وأما فصاحة اللسان، وبلاغة القول، …
فقد كان صلّى الله عليه وسلّم من ذلك بالمحلّ الأفضل، والموضع الذي لا يجهل، سلاسة طبع، وبراعة منزع، وإيجاز مقطع، وفصاحة لفظ، وجزالة قول، وصحّة معان، وقلّة تكلّف، أوتي جوامع الكلم، وخصّ ببدائع الحكم، وعلّم ألسنة العرب، يخاطب كل أمة منها بلسانها، ويحاورها بلغتها، ويباريها في منزع بلاغتها، حتى كان كثير من أصحابه يسألونه في غير موطن، عن شرح كلامه، وتفسير قوله. من تأمل حديثه وسيره علم ذلك وتحقّقه؛ وليس كلامه مع قريش ككلامه مع أقيال حضرموت، وملوك اليمن، وعظماء نجد، بل يستعمل لكل قبيلة ما استحسنته من الألفاظ، وما انتهجته من طرق البلاغة، ليبيّن للناس ما نزّل إليهم، وليحدّث الناس بما يعلمون.