بَعثه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي شَوَّال وجهز فِي ثَلَاث مائَة وَخمسين يَدْعُو إِلَى الْإِسْلَام من غير قتال فَسَار إِلَى بني جذيمة …
بِنَاحِيَة يَلَمْلَم وَمضى مُصْلِتًا سيف عزمه الَّذِي لَا ينبو وَلَا يتثلم فَلَمَّا انْتهى إِلَيْهِم أقرُّوا بِالْإِسْلَامِ وَذكروا أَنهم أَقَامُوا الصَّلَاة وآمنوا بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْكر مِنْهُم إِطْلَاق السيوف واعتقال الرماح وَلم يقبل مَا اعتذروا بِهِ من خوف الْعَدو فِي حمل السِّلَاح بل أَمرهم بِقَتْلِهِم بعد قبضهم فَقتل بَعضهم وَفك أسر بَعضهم.
فَلَمَّا بلغ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا وَقع برىء إِلَى الله مِمَّا فعل خَالِد وصنع وَبعث عليا فودى قتلاهم وَأَمْوَالهمْ ثمَّ انْصَرف بعد أَن أرضاهم وَأصْلح أَحْوَالهم وَفِي هَذِه السّريَّة يَقُول أحد بني جذيمة من أَبْيَات:
وَلَوْلَا مقَال الْقَوْم للْقَوْم أَسْلمُوا *** للاقت سليم بعد ذَلِك ناطحا
فكائن ترى يَوْم الغميصاء من فَتى *** أُصِيب وَلم يجرج وَقد كَانَ جارحا
فَأَجَابَهُ الْعَبَّاس بن مرداس من أَبْيَات:
فَخَالِد أولى بالتعدد مِنْكُم *** غَدَاة علا نهجا من الْأَمر وَاضحا
معانا بِإِذن الله يزجي إِلَيْكُم *** سوانح لَا تكبو لَهُ وبوارحا