اعلم أن كتاب الله العزيز منطو على وجوه من الإعجاز كثيرة …
وتحصيلها من جهة ضبط أنواعها في أربعة:
أولها: حسن تأليفه، والتئام كلمه، وفصاحته ، ووجوه إيجازه، وبلاغته الخارقة عادة العرب، وذلك أنهم كانوا أرباب هذا الشأن، وفرسان الكلام، قد خصّوا من البلاغة والحكم بما لم يخصّ به غيرهم من الأمم، وأوتوا من ذرابة اللسان ما لم يؤت إنسان، ومن فصل الخطاب ما يقيّد الألباب، جعل الله لهم ذلك طبعا وخلقة، وفيهم غريزة وقوة، يأتون منه على البديهة بالعجب، ويدلون به إلى كل سبب، يخطبون بديها في المقامات، وشديد الخطب، ويرتجزون به بين الطعن والضرب، ويمدحون ويقدحون، ويتوسّلون، ويتوصّلون، ويرفعون ويضعون، فيأتون من ذلك بالسحر الحلال، ويطوّقون من أوصافهم أجمل من سمط اللال، فيخدعون الألباب، ويذلّلون الصعاب، ويذهبون الإحن، ويهيجون الدّمن ويجرّئون الجبان، ويبسطون يد الجعد البنان ويصيرون الناقص كاملا، ويتركون النبيه خاملا. منهم البدوي ذو اللفظ الجزل، والقول الفصل، والكلام الفخم، والطّبع الجوهري، والمنزع القوي، ومنهم الحضري، ذو البلاغة البارعة، والألفاظ الناصعة، والكلمات الجامعة، والطّبع السّهل، والتصرّف في القول القليل الكلفة، الكثير الرّونق، الرقيق الحاشية. وكلاهما له في الحجة البلاغة البالغة، والقوة الدامغة، والقدح الفالج، والمهيع الناهج، لا يشكّون أنّ الكلام طوع مرادهم، والبلاغة ملك قيادهم، قد حووا فنونها، واستنبطوا عيونها، ودخلوا من كل باب من أبوابها، وعلوا صرحا لبلوغ أسبابها، فقالوا في الخطير والمهين، وتفنّنوا في الغث والسمين، وتقاولوا في القّل والكثر، وتساجلوا في النظم والنثر، فما راعهم إلّا رسول كريم بكتاب عزيز، {لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت: 42] أحكمت آياته، وفصّلت كلماته، وبهرت بلاغته العقول، وظهرت فصاحته على كل مقول، وتضافر إيجازه وإعجازه، وتظاهرت حقيقته ومجازه، وتبارت في الحسن مطالعه ومقاطعه، وحوت كلّ البيان جوامعه وبدائعه، واعتدل مع إيجازه حسن نظمه، وانطبق على كثرة فوائده مختار لفظه، وهم أفسح ما كانوا في هذا الباب مجالا، وأشهر في الخطابة رجالا، وأكثر في السّجع والشعر ارتجالا، وأوسع في الغريب واللغة مقالا؛ بلغتهم التي بها يتحاورون، ومنازعهم التي عنها يتناضلون، صارخا بها في كل حين، ومقرعا لهم بضعا وعشرين عاما على رؤوس الملأ أجمعين: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ} [يونس: 38]
{وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا} [البقرة: 23-24] {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً} [الإسراء: 88]، {قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ} [هود: 13].
فلم يزل يقرّعهم أشدّ التقريع. ويوبّخهم غاية التوبيخ، ويسفّه أحلامهم، ويحط أعلامهم، ويشتّت نظامهم. ويذمّ الهتم واباءهم، ويستبيح أرضهم وديارهم وأموالهم، وهم في كل هذا ناكصون عن معارضته.
محجمون عن مماثلته. يخادعون أنفسهم بالتشغيب بالتكذيب، والاعتراء بالافتراء، وقولهم: {إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ} [المدثر: 24]. و {سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} [القمر: 2] {إِفْكٌ افْتَراهُ} [الفرقان: 4] و {أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ} [الأنعام: 25] والمباهتة، والرضا بالدنية. كقولهم: {قُلُوبُنا غُلْفٌ} [البقرة: 88]، {وفِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ} [فصلت: 5] و{لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ} [فصلت: 26] والادعاء مع العجز كقولهم: {لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا} [الأنفال: 31] وقد قال لهم: {وَلَنْ تَفْعَلُوا} [البقرة: 24] فما فعلوا ولا قدروا. ومن تعاطى ذلك من سخفائهم كمسيلمة، كشف عواره لجميعهم، وسلبهم الله ما ألفوه من فصيح كلامهم، وإلّا فلم يخف على أهل الميز منهم أنه ليس من نمط فصاحتهم، ولا جنس بلاغتهم؛ بل ولّوا عنه مدبرين، وأتوا إليه مذعنين من بين مهتد وبين مفتون.
