وفي رجب أرسل عليه الصلاة والسلام أبا عبيدة عامر بن الجرّاح في ثلاثمائة فارس لغزو قبيلة جهينه التي تسكن ساحل البحر، …
وزوّد عليه الصلاة والسلام هذا الجيش جرابا من التمر، فساروا حتى إذا وصلوا الساحل أقاموا فيه نحو نصف شهر ينتظرون العدو، وقد فني زادهم حتى أكلوا الخبط – وهو ورق السّمر يبلونه بالماء ويأكلونه إلى أن تقرّحت أشداقهم، وكان في القوم الكريم ابن الكريم قيس بن سعد بن عبادة فنحر لهم ثلاث جزر في كل يوم جزور. وفي اليوم الرابع أراد أن ينحر فنهاه رئيسه أبو عبيدة لأن قيسا كان أخذ تلك الجزر بدين على أبيه، فخاف أبو عبيدة ألّا يفي له أبوه بما استدان، فقال قيس: أترى سعدا يقضي ديون الناس، ويطعم في المجاعة، ولا يقضي دينا استدنته لقوم مجاهدين في سبيل الله؟! ولما يئسوا من لقاء عدوهم رجعوا إلى المدينة، فقال قيس بن سعد لأبيه: كنت في الجيش فجاعوا، قال انحر، قال نحرت، قال: ثم:
جاعو قال: انحر، قال: نحرت، قال: ثم جاعوا، قال: انحر، قال: نحرت قال: ثم جاعوا، قال: انحر، قال: نهيت.