قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: مُسَوِّمِينَ: مُعْلَمِينَ. بَلَغَنَا عَنْ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ:…
أَعْلَمُوا عَلَى أَذْنَابِ خَيْلِهِمْ وَنَوَاصِيهَا بِصُوفِ أَبْيَضَ. فَأَمَّا ابْنُ إسْحَاقَ فَقَالَ: كَانَتْ سِيمَاهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ عَمَائِمَ بِيضًا. وَقَدْ ذَكَرْتُ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ بَدْرٍ.
وَالسِّيمَا: الْعَلَامَةُ. وَفِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} [الفتح: 29]: أَيْ عَلَامَتُهُمْ. وَ {حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ. مُسَوَّمَةً} [هود: 82-83] يَقُولُ: مُعْلَمَةً. بَلَغَنَا عَنْ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: عَلَيْهَا عَلَامَةٌ، أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ حِجَارَةِ الدُّنْيَا، وَأَنَّهَا مِنْ حِجَارَةِ الْعَذَابِ. قَالَ رُؤْبَةُ بْنُ الْعَجَّاجِ:
فَالْآنَ تُبْلَى بِي الْجِيَادُ السَّهَمُ … وَلَا تُجَارِينِي إذَا مَا سَوَّمُوا
وَشَخَصَتْ أَبْصَارُهُمْ وَأَجْذَمُوا
(أَجْذَمُوا «بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ» : أَيْ أَسْرَعُوا، وَأَجْدَمُوا «بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ» :
أَقْطَعُوا) [2] .
وَهَذِهِ الْأَبْيَاتُ فِي أُرْجُوزَةٍ لَهُ. وَالْمُسَوَّمَةُ (أَيْضًا) : الْمَرْعِيَّةُ. وَفِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ} [آل عمران: 14] و {شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ} [النحل: 10]. تَقُولُ الْعَرَبُ:
سَوَّمَ خَيْلَهُ وَإِبِلَهُ، وَأَسَامَهَا: إذَا رَعَاهَا. قَالَ الْكُمَيْت من زَيْدٍ:
رَاعِيًا كَانَ مُسْجِحًا فَفَقَدْنَاهُ … وَفَقْدُ الْمُسِيمِ هُلْكُ السَّوَامِ
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: مُسْجِحًا: سَلِسُ السِّيَاسَةِ مُحْسِنٌ (إلَى الْغَنَمِ) . وَهَذَا الْبَيْتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ. {وَما جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرى لَكُمْ، وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ، وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} [آل عمران: 126]: أَيْ مَا سَمَّيْتُ لَكُمْ مَنْ سَمَّيْتُ مِنْ جُنُودِ مَلَائِكَتِي إلَّا بُشْرَى لَكُمْ، وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ، لِمَا أَعْرِفُ مِنْ ضَعْفِكُمْ، وَمَا النَّصْرُ إلَّا مِنْ عِنْدِي، لِسُلْطَانِي وَقُدْرَتِي، وَذَلِكَ أَنَّ الْعِزَّ وَالْحُكْمَ إلَيَّ، لَا إلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِي. ثُمَّ قَالَ: {لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خائِبِينَ} [آل عمران: 127]: أَيْ لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ بِقَتْلٍ يَنْتَقِمُ بِهِ مِنْهُمْ، أَوْ يَرُدَّ هُمْ خَائِبِينَ: أَيْ وَيَرْجِعُ مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ فَلًّا خَائِبِينَ، لَمْ يَنَالُوا شَيْئًا مِمَّا كَانُوا يَأْمُلُونَ.