وأنت إذا تأملت قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ} [البقرة: 179] وقوله: {وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ} [سبأ: 51] وقوله: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت: 34] وقوله: {وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْماءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [هود: 44] وقوله: {فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا وَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [العنكبوت: 40] وأشباهها من الاي، بل أكثر ايات القران حقّقت ما بيّنته من إيجاز ألفاظها، وكثرة معانيها، وديباجة عبارتها، وحسن تأليف حروفها، وتلاؤم كلمها، وأنّ تحت كلّ لفظة منها جملا كثيرة، وفصولا جمّة، وعلوما زواخر، ملئت الدواوين من بعض ما استفيد منها، وكثرة المقالات في المستنبطات عنها.
ثم هو في سرد القصص الطوال، وأخبار القرون السوالف، التي يضعف في عادة الفصحاء عندها الكلام، ويذهب ماء البيان، آية لمتأمّله، من ربط الكلام بعضه ببعض، والتئام سرده، وتناصف وجوهه، كقصة يوسف على طولها. ثم إذا ترددت قصصه اختلفت العبارات عنها على كثرة تردّدها، حتى تكاد كلّ واحدة ينسي في البيان صاحبتها. وتناصف في الحسن وجه مقابلتها، ولا نفور للنفوس من ترديدها، ولا معاداة لمعادها.
الوجه الثاني من إعجاز القران: صورة نظمه العجيب، والأسلوب الغريب المخالف لأساليب كلام العرب ومناهج نظمها ونثرها الذي جاء عليه، ووقفت عليه مقاطع ايه، وانتهت فواصل كلماته إليه، ولم يوجد قبله ولا بعده نظير له، ولا استطاع أحد مماثلة شيء منه، بل حارت فيه عقولهم، وتدلّهت «1» دونه أحلامهم، ولم يهتدوا إلى مثله في جنس كلامهم من نثر، أو نظم، أو سجع، أو رجز، أو شعر.
والإعجاز بكل واحد من النوعين، والإيجاز والبلاغة بذاتها، أو الأسلوب الغريب بذاته، كلّ واحد منهما نوع إعجاز على التحقيق، لم تقدر العرب على الإتيان بواحد منهما، إذ كل واحد منهما خارج عن قدرتها، مباين لفصاحتها وكلامها.
الوجه الثالث من الإعجاز: ما أنطوى عليه من الأخبار بالمغيّبات، وما لم يكن ولم يقع، فوجد كما ورد، وعلى الوجه الذي أخبر به كقوله تعالى: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} [الفتح: 27] وقوله عن الروم: {وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ} [الروم: 3-4] وقوله: {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} [الصف: 9] وقوله: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً} [النور: 55] وقوله: {إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْواجاً} [النصر: 1-2] فكان جميع هذا، كما أخبر فغلبت الروم فارس في بضع سنين، ودخلت الناس في الإسلام أفواجا، واتّسع ملك المسلمين حتى كان لهم في وقت من أقصى بلاد الأندلس غربا إلى أقاصي الهند شرقا، ومن بلاد الأناضول شمالا إلى أقاصي السودان جنوبا وقوله: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ} [الحجر: 9] فكان كذلك إلى الان والحمد لله، وقوله: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} [القمر: 45] فكان كذلك في بدر والاية نزلت بمكة، وقوله: {قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ} [التوبة: 14] فكان كذلك مما اطّلع عليه قارىء هذه السيرة، وما فيه من كشف أسرار المنافقين واليهود، ومقالهم وكذبهم في حلفهم، كقوله: {وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِما نَقُولُ} [المجادلة: 8] وقوله: {يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ ما لا يُبْدُونَ لَكَ} [آل عمران: 154] وقوله: {مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنا وَعَصَيْنا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَراعِنا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ} [النساء: 46] إلى غير ذلك من الايات البيّنات.
