا روث فيل أبرهة وقد تغير لونها، وكان يعقل حيث ولد قبل الفيل بسنوات يسيرة.
إن القرائن التأريخية المحتفَّة بالروايات التي تفيد مولد النبي صلى الله عليه وسلم عام الفيل قوية، ويرى ابن القيم ويتابعه القسطلاني أن مولد النبي كان في عام الفيل بعد حادثة الفيل، لأن قصة الفيل توطئة وارهاص لظهوره، حيث دفع الله نصارى الحبشة عن الكعبة دون حولٍ من العرب المشركين تعظيمًا لبيته.
وقد اختلف المؤرخون في تاريخ يوم مولده وشهره فذهب ابن إسحاق إلى أنه ولد لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول. وذهب الواقدي إلى أنه ولد لعشر ليال من شهر ربيع الأول وذهب أبو معشر السندي إلى أنه ولد لليليتين خلتا من شهر ربيع الأول. وابن إسحاق أوثق الثلاثة.