1 الجغرافيا
وروى ابن هشام عن ابن إسحاق في السيرة قوله (ص.531): “فسلك على غُراب، جبل بناحية المدينة على طريق الشام، ثم على محيص، ثم على البتراء، ثم صفَّق ذات اليسار، فخرج على يَيْن، ثم على صخيرات اليمام، ثم استقام به الطريق على المحجة من طريق مكّة، فأغذ السير سريعًا، حتى نزل على غُرّان، وهي منازل بني لحيان، وغُرَّان واد بين أمج وعسفان، إلى بلد يقال له، ساية، فوجدهم قد حذروا وتمنعوا في رؤوس الجبال. فلما نزلها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأخطأه من غرتهم ما أراد، قال: (لو أنا هبطنا عسفان لرأى أهل مكة أنا قد جئنا مكة)، فخرج في مئتي راكب من أصحابه حتى نزل عُسفان، ثم بعث فارسين من أصحابه حتى بلغا كُراع الغميم، ثم كرَّا، وراح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قافلًا”
وقال الواقدي في المغازي (ص.536): “فخرج في مائتي رجل ومعهم عشرون فارسًا في أصحابه، فنزل بمضرب القُبَّة من ناحية الجُرف، فعسكر في أوّل نهاره وهو يظهر أنه يريد الشام. ثم راح مبردًا فمرّ على غُرابات، ثم على بين، حتى خرج على صخيرات الثمام، فلقي الطريق هناك…”
جبل غُراب أو غرابات
قال البكري الأندلسي في معجم ما استعجم (ص.992): “غُراب: على لفظ اسم الطائر…”
ولم أقف على من حدّد موضع هذا الجبل أو وصف مكانه، حتى عاتق البلادي ذكر “غُراب” وعلّق بعد أن ساق عدّة أجبل تسمى غُرابًا في جزيرة العرب بغير تعيين دقيق لأماكنها فقال: “والعرب تسمي كل جبل أسود غُرابًا إذا كان صغيرًا، وإذا كان كبيرًا سمّوه أظلَم”، إلّا أن غالب الكلام ومقتضاه عند ابن إسحاق وغيره أنَّه في شمال غرب المدينة على طريق الشام، قال ياقوت: “جبل بناحية المدينة على طريق الشام”، وقد رأيت في رواية الواقدي لغزوة بني لحيان قوله: “فسلك على غُرابات” بالجَمع، وأغلب الظَّن أنّها مجموعة أجبل صغيرة سوداء على أوّل الطريق، وعلى 8 كم تقريبًا من الحَرم تبدأ جبال سود صغيرة على يمين القادم بالظهور، أوّلها عليه قصر الملك في المدينة الآن، وخلفه عدّة أجبل سود صغار أخرى، وأغلب ظنّي أنّها تلك المعنيّة بالروايات والله أعلم، وهذه إحداثيّات تقريبية لهذا الموضع:
المَعْلَم | جبل غُراب | |
خط طول | 39.547277 | درجة شرقًا |
خط عرض | 24.496336 | درجة شمالًا |
محيص أو مخيط أو مخيض والبَتْرَاء
قال الفيروزأبادي في المغانم المطابة (ص.371): “مخيض: بلفظ المخيض من اللبن، موضع قرب المدينة له ذكر في غزوة بني لحيان، قال ابن هشام سلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم على غُراب ثم على مخيض ثم على البتراء قاله ياقوت. وقال الشيخ جمال الدين المطري: مخيض: جبل بالمدينة وهو الجبل الذي على يمين القادم من طريق الشام حيث يفضي من الجبال إلى البركة، وهو موضع مور الحجاج من الشام ويمسمونها عيون حمزة”، وفي تعليقات حمد الجاسر بهامشه نقلًا عن السمهودي عن الهجري: مخيض وادٍ يصب في إضم، على طريق الشام من المدينة، وأضاف السمهودي: “فكأنه يطلق على الجبال وواديها، وما يزال مخيض معروفًا”.
قال عاتق البلادي في معجم معالم الحجاز (ص.1518): “ومحيص هذا من تصحيفات مخيط التي لحقت به، والصواب ميم وخاء معجمة وياء مثنّاة تحت فطاء، وقد ذُكِر”.
وعنده أيضًا (ص.1521): “مَخِيْط: كمخيط الثوب ونحهو: واد صغير في إضم من الجنوب، تقطعه سكة حديد الحجاز على 15 كيلًا غرب المدينة، فيه محطة لها، واقع في ديار الردادة من حرب. وهو ما صحف بمحيص ومخيض، والبتراء الواردة معه في الرواية، حُرَيْرَة -تصغير حَرَّة- على ضفته اليسرى.”
