فَلَمَّا رَجَعَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَة من خَيْبَر أَقَامَ بهَا شَهْري ربيع وشهري جُمَادَى ورجبا وَشَعْبَان ورمضان وشوالا، …
وَبعث فِي خلال ذَلِك السَّرَايَا. ثمَّ خرج عَلَيْهِ السَّلَام فِي ذِي الْقعدَة من السّنة السَّابِعَة من الْهِجْرَة قَاصِدا إِلَى مَكَّة للْعُمْرَة على مَا عَاقد عَلَيْهِ قُريْشًا فِي الْحُدَيْبِيَة. فَلَمَّا اتَّصل بِقُرَيْش خرج أكابرهم عَن مَكَّة عَدَاوَة لله وَلِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلم يقدروا على الصَّبْر فِي رُؤْيَته يطوف بِالْبَيْتِ هُوَ وَأَصْحَابه.
فَدخل رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّة، وَأتم اللَّه عمرته، وَقعد بعض الْمُشْركين بِقُعَيْقِعَانَ ينظرُونَ إِلَى الْمُسلمين وهم يطوفون بِالْبَيْتِ، فَأَمرهمْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالرَّمَلِ، لِيُرِيَ الْمُشْرِكِينَ أَن بهم قُوَّة، وَكَانَ الْمُشْركُونَ قَالُوا فِي الْمُهَاجِرين قد وهنتهم حمى يثرب. وَتزَوج رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم فِي غزوته مَيْمُونَة بنت الْحَارِث بْن حزن الخلالية، قيل تزَوجهَا قبل أَن يحرم بِعُمْرَة الْقَضَاء وَقيل: بل تزَوجهَا وَهُوَ محرم. وَقد أوضحنا ذَلِك فِي كتاب التَّمْهِيد وَفِي كتاب الصَّحَابَة أَيْضا عِنْد ذكرهَا، رَضِي اللَّه عَنْهَا. فَلَمَّا تمت الثَّلَاثَة أَيَّام أوجبت عَلَيْهِ قُرَيْش أَن يخرج عَن مَكَّة، وَلم يمهلوه أَن يَبْنِي بهَا، وَبنى بهَا بسرف.
إِسْلَام عَمْرو بْن الْعَاصِ وخَالِد بْن الْوَلِيد وَعُثْمَان بْن طَلْحَة
وَقيل: أسلم قبل عمْرَة الْقَضَاء -وَقيل بعْدهَا- عَمْرو بْن الْعَاصِ وخَالِد بْن الْوَلِيد وَعُثْمَان بن طَلْحَة.