ولد فِي أَيمن طالع وأسعده وَحل فِي أفضل وَقت مَحْمُود بأحمده وَأَقْبل وخيل الْخَيْر تقاد بَين يَدَيْهِ وَقدم قدوم الْغَيْث إِلَى الأَرْض المحتاجة …
إِلَيْهِ وَذَلِكَ يَوْم الْإِثْنَيْنِ حِين طلع الْفجْر وَمضى اللَّيْل عَازِمًا على الهجر لعشر خلون من ربيع الأول عَام الْفِيل أَهلا بِهِ من عَام بالنجاة زعيم وبالنجاح كَفِيل وَلم يؤم أمه تَعب وَلَا نصب الدَّهْر لَهَا شرك نصب بل سعدت بِقُرْبِهِ واتصاله وبعدت عَن الْمَشَقَّة فِي حمله وفصاله وَرفعت بِمَا وضعت ولاحت عَلَيْهَا أنوار الْوَقار ولمعت فَلَمَّا انْفَصل مِنْهَا وانتقل محروسا بِالْمَلَائِكَةِ عَنْهَا برز نظيفا مختونا مَسْرُورا قطع مِنْهُ السِّرّ من اتَّخذهُ محبوبا محبورا وَظهر لَهُ من السِّرّ مَا حير الصَّامِت والمعرب وَخرج مَعَه نور أَضَاء لَهُ مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب حَتَّى بَين أَعْنَاق الْإِبِل ببصرا وزين قُصُور الشَّام فَلم يدع مِنْهَا قصرا وعَلى الأَرْض وَقع صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَافعا رَأسه إِلَى السَّمَاء مُعْتَمدًا على يَدَيْهِ ثمَّ أَخذ بكفه قَبْضَة من تُرَاب الأَرْض إِشَارَة إِلَى أَنه يملكهَا كلهَا فِي الطول وَالْعرض ثمَّ أدَّت مَا حَملته من الْأَمَانَة آمِنَة وَكَانَت مِمَّا تَشْكُو الْحَوَامِل آمِنَة وَقيل لما اشْتَدَّ بهَا طلق النّفاس وَكَانَت فريدة بسطت أكف شكواها إِلَى ذِي الأيادي الحميدة فَإِن هِيَ بمريم ابْنة عمرَان وآسية بنت مُزَاحم ومعهن جمَاعَة من الْحور الحسان الأعاظم فَحِينَئِذٍ أَسْفر فِي بَيتهَا صبح السَّعَادَة وَذهب عَنْهَا الْحزن وأبدت لَهَا السِّيَادَة
وَكَانَت قابلته الشِّفَاء بنت عَمْرو بن عَوْف وحاضنته أم أَيمن الَّتِي أمنت بِهِ عَظِيم الشدائد وَالْخَوْف فَمَا أكْرم أَيَّام مولده الشريف عِنْد من عرف قدرهَا وَمَا أعظم بركتها عِنْد من عرف سرها ونشرها وحقيق بِيَوْم كَانَ فِيهِ وجود النَّبِي أَن يتَّخذ عيدا وخليق بِوَقْت اسْتَقَرَّتْ فِيهِ غرته أَن يعْقد طالعا سعيدا إِذْ قد انبسق فِيهِ عَن جَوْهَرَة الْكَوْن بيض الشّرف وَفِيه ظَهرت الدرة المصونة من بَاطِن الصدف وأبرز سَابق السعد من كمون الْعَدَم وبمكة المشرفة أنْجز صَادِق الْوَعْد بمضمون الْكَرم وَقد خصت لَيْلَة ظُهُوره وَيَوْم سطوع ضوء نوره بخصائص لَا تتناهى ومزايا لَا تضاهى وَلَا تباهى إِذْ هُوَ سيد ولد آدم ومعولهم وَخَاتم النَّبِيين وأولهم فصلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله الطيبين وَسلم تَسْلِيمًا وعَلى الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ
بَدَت لنا فِي ربيع طلعة الْقَمَر *** من وَجه من فاق كل البدو والحضر
تجمع الْحسن فِيهِ فَهُوَ واحده *** وَكَانَ فِي صُورَة فاقت على الصُّور
إِن لم أزر قَبره يَا سعد فِي عمري *** من بعد هَذَا الجفا يَا ضَيْعَة الْعُمر
صلى عَلَيْهِ إِلَه الْعَرْش مَا صدحت *** حمائم الْوَرق فِي الآصال وَالْبكْر
وَمِمَّا مدح بِهِ شهر مولده الشريف
لهَذَا الشَّهْر فِي الْإِسْلَام فضل *** ومنقبة يفوق على الشُّهُور
فمولود بِهِ وَاسم وَمعنى *** وآيات بهرن لَدَى الظُّهُور
ربيع فِي ربيع فِي ربيع *** وَنور فَوق نور فَوق نور
وَمن كَلَام سيدنَا الْعَبَّاس عَم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأَنت لما ولدت أشرقت*** الأَرْض وضاءت بنورك الْأُفق
فَنحْن فِي ذَلِك الضياء وَفِي *** النُّور وسبل الرشاد نخترق