المَعْلَم | مخيط | |
خط طول | 39.447516 | درجة شرقًا |
خط عرض | 24.547977 | درجة شمالًا |
المَعْلَم | البتراء | |
خط طول | 39.395419 | درجة شرقًا |
خط عرض | 24.587975 | درجة شمالًا |
يَيْن
وذكره أبو عبيد البكري الأندلسي ولم يعيّنه، وعند ياقوت في معجم البلدان (ج.5، ص.454): “يين: بالفتح ثم السكون، وآخره نون، وليس في كلامهم ما فاؤه وعينه ياء غيره، قال الزمخشري: (بين) عين بواد يقال له حورتان وهي اليوم لبني زيد الموسوي من بني الحسن، وقال غيره: (يين) اسم واد بين ضاحك وضويحك وهما جبلان أسفل الفرش، ذكره ابن جنّي في سر الصناعة، وقيل يين في بلاد خزاعة، وجاء ذكر يين في السيرة لابن هشام في موضعين: الأول في غزوة بدر وهو أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، مرّ على تُربان ثم على ملل ثم على غميس الحمام من مرّ يين ثم على صخيرات اليمام، فهو ههنا مضاف إلى مرّ، ثم ذكر في غزاته صلى الله عليه وآله وسلم لبني لحيان أنه سلك على غراب جبل ثم على مخيض ثم على البتراء ثم صفّق ذات اليسار فخرج على يين ثم على صخيرات اليمام، وقال نصر: يين ناحية من أعراض المدينة على بريد منها وهي منازل أسلم من خزاعة…”
وعند عاتق البلادي في معجم معالم الحجاز بحث مُطَوَّل عن “يين” (ص.1868)، يمكن مراجعته، والظاهر من كلام المتقدمين والمتأخرين أن يين ومريين شيء واحد وقد يكون تصحيفًا أو مكوّن من كلمتين كل منهما تعني شيئًا والظّاهر أنّه “يين” مضافًا إليه مَرّ والله أعلم، على أي حال لم أستسغ ما ذهب إليه عاتق من أن وادي الفُرَيش كُلّه كان يُسمى مريين، والصواب فيما أظن ما يجمع بين الروايات هو ما حددناه من موقع تقريبي لمريين كطريق تخرج من وادي ملل غربًا حتى تلتقي بشمال الفُرَيش، وقد ذكرنا “مريين” بالتفصيل في طريق بدر انظره هناك والله أعلم.
غُرَان
قال البكري الأندلسي في معجم ما استعجم (ص.992): “غُرَان: بضم أوّله، وتخفيف ثانيه، على وزن فُعَال: موضع بناحية عُسْفان، …وقال الأصمعي: هو ببلاد هُذيل بعُسْفان، وقد رأيته…قال أبو الفتح: غُران: فُعَال من الغِرْيَن، والغِرْيَن والغِرْيَل: هو الطين ينضُب عنه الماء، فيجف في أسفل الغدير ويتشقق…وقال ابن إسحاق: غُرَان وادٍ بين أَمَجٍ وعُسْفان، يمتد إلى سَاية، وهو منازل بني لِحيان؛ وإليه انتهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في غزوته بعد فتح بني قُريْظَة يريد بني لِحْيَان، يطلب بأصحاب الرجيع…أغذّ السير حتى نزل غُرَان فوجد بني لحيان قد حذروا وامتنعوا في الجبال”.
وعند عاتق البلادي في معجم معالم الحجاز (ص.1250): “غُران بضم الغين المعجمة وتخفيف الراء المهملة وادٍ فحل من أودية الحجاز كثير المياه والزرع والسكان يأخذ أعلى مساقط مياهه من حرة الروقة الواقعة بين وادي مركة من الجنوب ووادي ساية من الشمال…فإذا وازن عُسفان من الشمال سُمّي غُرانًا وهو أشهر جزع منه يعرف من القديم بهذا الاسم،…ثم ينحرف شمالًا فيمر بالكديد، فيدفع في أمج عند الدَّف، يمر غران شمال عسفان على ستة أكيال بينهما ثنية غزال المعروفة اليوم بثنية عسفان”.
وعلى ما تقدَّم، فهذه إحداثيّات تقريبيّة لغُرَان:
المَعْلَم | غُرَان | |
خط طول | 39.391498 | درجة شرقًا |
خط عرض | 22.007536 | درجة شمالًا |
سايَة
قال البكري الأندلسي في معجم ما استعجم (ص.715): “قرية جامعة قد تقدم ذكرها في رسم الفُرُع…”.
