327 هـ
938 م
سنه سبع وعشرين وثلاثمائة

[أخبار]
واخر الحسن بن عبد الله بن حمدان مال ضمان الموصل، فصار الراضي الى تكريت، وانفذ بجكم الى الموصل، فلقيه زواريق فيها هديه ابن حمدان …

فأخذها بجكم، وعبر فيها جيشه الى الجانب الغربي، وسار فالتقى هو وابن حمدان بالكحيل، فانهزم اصحاب بجكم واستؤسر ابو حامد الطالقانى، ثم حمل بجكم بنفسه على ابن حمدان حمله صادقه، فانهزم ابن حمدان رابع المحرم ومضى الى آمد، واتبعه بجكم الى نصيبين، فسار حينئذ الراضي في المساء الى الموصل، وانصرف عنه من تكريت القرامطة، الذين تبعوه الى بغداد مغضبين لتاخر أرزاقهم، فظهر ابن رائق وانضموا اليه.
وكتب الراضي حين بلغته الصورة الى بجكم، فاستخلف على اصحابه، وجاء الى الموصل، فجرى بين اصحابه وبين أهلها فتنه، فركب ووضع فيها السيف، واحرق مواضع في البلد.
ورجع الحسن بن عبد الله بن حمدان الى نصيبين، وانصرف عنها من خلفه بجكم بها، فاخذ اصحاب بجكم يتسللون من الموصل الى بغداد، وينضمون الى ابن رائق، فزاد في قلق بجكم، ولم يعرف ذلك ابن حمدان، فاطلق أبا حامد الطالقانى، وساله ان يسعى في الصلح، وبذل له الف الف درهم فاستأذن بجكم الراضي في ذلك، فاذن له في امضائه، فرد الطالقانى وأبا الحسين بن ابى الشوارب، وانفذ معهما باللواء والخلع.
وصاهر بجكم أبا محمد بن حمدان.
وانفذ ابن رائق أبا جعفر بن شيرزاد الى بجكم يلتمس الصلح.
وانحدر الراضي وبجكم الى بغداد، بعد ان راسلا ابن رائق بقاضى القضاه ابى الحسين، في تمام الصلح، وولوه طريق الفرات وجنديسابور وديار مضر والعواصم، فسار إليها قبل وصولهم.
وبلغ الراضي ان عبد الصمد بن المكتفي راسل ابن رائق ان يتقلد الخلافه، فقبض عليه، ويقال قتله.
وفي جمادى مات الوزير ابو الفتح بن جعفر بن الفرات بالرملة، ودفن هناك.
وشرع ابن شيرزاد في الصلح، بين بجكم والبريدى ثم ضمن البريدى اعمال واسط بستمائة الف دينار.

وزارة البريدى ابى عبد الله للراضى بالله
فلما مات ابو الفتح، شرع ابن شيرزاد للبريدى في الوزارة، فانفذ اليه الراضي بقاضى القضاه ابى الحسين فامتنع من تقلدها، ثم استجاب لذلك، ووليها في رجب، وخلفه ابو بكر محمد بن على البقرى بالحضرة، كما كان ابن الفرات.
ولما تقلد البريدى الوزارة، قال فيه ابو الفرج الاصفهانى قصيده أولها:

يا سماء اسقطى ويا ارض ميدى *** قد تولى الوزارة ابن البريدى
جل خطب وجل امر عضال *** وبداء أشاب راس الوليد
هد ركن الاسلام وانهتك الملك *** ومحت آثاره فهو مودى
اخلقت بهجه الزمان كما اخلق *** طول الزمان وشى البرود
يا لقومى لحر صدري وعولي *** وغليلى وقلبي المعمود
حين سار الخميس يوم خميس *** في البريدى في ثياب سود
سودت اوجه الورى وعلتهم *** إذ علته بذله وهمود
قد حباه بها الامام اصطفاء *** واعتمادا منه بغير عميد
خلع تخلع العلا ولواء *** عقده حل عروه المعقود
كان اولى من لبسه خلع الملك *** بغل يسوده وقيود

وهي قصيده طويله آخرها:

في سبيل الاسلام خير سبيل *** محو رسم الاسلام والتوحيد
لا يسرن غافل بعد هذا *** بوليد لا يرع لفقيد
فاستهلى يا عين بالدمع سحا *** وقليل ان تذرفى وتجودى

وحكى ان البريدى ابو عبد الله قال لندمائه: من فيكم يحفظ قصيده الاصفهانى التي هجانى بها؟ فأنكروا مع معرفتها، فقال: بحقي عليكم انشدونى إياها فقال احدهم: اما مع قسمك فنعم فلما بلغ الى قوله.
وكان احد قواد بجكم ابراهيم بن احمد أخو نصر بن احمد، صاحب خراسان فقلده بجكم الشرطه ببغداد.
وعمل ابراهيم لبجكم دعوه، جمع طباخى دار الخلافه لها، وانفق فيها زياده على عشرين الف دينار.