قدم فيها على بن عيسى من مكة، فقلده المقتدر وزارته وخلع عليه، وسلم الخاقانى اليه، فصادره وأسبابه مصادره قريبه، وصان حرم الخاقانى …
واعتمد على على بن عيسى لما اشتهر عنه من افاضه المعروف وعماره الثغور والجوامع والمارستانات في سائر الأوقات، ورد المظالم بها، وكتب في ذلك كتابا اوله:
بسم الله الرحمن الرحيم، سبيل ما يرفعه إليك كل واحد من المتظلمين قبل النوروز من مظلمته، ويدعى انه تلف بالآفة من غلته، ان تعتمد في كشف حاله على اوثق ثقاتك، واصدق كفاتك حتى يصح لك امره، فتزيل الظلم عنه، وترفعه، وتضع الإنصاف موضعه، وتحتسب من المظالم بما يوجب الوقوف عليه حسبه، وتستوفى الخراج بعده، من غير محاباه للاقوياء، ولا حيف على الضعفاء واعمل بما رسم لك ما يظهر ويذيع ويشتهر ويشيع، ويكون العدل به على الرعية كاملا، وللانصاف شاملا ان شاء الله.
وساس على بن عيسى الدنيا السياسة المشهوره، التي عمرت البلاد، حتى قال له ابن الفرات لما ناظره: قد اسقطت من مال امير المؤمنين خمسمائة الف دينار في السنه، فقال: لم استكثر هذا المقدار في جنب ما حططته عن امير المؤمنين من الأوزار، لأنني حططت المكس بمكة، والتكمله بفارس، وجبايه الخمور بديار ربيعه، ولكن انظر الى نفقاتى ونفقاتك، وضياعي وضياعك فاسكته.
وزادت في ايامه العمارة وتضاعف الزراعة، حين كتب اليه عامله: ان قوما يبادوريا لا يؤدون الخراج، فان امرت عاقبناهم، فكتب اليه: ان الخراج دين، ولا يجب فيمن امتنع عن أداء الدين غير الملازمة، فلا تتعد ذاك الى غيره والسلام.
ومما استحسن من افعال الخاقانى بعد عزله، ان قوما زوروا عليه باطلاقات ومسامحات، فانفذ بها على بن عيسى يسأله عنها ليمضى منها ما اعترف به، فصادفه الرسول يصلى فلما راى ابنه يتأمل التوقيعات، قطع صلاته وقال: هذه توقيعاتى صحيحه، الوزير يرى رايه فيمضى ما آثر منها، ويعرض على ما أحب منها والتفت الى ابنه حين خرج الرسول فقال: اردت ان نتبغض الى الناس فتكون السبب في رد ما تضمنته، ويتنزه على بن عيسى من ذلك، فلم لا نتحبب بالاعتراف بها، فان أمضاها حمدنا وان ردها عذرنا.
وقصد القواد على بن عيسى، بإسقاطه الزيادات التي زادها ابن الفرات، ووقعوا فيه وثلبوه.
وفي هذه السنه، خلع على الأمير ابى العباس بن المقتدر- وهو الذى ولى الخلافه ولقب بالراضى- واستخلف له مؤنس.
وفيها انفذ على بن احمد الراسبى الحسين بن منصور الحلاج وقد قبض عليه بالسوس، فشهر على جمل ببغداد، وصلب وهو حي وظهر عنه بانه ادعى انه الله.
ومات الراسبى بعد قليل، فاخذ السلطان من ماله الف الف دينار.
وفيها ورد الخبر بان اسماعيل بن احمد صاحب خراسان قتله غلمانه على شاطئ نهر بلخ، وقام ابنه ابو الحسن نصر مقامه وانفذ اليه الخليفة عهده.
وفيها ورد الخبر بان خادما صقلابيا لأبي سعيد الجنابى قتله وخرج، فلم يزل يستدعى قائدا قائدا ويقتله، حتى قتل جماعه، ففطن به النساء فصحن بالأمر، فقام ابو طاهر سليمان بن الحسن مقام ابيه.
واتى القرامطة في هذه السنه البصره في ثلاثين فارسا، والناس في صلاه الجمعه، فقتلوا الموكلين بالباب ومن خرج اليهم من المطوعة وبلغ الخبر امير البصره محمد بن إسحاق بن بنداحيق فغلق الأبواب .