وقتها وجهتها …
قال ابن سعد: ثم سرية غالب بن عبد اللّٰه الليثي إلى بني الملُوَِّح ب الكديد في صفر سنة ثمان. قال: أنا عبد اللّٰه بن عمرو أبو معمر، فثنا عبد الوارث بن سعيد، فثنا محمد بن إسحاق، عن يعقوب بن عتبة، عن مسلم بن عبد اللّٰه الجهني، عن جندب بن مكيث الجهني، قال: بعث رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم غالب بن عبد اللّٰه الليثي ثم أحد بني كلاب بن عوف في سرية كنت فيهم، وأمرهم أن يشنوا الغارة على بني الملوح ب الكديد، وهم من بني ليث.
أحداث المسير
قال: فخرجنا، حتى إذا كنا ب الكديد لقينا الحارث بن البرصاء الليثي فأخذناه، فقال: إنما جئت أريد الإسلام، وإنما خرجت إلى رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم، قلنا: إن كنت مسلمًا لم يضرك رباطنا يومًا وليلة، وإن كنت على غير ذلك نستوثق منك، قال: فشددناه، وثاقاً، وخلفنا عليه رويجلاً منا أسود، فقلنا: إن نازعك فاحتز رأسه، فسرنا حتى أتينا الكديد عند غروب الشمس، فكما في ناحية الوادي.
استطلاع القوم
وبعثني أصحابي ربيئة لهم ، فخرجت حتى أتيت تلًّا مشرفاً على الحاضر يطلعني عليهم، حتى إذا أسندت فيه علوت على رأسه ثم اضطجعت عليه.
شعور القوم بجندب
قال: فإني لأنظر إذا خرج رجل منهم من خباء له، فقال لامرأته: إني لأنظر على هذا الجبل سوادًا ما رأيته أول من يومي هذا، فانظري إلى أوعيتك لا تكون الكلاب جَرّت منها شيئاً، قال: فنظرت، فقالت: واللّٰه ما أفقد من أوعيتي شيئاً.
إصابة جندب وصلابته
قال: فناوليني قوسي ونبلي، فناولته قوسه وسهمين معها، فأرسل سهمًا، فوالله ما أخطأ بين عيني، قال: فانتزعته فوضعته وثبت مكاني، ثم أرسل آخر فوضعه في منكبي فانتزعته، فوضعته وثبت مكاني، قال: فقال لامرأته: واللّٰه لو كانت ربيئة لقد تحركت بعد، واللّٰه لقد خالطها سهمان لا أبا لك، فإذا أصبحت فانظريهما لا تمضغهما الكلاب. قال: ثم دخل، وراحت الماشية من إبلهم وأغنامهم.
شن الغارة
فلما احتلبوا واطمأنوا فناموا، شننا عليهم الغارة، واستقنا النعم، قال: فخرج صريخ القوم في قومهم، فجاء ما لا قبل لنا به، فخرجنا به نحدرها، حتى مررنا بابن البرصاء فاحتملناه واحتملنا صاحبنا.
المواجهة
فأدركنا القوم، حتى نظروا إلينا ما بيننا وبينهم إلا الوادي، ونحن موجهون في ناحية الوادي.
إنقاذ اللّٰه لهم
إذ جاء اللّٰه بالوادي من حيث شاء يملأ جنبيه ماء، واللّٰه ما رأينا يومئذ سحابًا ولا مطرًا، فجاء بما لا يستطيع أحد أن يجوزه، فلقد رأيتهم وقوفاً ينظرون إلينا وقد أسندناها في المسيل. وقال الواقدي في المشَُلّل- بدل المسيل- نحدرها، وفتُْناَهم فوتًا لا يقدون فيه على طلبنا، قال: وكانوا بضعة عشر رجلاً.