شرط الخروج للغزو
قال ابن إسحاق: وأذن مؤذن رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم في الناس بطلب العدو، وأذن مؤذنه أن لا يخرج معنا أحد إلا أحد حضر يومنا بالأمس.
عذر جابر رضي اللهّٰ عنه
فكلمه جابر بن عبد اللهّٰ بن عمرو بن حرام فقال: يا رسول اللهّٰ، إن أبي كان خلفني على أخوات لي سبع وقال: يا بني، إنه لا ينبغي لي ولا لك أن نترك هؤلاء النسوة لا رجل فيهن، ولست بالذي أوثرك بالجهاد مع رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم، فتخلف على أخواتك، فتخلفت عليهن.
فأذن له رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم فخرج معه.
سبب الغزوة
وإنما خرج رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم مرهباً للعدو، وليبلغهم أنه خرج في طلبه، ليظنوا به قوة، وإن الذي أصابهم لم يوهنهم عن عدوهم.
موضع الغزوة
فخرج رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم حتى انتهى إلى حمراء الأسد- وهي من المدينة على ثمانية أميال- واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم فيما قال ابن هشام.
مدة مكثه صلى اللهّٰ عليه وسلم
فأقام بها الاثنين والثلاثاء والأربعاء، ثم رجع إلى المدينة.
نصيحة معبد بن أبي معبد
وقد مر به- كما حدثني عبد اللهّٰ بن أبي بكر- معبد بن أبي معبد الخزاعي، وكانت خزاعة مسلمهم ومشركهم عَيبْةَ نصح رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم ب تهامة، صفقتهم معه، لا يخفون عنه شيئاً كان بها، ومعبد يومئذ مشرك، فقال: يا محمد، أما واللهّٰ لقد عز علينا ما أصابك في أصحابك، ولوددنا أن اللهّٰ قد عافاك فيهم، وكان معبد قد رأى خروج رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم والمسلمين إلى حمراء الأسد.
موقف قريش
ولقي أبا سفيان وكفار قريش ب الروحاء ، فأخبرهم بخروج رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم في طلبهم، ففت ذلك في أعضاد قريش، وقد كانوا أرادوا الرجوع إلى المدينة، فكسرهم خروجه صلى اللهّٰ عليه وسلم، فتمادوا إلى مكة.
الظفر بمعاو ية بن المغيرة
وظفر رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم في مخرجه ذلك ب معاو ية بن المغيرة بن أبي العاص، فأمر رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم بضرب عنقه صَبْراً ، وهو والد عائشة أم عبد الملك بن مروان.
موقف النبي من رجعة قريش
وروُي أن النبي صلى اللهّٰ عليه وسلم وهو بحمراء الأسد حين بلغه أنهم همَُوّا بالرجعة: والذي نفسي بيده لقد سُوِّمت لهم حجارة، لو صُبحِّوا بها لكانوا كأمس الذاهب .
قصة مقتل معاو ية بن المغيرة
قال ابن هشام: و يقال إن زيد بن حارثة و عمار بن ياسر قتلا معاو ية بن المغيرة بعد حمراء الأسد، كان لجأ إلى عثمان بن عفان ، فاستأمن له رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم، فأَمَّنهَ على أنه إن وجد بعد ثلاث قتُل، فأقام بعد ثلاث وتوارى، فبعثهما النبي صلى اللهّٰ عليه وسلم، وقال: إنكما ستجدانه بموضع كذا وكذا، فوجداه فقتلاه.
جرح النبي صلى اللهّٰ عليه وسلم
وقال ابن سعد: ودعا رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم بلوائه وهو معقود لم يحل، فدفعه إلى علي بن أبي طالب ، و يقال: إلى أبي بكر الصديق ، وخرج وهو مجروح في وجهه، ومشجوج في جبهته، ورَباَعيته قد شَظِيتَ ، وشفته السفلى قد كُلمِت في باطنها، وهو متوهن منكبهَ يعني الأيمن من ضربة ابن قمئة، وركبتاه مجحوشتان.
حشد أهل العالية
وحشد أهل العوالي، ونزلوا حيث أتاهم الصريخ ، وركب رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم فرسه، وخرج الناس معه.
إرسال العيون
فبعث ثلاثة نفر من أسلم طليعة في آثار القوم، فلحق اثنان منهم القوم بحمراء الأسد، قال: وللقوم زجل وهم يأتمرون بالرجوع، وصفوان بن أمية ينهاهم عن ذلك.
مقتل رجلين من العيون
فبصروا بالرجلين، فعطفوا عليهما فقتلوهما.
هيبة المسلمين
ومضوا ومضى رسول اللهّٰ صلى اللهّٰ عليه وسلم بأصحابه حتى عسكروا بحمراء الأسد، وكان المسلمون يوقدون تلك الليالي خمسمائة نار حتى ترى من المكان البعيد. وذهب صوت معسكرهم ونيرانهم في كل وجه، فكبت اللهّٰ تبارك وتعالى بذلك عدوهم.
ثابت بن الضحاك هو الدليل
وكان دليله صلى اللهّٰ عليه وسلم إلى حمراء الأسد ثابت بن الضحاك بن ثعلبة من الخزرج.
التعر يف بثابت
وليس بأخي أبي جبيرة ابن الضحاك، ذاك أوسي من بني عبد الأشهل، وله حديث في النهي عن المزارعة رواه مسلم، ومن الناس من يجعل ذلك الحديث لثابت هذا. وليس بشيء .