الوجه الرابع: ما أنبأ به من أخبار القرون السالفة، والأمم البائدة، والشرائع الدّاثرة، مما كان لا يعلم منه القصة الواحدة إلّا الفذّ من أحبار أهل الكتاب، الذي قطع عمره في تعلّم ذلك، فيورده عليه الصلاة والسلام على وجهه، ويأتي به على نصّه، فيقرّ العالم بذلك بصحّته وصدقه، وأنّ مثله لم ينله بتعليم. وقد علموا أنه صلّى الله عليه وسلّم أميّ لا يقرأ ولا يكتب، ولا اشتغل بمدارسة ولا مجالسة، لم يغب عنهم، ولا جهل حاله أحد منهم.
وقد كان أهل الكتاب كثيرا ما يسألونه صلّى الله عليه وسلّم عن هذا، فينزل عليه من القرآن ما يتلو عليهم منه ذكرا: كقصص الأنبياء، وبدء الخلق، وما في الكتب السابقة، مما صدّقه فيها العلماء بها، ولم يقدروا على تكذيب ما ذكر منها، ولم يؤثر أن واحدا منهم أظهر خلاف قوله من كتبه، ولا أبدى صحيحا ولا سقيما من صحفه بعد أن قرّعهم، ووبّخهم بقوله: {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ} [آل عمران: 93] .
ومما يدل على أنّ أهل الكتاب يعلمون صدقه ما تحداهم فيه الله بقوله: {قُلْ إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ} [البقرة: 94] ثم حتّم عدم إجابتهم بقوله: {وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ} [البقرة: 95] فما سمع عن أحد منهم أنه تمنّى ذلك، ولو بلسانه، مع أنهم كانوا أحرص الناس على تكذيبه. ومثل ذلك ما فعله أهل نجران حينما دعاهم للمباهلة فأبوا، وقد قدّمنا ذلك في فصل وفودهم.
ومما يدل على أن هذا القران ليس من كلام البشر: الرّوعة التي تلحق قلوب سامعيه، والهيبة التي تعتريهم عند تلاوته لقوّة حاله، وإنافة خطره؛ وهي على المكاذبين به أعظم، حتى كانوا يستثقلون سماعه، ويزيدهم نفورا. ولهذا قال صلّى الله عليه وسلّم: “إن القران صعب مستصعب على من كرهه، وهو الحكم“.
وأما المؤمن فلا تزال روعته به، وهيبته إياه مع تلاوته، توليه انجذابا، وتكسبه هشاشة لميل قلبه إليه وتصديقه به. قال تعالى: {تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ} [الزمر: 23] وقال تعالى: {لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} [الحشر: 21].
ومن وجوه إعجاز القران كونه آية باقية لا تعدم ما بقيت الدنيا مع تكفّل الله بحفظه فقال: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ} [الحجر: 9] وقال: {لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ} [فصلت: 42] وسائر معجزات الأنبياء انقضت بانقضاء أوقاتها، فلم يبق إلّا خبرها، والقرآن إلى وقتنا هذا حجّته قاهرة، ومعارضته ممتنعة، والأعصار كلها طافحة بأهل البيان، وحملة علم اللسان، وأئمة البلاغة، وفرسان الكلام، وجهابذة البراعة، والملحد فيهم كثير، والمعادي للشرع عتيد، فما منهم من أتى بشيء يؤثر في معارضته، ولا ألّف كلمتين في مناقضته، ولا قدر فيه على مطعن صحيح، ولا قدح المتكلّف من ذهنه في ذلك إلّا بزند شحيح، بل المأثور عن كل من رام ذلك إلقاؤه في العجز بيديه، والنكوص على عقبيه.
ولنختم لك هذا الباب بحديثه عليه الصلاة والسلام في القران قال: “إنّ الله أنزل هذا القران امرا وزاجرا، وسنّة خالية، ومثلا مضروبا، فيه نبؤكم، وخبر ما كان قبلكم، ونبأ ما بعدكم، وحكم ما بينكم، لا يخلقه طول الردّ، ولا تنقضي عجائبه، هو الحقّ ليس بالهزل، من قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن خاصم به فلج، ومن حكم به أقسط، ومن عمل به أجر، ومن تمسّك به هدي إلى صراط مستقيم، ومن طلب الهدى من غيره أضلّه الله، ومن حكم بغيره قصمه الله، هو الذّكر الحكيم، والنّور المبين، والصراط المستقيم، وحبل الله المتين، والشّفاء النافع، عصمة لمن تمسك به، ونجاة لمن اتّبعه، لا يعوجّ فيقوّم، ولا يزيغ فيستعتب“.