ثمَّ إِن أَبَا سُفْيَان [بْن حَرْب] لما انْصَرف فل بدر آلى أَن يَغْزُو رَسُول لله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،فَخرج فِي مِائَتي رَاكب حَتَّى أَتَى العريض فِي طرف …
الْمَدِينَة، فَحرق أصوارا من النّخل، وَقتل رجلا من الْأَنْصَار وحليفا لَهُ وجدهما فِي حرث لَهما، ثمَّ كرّ رَاجعا.
ثمَّ نفر رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والمسلمون فِي أَثَره، وَاسْتعْمل على الْمَدِينَة أَبَا لبَابَة بن عبد الْمُنْذر. وَبلغ رسولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرْقَرَةَ الْكُدْرِ. وَفَاتَهُ أَبُو سُفْيَان وَالْمُشْرِكُونَ، وَقد طرحوا سويقا كثيرا من أَزْوَادهم، يتخففون بذلك، فَأَخذه الْمُسلمُونَ، فسميت غَزْوَة السويق: وَكَانَ ذَلِك فِي السّنة الثَّانِيَة من الْهِجْرَة بعد بدر بشهرين وَأَيَّام.
قَالَ المُصَنّف رَضِي اللَّه عَنهُ: ولعمر، رَضِي اللَّه عَنهُ، حَدِيث حسن فِي غَزْوَة قرقرة الكدر، يُقَال إِن عمرَان بْن سوَادَة قَالَ لَهُ وَهُوَ خَليفَة: إِن رعيتك تَشْكُو مِنْك عنف السِّيَاق وقهر الرّعية، فدق على الدرة وَجعل يمسح سيورها، ثمَّ قَالَ: قد كنت مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قرقرة الكدر، فَكنت أرتع فأشبع وأسقي فأروى، وَأكْثر الزّجر، وَأَقل الضَّرْب، وَأَرُدُّ الْعَنُودَ، وَأَزْجُرُ الْعَرُوضَ، وأصم اللَّفُوتَ، وَأَسِمُ بالعصا، وأضرب بِالْيَدِ، وَلَوْلَا ذَلِك لأعذرت أَي تركت، فضيعت. يذكر حسن سياسته حِينَئِذٍ. والعنود: الحائد. وَالْعرُوض: المستصعب من الرِّجَال وَالدَّوَاب. والقرقرة: الأَرْض الواسعة الملساء. والكدر: طيور غُبْرٌ كَأَنَّهَا القطا.