فيها مات ميسرة الحقير الصفري ببلاد المغرب، فافترقت الصفرية فرقتين: فرقة عليها خالد بن حميد، وفرقة عليها سالم أبو يوسف الأزدي، …
فسار إليهم كلثوم بن عياض فاجتمعا جميعا، فلقيا كلثوم بن عياض على واد من أودية طنجة، فقتل كلثوم ومحمد بن عبيد الله الأزدي ويزيد بن سعيد بن عمرو الحرشي وحبيب بن أبي عبيدة، واستباحوا عسكر كلثوم وسبوا الذرية، وانهزم بلج بن بشر ابن عم كلثوم بالناس واتبعهم أبو يوسف بن حميد، وفي ساقة بلج بن بشر حسان بن غنابة، فلما غشوه قاتلهم وصبر لهم فهزمهم، وقتل أبو يوسف وناس كثير من الصفرية، والصفرية على هزيمتها، ومضى بلج وأصحابه.
فنزلوا الحصن، فعقد لأبي الخطار الكلبي على الناس واستنفرهم، فأبى الناس وقالوا: اعقد لعبد الرحمن بن عقبة الغفاري، فعقد له، فلقي عكاشة الفزاري بالفحص الأبيض، فهزمه عبد الرحمن وقتل من البربر ناسا كثيرا، ومضى عبد الرحمن فنزل الزاب فصام فيه شهر رمضان، ومضى الفزاري من هزيمته إلى طنجة، فلقيه عبد الواحد بن يزيد الهواري، وقد وجهه خالد بن حميد صاحب الصفرية لقتال أهل إفريقية ورد معه الفزاري، فكتب حنظلة إلى عبد الرحمن بن عقبة بن نافع يأمره بلقاء عبد الواحد بن يزيد، فخرج عبد الرحمن في أهل الزاب فالتقوا يوم الخميس للنصف من ذي القعدة سنة أربع وعشرين ومائة، فقتل عبد الرحمن بن عقبة ومروان بن عثمان الغساني ومحمد بن يوسف في بشر، وقدم الفل القيروان على حنظلة، واستولى عبد الواحد على عيالات أهل طبنة، فعقد حنظلة لثابت بن خثيم، فزحف عبد الواحد أول يوم من صفر سنة خمس وعشرين ومائة فالتقوا فقتل ابن خثيم وانهزم الناس، فكتب حنظلة إلى المستنير بن الحارث الحرشي عامله على تونس: إن قويتم على محاربة القوم وإلا فاقدموا فقدم ومعه العيالات.
وبلغ خالد بن حميد رأس الصفرية بطنجة أن عبد الواحد قد سلم عليه بالخلافة، فوجه عبد الأعلى زرزرا مولى موسى بن نصير في خيل وأمره أن يحل لواء عبد الواحد وولى أمر أصحابه، وبلغ عبد الواحد فسار يريد القيروان، فلقيتهم خيل حنظلة، فقتل عبد الواحد وانهزمت البربر وقتل منهم مقتلة عظيمة ونادى منادي حنظلة بالأمان، ومضى عكاشة الفزاري منهزما، فأخذه قوم فشدوه وثاقا، وبعثوا بها إلى حنظلة وسألوه الأمان، فقتله حنظلة، و ولت الصفرية، وسكنت البلاد.
وفي سنة أربع وعشرين ومائة: ثارت البربر بالأندلس، وعكاشة بن أيوب الفزاري يقابس بإفريقية على غير هوى يدعو إليه، وعامل إفريقية يومئذ عبد الرحمن بن عقبة الغفاري خليفة لكلثوم، فوجه مسلم بن سوادة الفهري فهزمهم عكاشة حتى دخل القيروان، ومضى عكاشة إلى مدينة قابس وبها عبد الأعلى بن عقبة وسعيد بن بجرة الغساني، فحاصرهم ونصب عليها المجانيق فلم يصل إليهما ومضى إلى قفصة فحاصرها، وقدم على عبد الرحمن بن عقبة فل كلثوم، فنهض بهم واستخلف على القيروان عبد الحميد بن ذؤيب السهمي، وأقبل عكاشة نحوه فالتقوا في صفر سنة أربع وعشرين ومائة، فانهزم عكاشة الغزاري فلحق بطبنة، ورجع عبد الرحمن إلى القيروان، وولى هشام بن عبد الملك حنظلة بن صفوان الكلبي فقدمها في النصف من جمادى الأولى سنة أربع وعشرين ومائة.
وأقام الحج محمد بن هشام بن اسماعيل.
وفي سنة أربع وعشرين ومائة: مات محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ليلة الثلاثاء لسبع عشرة خلت من شهر رمضان ومحمد بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بالشام، والقاسم بن أبي بزة بمكة، وأبو جمرة الضبعي بالبصرة، ومحمد بن عبد الرحمن من ولد سعد بن زرارة بالمدينة، وفي آخر ولاية هشام مات عامر بن عبد الله بن الزبير بن العوام.