وفي هذه السنة زوَّج عليه الصلاة والسلام بنته أُم كلثوم لعثمان بن عفان بعد أن ماتت رقية عنده، ولذلك كان يُسَمَّى ذا النورين …
وفيها تزوَّج عليه الصلاة والسلام حفصة بنت عمر بن الخطاب، وأُمُّها أخت عثمان بن مظعون، وكانت قبله تحت خُنيس بن حذافة السهمي رضي الله عنه، فتوفي عنها بجراحة أصابته ببدر، وفيها تزوج عليه الصلاة والسلام زينبَ بنت خزيمة الهلالية من بني هلال بن عامر، كانت تدعى في الجاهلية أُم المساكين لرأفتها وإحسانها إليهم، وكانت قبله تحت عبد اللهبن جحش، فقُتل عنها بأُحُد وهي أخت ميمونة بنت الحارث لأمها، وفيها ولد الحسن بن علي رضي الله عنهما. وفيها حُرمت الخمر، وكان تحريمها بالتدريج، لما كان عليه العرب من المحبة الشديدة لها، فيصعب إذاً تحريمها دفعة واحدة، وكان ذلك التحريم تابعاً لحوادث تُنَفِّر عنها، لأن المنكر إذا أُسند تحريمه لحادثة أقرّ الجميع على تقبيحها كان ذلك أشدّ تأثيراً في النفس. فأولُ ما بُيِّن فيها قوله تعالى في سورة البقرة: {يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَآ إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} [البقرة: 219]. فمنفعة الميسر التصدق بربحه على الفقراء كما كانت عادة العرب، ومنفعة الخمر تقوية الجسم، ولما شربها بعض المسلمين وخلَّط في القراءة حُرِّمت الصَّلاة على السكران، فقال تعالى في سورة النساء: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصلاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ} [النساء: 43] ولما حدثَ من شربها اعتداء بعض المسلمين على إخوانهم حُرِّمت قطعياً بقوله تعالى في سورة المائدة: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالاْنصَابُ وَالاْزْلاَمُ رِجْسٌ مّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَآء فِى الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُّنتَهُونَ} [المائدة: 90- 91] وقد أجاب المسلمون على ذلك بقولهم: انتهينا، فليُجب المسلمون الآن.