ففيها كان الفداء بين المسلمين والروم على يدي ثابت بن نصر بن مالك …
ذكر الخبر عن مسير الرشيد الى خراسان
وفيها وافى الرشيد من الرقة في السفن مدينة السلام، يريد الشخوص إلى خراسان لحرب رافع، وكان مصيره ببغداد يوم الجمعة لخمس ليال بقين من شهر ربيع الآخر، واستخلف بالرقة ابنه القاسم، وضم إليه خزيمة بْن خازم، ثم شخص من مدينة السلام عشية الاثنين، لخمس خلون من شعبان بعد صلاة العصر، من الخيزرانية، فبات في بستان أبي جعفر، ثم سار من غد إلى النهروان، فعسكر هنالك، ورد حماد البربري إلى أعماله، واستخلف ابنه محمدا بمدينة السلام.
وذكر عن ذي الرياستين أنه قَالَ: قلت للمأمون لما أراد الرشيد الشخوص إلى خراسان لحرب رافع: لست تدري ما يحدث بالرشيد وهو خارج إلى خراسان، وهي ولايتك، ومحمد المقدم عليك! وإن أحسن ما يصنع بك أن يخلعك، وهو ابن زبيدة، وأخواله بنو هاشم، وزبيدة وأموالها، فاطلب إليه أن يشخصك معه فسأله الإذن فأبى عليه، فقلت له: قل له: أنت عليل، وإنما أردت أن أخدمك، ولست أكلفك شيئا فأذن له وسار.
فذكر محمد بْن الصباح الطبري أن أباه شيع الرشيد حين خرج إلى خراسان، فمضى معه إلى النهروان، فجعل يحادثه في الطريق إلى أن قَالَ له: يا صباح، لا أحسبك تراني أبدا قَالَ: فقلت: بل يردك الله سالما، قد فتح الله عليك، وأراك في عدوك أملك قَالَ: يا صباح، ولا أحسبك تدري ما أجد! قلت: لا والله، قَالَ: فتعال حتى أريك، قَالَ: فانحرف عن الطريق قدر مائة ذراع، فاستظل بشجرة، وأومأ إلى خدمه الخاصة فتنحوا، ثم قَالَ: أمانة الله يا صباح أن تكتم علي، فقلت: يا سيدي، عبدك الذليل تخاطبه مخاطبة الولد! قَالَ: فكشف عن بطنه، فإذا عصابة حرير حوالي بطنه، فقال: هذه علة أكتمها الناس كلهم، ولكل واحد من ولدي علي رقيب، فمسرور رقيب المأمون، وجبريل بْن بختيشوع رقيب الأمين- وسمى الثالث فذهب عني اسمه- وما منهم أحد إلا وهو يحصي أنفاسي، ويعد أيامي، ويستطيل عمري، فإن أردت أن تعرف ذلك فالساعة أدعو بدابة، فيجيئونني ببرذون أعجف قطوف، ليزيد في علتي، فقلت: يا سيدي ما عندي في الكلام جواب، ولا في ولاة العهود، غير أني أقول: جعل الله من يشنؤك من الجن والإنس والقريب والبعيد فداك، وقدمهم إلى تلك قبلك، ولا أرانا فيك مكروها أبدا، وعمر بك الله الإسلام، ودعم ببقائك أركانه، وشد بك أرجاءه، وردك الله مظفرا مفلحا، على أفضل أملك في عدوك، وما رجوت من ربك قَالَ: أما أنت فقد تخلصت من الفريقين.
قَالَ: ثم دعا ببرذون، فجاءوا به كما وصف، فنظر إلي فركبه، وقال انصرف غير مودع، فإن لك أشغالا، فودعته وكان آخر العهد به.
وفيها تحرك الخرمية بناحية أذربيجان، فوجه إليهم الرشيد عبد الله بْن مالك في عشرة آلاف فارس، فأسر وسبى، ووافاه بقرماسين، فأمر بقتل الأسارى وبيع السبي.
وفيها مات علي بْن ظبيان القاضي بقصر اللصوص.
وفيها قدم يحيى بْن معاذ بأبي النداء على الرشيد وهو بالرقة فقتله وفيها فارق عجيف بْن عنبسة والأحوص بْن مهاجر في عدة من أبناء الشيعة رافع بْن ليث، وصاروا إلى هرثمة.
وفيها قدم بابن عائشة وبعدة من أهل أحواف مصر.
وفيها ولى ثابت بْن نصر بْن مالك الثغور وغزا، فافتتح مطمورة.
وفيها كان الفداء بالبدندون.
وفيها تحرك ثروان الحروري، وقتل عامل السلطان بطف البصرة وفيها قدم بعلي بْن عيسى بغداد، فحبس في داره.
وفيها مات عيسى بْن جعفر بطرارستان- وقيل بالدسكرة- وهو يريد اللحاق بالرشيد.
وفيها قتل الرشيد الهيصم اليماني.
وحج بالناس في هذه السنة العباس بْن عبيد الله بْن جعفر بْن أبي جعفر المنصور.