وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ، يَذْكُرُ عُدَّةَ أَصْحَابِ اللِّوَاءِ يَوْمَ أُحُدٍ:…
– قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: هَذِهِ أَحْسَنُ مَا قِيلَ-
مَنَعَ النَّوْمَ بِالْعَشَاءِ الْهُمُومُ … وَخَيَّالٌ إذَا تَغُورُ النُّجُومُ
مِنْ حَبِيبٍ أَضَافَ قَلْبَكَ مِنْهُ … سَقَمٌ فَهُوَ دَاخِلٌ مَكْتُومُ
يَا لَقَوْمِي هَلْ يَقْتُلُ الْمَرْءَ مِثْلِي … وَاهِنُ الْبَطْش وَالْعِظَام سئوم
لَوْ يَدِبُّ الْحَوْلِيُّ من ولد الذرّ … عَلَيْهَا لَأَنْدَبَتْهَا الْكُلُومُ
شَأْنُهَا الْعِطْرُ وَالْفِرَاشُ وَيَعْلُو … هَا لُجَيْنٌ وَلُؤْلُؤٌ مَنْظُومُ
لَمْ تَفُتْهَا شَمْسُ النَّهَارِ بِشَيْءٍ … غَيْرَ أَنَّ الشَّبَابَ لَيْسَ يَدُومُ
إنَّ خَالِي خَطِيبُ جَابِيَةِ الْجَوْ … لَانِ عِنْدَ النُّعْمَانِ حِينَ يَقُومُ
وَأَنَا الصَّقْرُ عِنْدَ بَابِ ابْنِ سَلْمَى … يَوْمَ نُعْمَانَ فِي الْكُبُولِ سَقِيمُ
وَأَبِيٌّ وَوَاقِدٌ أُطْلِقَا لِي … يَوْمَ رَاحَا وَكَبْلُهُمْ مَخْطُومُ
وَرَهَنْتُ الْيَدَيْنِ عَنْهُمْ جَمِيعًا … كُلُّ كَفِّ جُزْءٍ لَهَا مقسوم
وسطت نسبنى الذَّوَائِبَ مِنْهُمْ … كُلَّ دَارٍ فِيهَا أَبٌ لِي عَظِيمُ
وَأُبَيٌّ فِي سميحة الْقَائِل الْفَاصِل … يَوْمَ الْتَقَتْ عَلَيْهِ الْخُصُومُ
تِلْكَ أَفْعَالُنَا وَفِعْلُ الزِّبَعْرَى … خَامِلٌ فِي صَدِيقِهِ مَذْمُومُ
رُبَّ حِلْمٍ أضاعه عدم المَال … وَجَهْلٌ غَطَّى عَلَيْهِ النَّعِيمُ
لَا تُسَبَّنَّني فَلَسْتَ بِسَبِّي … إنَّ سَبِّي مِنْ الرِّجَالِ الْكَرِيمُ
مَا أُبَالِي أَنَبَّ بِالْحَزْنِ تَيْسٌ … أَمْ لَحَانِي بِظَهْرِ غَيْبٍ لَئِيمُ
وَلِيَ الْبَأْسَ مِنْكُمْ إذْ رَحَلْتُمْ … أَسِرَّةٌ مِنْ بَنِي قُصَيٍّ صَمِيمُ
تِسْعَةٌ تَحْمِلُ اللِّوَاءَ وَطَارَتْ … فِي رَعَاعٍ مِنْ الْقَنَا مَخْزُومُ
وَأَقَامُوا حَتَّى أُبِيحُوا جَمِيعًا … فِي مَقَامٍ وَكُلُّهُمْ مَذْمُومُ
بِدَمٍ عَانِكٍ وَكَانَ حِفَاظًا … أَنْ يُقِيمُوا إنَّ الْكَرِيمَ كَرِيمُ
وَأَقَامُوا حَتَّى أُزِيروا شَعُوبًا … وَالْقَنَا فِي نُحُورِهِمْ مَحْطُومُ
وَقُرَيْشٌ تَفِرُّ مِنَّا لِوَاذًا … أَنْ يُقِيمُوا وَخَفَّ مِنْهَا الْحُلُومُ
لَمْ تُطِقْ حَمْلَهُ الْعَوَاتِقُ مِنْهُمْ … إنَّمَا يَحْمِلُ اللِّوَاءَ النُّجُومُ
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: قَالَ حَسَّانٌ هَذِهِ الْقَصِيدَةَ:
مَنَعَ النَّوْمَ بِالْعِشَاءِ الْهُمُومُ
لَيْلًا، فَدَعَا قَوْمَهُ، فَقَالَ لَهُمْ: خَشِيتُ أَنْ يُدْرِكَنِي أَجَلِي قَبْلَ أَنْ أُصْبِحَ، فَلَا تَرْوُوهَا عَنِّي .
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: أَنْشَدَنِي أَبُو عُبَيْدَة للحجّاج بْنِ عِلَاطٍ السُّلَمِيِّ يَمْدَحُ (أَبَا الْحَسَنِ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ) عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَيَذْكُرُ قَتْلَهُ طَلْحَةَ بْنَ أَبِي طَلْحَةَ ابْن عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ، صَاحِبِ لِوَاءِ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ أُحُدٍ:
للَّه أَيُّ مُذَبِّبٍ عَنْ حُرْمَةٍ … أَعْنِي ابْنَ فَاطِمَةَ الْمُعَمَّ الْمُخْوِلَا
سَبَقَتْ يَدَاكَ لَهُ بِعَاجِلِ طَعْنَةٍ … تَرَكَتْ طُلَيْحَةَ لِلْجَبِينِ مُجَدَّلَا
وَشَدَدْتَ شَدَّةَ بَاسِلٍ فَكَشَفْتهمْ … بِالْجَرِّ إذْ يَهْوُونَ أَخْوَلَ أَخْوَلَا