ثمَّ خرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي شهر الصّيام وَظهر بَين أَصْحَابه النُّجُوم كالبدر عِنْد التَّمام واستخلف على الْمَدِينَة أَبَا لبَابَة بن عبد …
الْمُنْذر وَدفع لواه إِلَى مُصعب بن عُمَيْر ذِي السَّيْف الَّذِي إِذا أفْضى لم يعْذر.
وَسَار فِي ثَلَاثمِائَة أَو يزِيد من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار يُرِيد عيرًا لقريش فِيهَا أَنْوَاع من المتجر وَجَمَاعَة من التُّجَّار حَتَّى وصل قَرِيبا من بدر وَنزل بِمن مَعَه من أهل الشّرف وَالْقدر.
وَكَانَ قد بلغ قُريْشًا خُرُوجه إِلَى إمساكهم فبعثوا إِلَى مَكَّة من حض أَصْحَابهم على إدراكهم فهرع إِلَيْهِم الرامح والنابل واجتمعوا نَحْو الْألف مَا بَين الْفَارِس والراجل فَردُّوا العير وأحرزوا المَال ثمَّ أَصْبحُوا مصممين على الكفاح والنزال.
فبرز الْمُسلمُونَ إِلَى قِتَالهمْ والتقى الْفَرِيقَانِ يعومون فِي بَحر مجالهم وَحمى الْوَطِيس وهاجت نَار الوغى وخذل الله من طَغى من الْمُشْركين وبغى ومنح أهل الْإِيمَان أَكْنَافهم فَقتلُوا صَنَادِيدهمْ وأسروا أَشْرَافهم وظفروا بالنصر الْعَزِيز وَالْفَتْح الْقَرِيب ورموا بعض الْقَتْلَى فِي القليب وَمَا أَدْرَاك مَا القليب.
وجهز النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عبد الله بن رَوَاحَة مبشرا مأجورا ثمَّ انْقَلب صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالنفل والأسرى إِلَى أَهله مَسْرُورا وَفِي هَذِه الْغَزْوَة يَقُول حَمْزَة بن عبد الْمطلب من أَبْيَات:
عَشِيَّة راحوا نَحْو بدر بِجَمْعِهِمْ *** فَكَانُوا رهونا للركية من بدر
وَنحن تركنَا عتبَة الغي ثاويا *** وَشَيْبَة فِي قَتْلَى تجرجم فِي الجفر
وَعَمْرو ثوى فِيمَن ثوى من حماتهم *** فشقت جُيُوب النائحات على عَمْرو
وفيهَا يَقُول عَليّ بن أبي طَالب من أَبْيَات:
وَأمكن مِنْهُم يَوْم بدر رَسُوله *** وقوما غضابا فعلهم أحسن الْفِعْل
تبيت عُيُون النائحات عَلَيْهِم *** تجود بإسبال الرشاش وبالوبل
نوائح تنعى عتبَة الغي وَابْنه *** وَشَيْبَة تنعاه وتنعى أَبَا جهل
وفيهَا يَقُول حسان بن ثَابت من أَبْيَات:
يناديهم رَسُول الله لما *** قذفناهم كباكب فِي القليب
ألم تَجدوا كَلَامي كَانَ حَقًا *** وَأمر الله يَأْخُذ بالقلوب
فَمَا نطقوا وَلَو نطقوا لقالوا *** صدقت وَكنت ذَا رَأْي مُصِيب
وفيهَا يَقُول من أَبْيَات:
سرنا وَسَارُوا إِلَى بدر لحينهم *** لَو يعلمُونَ يَقِين الْعلم مَا سَارُوا
دلى لَهُم بغرور ثمَّ أسلمهم *** إِن الْخَبيث لمن وَالَاهُ غرار
وفيهَا يَقُول من أَبْيَات:
أَلا لَيْت شعري هَل أَتَى أهل مَكَّة *** إبارتنا الْكفَّار فِي سَاعَة الْعسر
قتلنَا سراة الْقَوْم عِنْد مجالنا *** فَلم يرجِعوا إِلَّا بقاصمة الظّهْر
لعمري مَا حامت فوارس مَالك *** وأشياعهم يَوْم الْتَقَيْنَا على بدر
وفيهَا يَقُول كَعْب بن مَالك من أَبْيَات:
فَمَا ظَفرت فوارسكم ببدر *** وَلَا رجعُوا إِلَيْكُم بالسواء
فَلَا تعجل أَبَا سُفْيَان وارقب *** جِيَاد الْخَيل تطلع من كداء