لما أَرَادَ الله تَعَالَى نصر نبيه وَإِظْهَار دينه وإنجاز مَا وعده بِهِ من رفع ذكره وتمكينه سَاقه إِلَى الْأَوْس والخزرج الَّذين ألْجم التَّوْفِيق خيل جبلتهم …
وأسرج وانْتهى مِنْهُم إِلَى نفر بزغ نجم سعدهم وَظهر فَجَلَسَ إِلَيْهِم وَأمرهمْ بِالْإِيمَان ودعاهم إِلَى الله وَقَرَأَ عَلَيْهِم الْقُرْآن فتلقوا أمره بِالْقبُولِ واستجابوا لله وَلِلرَّسُولِ ثمَّ انصرفوا فِي أسر الْأَحْوَال وَكَانُوا ثَمَانِيَة أَو سِتَّة على اخْتِلَاف الْأَقْوَال.
فَلَمَّا كَانَ الْمَوْسِم الْجَامِع بِمَكَّة عجمه وعربه لقِيه اثنى عشر رجلا مِنْهُم لَيْلًا عِنْد الْعقبَة فأسلموا وَبَايَعُوا واقتفوا آثَار الْأَبْرَار وتابعوا وَصَدقُوا وآمنوا وعَلى الْبر وَالتَّقوى تعاونوا ثمَّ رجعُوا إِلَى الْمَدِينَة معلنين بِالْإِسْلَامِ فرحين بِمَا حصل لَهُم من الْهِدَايَة والعناية وَالْإِكْرَام.
لقد أحرز الْأَنْصَار مجدا مؤثلا *** وفازوا بخصل السَّبق والمنزل الْأَسْنَى
دنوا وأفادوا واستفادوا وَأَقْبلُوا *** على حفظ مَا يبْقى وجادوا بِمَا يفنى
وماذا يَقُول النَّاس فِي وصف معشر *** عَلَيْهِم رَسُول الله بِالْخَيرِ قد أثنى
وَفِيهِمْ يَقُول النُّعْمَان بن كثير
بهاليل من أَوْلَاد قبْلَة لم يجد *** خليط عَلَيْهِم فِي مُخَالطَة عتبا
مساميح أبطال يراجون للندى *** يرَوْنَ عَلَيْهِم فعل آبَائِهِم نحبا