وعند ياقوت في معجم البلدان (ج3، ص.181): “ساية: بعد الألف ياء مثناة من تحت مفتوحة وهاء: اسم واد من حدود الحجاز، وهو يجري في الشذوذ مجرى آية وغاية وطاية…وقيل ساية واد يُطلع إليه من الشراة، وهو واد بين حاميتين، وهما حَرّتان سوادوان، بها قرى كثيرة مسمّاة وطُرُق من نواح كثيرة، وفي أعلاها قرية يقال لها الفارع…وساية واد عظيم به أكثر من سبعين عينًا، وهو وادي أمَج…”
ومما ذُكر يتضح أن “ساية” كانت قرية قريبة من وادي غران -وهو امتداد أمَجْ- على ناحية الجِبال جهة المشرق، ولعدم وقوفي على من حدَّد مكانها بدقّة، والظاهر أنّها هي نفسها مكان الرجيع أو قريبًا منه، وقد اجتهدت في تقريب احداثيّاتها بجوار الرجيع -انظر سرية الرجيع-، إذ قدم النبي صلى الله عليه وآله وسلم عندها فترحّم على شهداء الرجيع، وهو ما يفيد بكونها نفسها أو قريب منها كالآتي:
المَعْلَم | ساية | |
خط طول | 39.464187 | درجة شرقًا |
خط عرض | 21.891053 | درجة شمالًا |
وقد تركنا ذكر المواضع الآتية حيث تمت دراستها في طريق الجادّة العظمى:
صُخيرات اليمام أو صُخيرات الثمام وكليهما واحد، أَمَجْ، عُسفان، وكُراع الغميم
2 التاريخ
قال الواقدي في المغازي (ص.382): “خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لهلال ربيع الأول سنة ست فبلغ غُران وعُسفان وغاب أربع عشرة ليلة”.
وقال بن سعد في الطبقات (ج.2، ص.74): “ثم غزوة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بني لحيان، وكانوا بناحية عُسفان، في شهر ربيع الأول سنة ست، من مهاجره”.
وقال ابن هشام في السيرة (ص.531): “ثم أقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالمدينة ذا الحجة والمحرم وصفرًا وشهري ربيع، وخرج في جمادى الأولى على رأس ستة أشهر من فتح بني قريظة”.
وقد ذكرها ابن كثير بين بني النضير وذات الرقاع في مجمل أحداث السنة الرابعة، وفيه نظر، ثم عاد وذكرها بعد الخندق في سنة ست، وذكر بها صلاة الخوف، وأحاديث صلاة الخوف لا تذكر بنو لحيان، وإنما تذكر “عُسفان”، وصلاة الخوف ذكرت في ذات الرّقاع ثم في الحديبيَّة، وذكرها بعضهم في ذي قرد وبني لحيان.
والمختار أن ذكرها في غزوة بني لحيان فيه نظر، وتحليل تاريخها عند ابن إسحاق بعد الخندق في جُمادى الأولى على رأس ستة أشهر من بني قريظة يستدعي تلافيه لإشكال كون صلاة الخوف شُرِعَت فيها، وفيه نظر، فصلاة الخوف بـ”عُسفان” كانت في الطريق إلى الحُديبيَّة على إثر تقديم المشركين لخالد بن الوليد على خيلهم إلى كُراع الغميم -قريب من عُسفان-، وهو ما جعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم يسلك بهم طريق وعرة بعد أن صلى صلاة الخوف وهي حادثة مشهورة في كتب السير، ولأنّ بعضهم سمّى غزوة بنو لحيان بغزوة “عُسفان” فقد حدث الخلط لكون المكان واحد، والظاهر تشريعها ابتداءًا في الحُديبية كما تقدَّم، لا في ذات الرِّقاع كما ذهب إليه بعض أهل السِّيَر، مع وقوعها في ذات الرِّقاع والمُختار أنّ ذات الرِّقاع واحدة وقعت بعد خيبر حيث حضرها ابن عُمر وأبي هُريرة وابن عُمر لم يؤذن له بالمُشاركة العسكريّة قبل الخندق 5 هـ، وأبي هُريرة قَدِم بعد خيبر، وهو ما اختاره البُخاري في صحيحه وهو مُوافق للتقديرات وترتيب الأحداث. فالمختار إذن أنّ بني لحيان -على ما ذكر الواقدي وابن سعد- في ربيع الأوّل سنة ست، وعليه فيكون الخروج لها -بحسب تحديد الواقدي-: الاثنين 1 ربيع الأول 6 هـ، الموافق 20 يولية 627 م، وقوله غاب أربع عشرة ليلة فيه نظر، فإنّ الطريق إلى عسفان حوالي 8 ليال من المدينة المنوّرة ذهابًا ومثلها إيابًا، فهذه ستة عشر، ناهيك عن كونه صلى الله عليه وآله وسلم سلك طريق الشام تمويهًا أولًا..
3 مُزَامَنَة الطَّرِيْق
طريق الذهاب (المدينة المُنوَّرَة – الرَّجيع قُرب عُسفان) (والاتجاه شمالًا للتمويه) | |||||||||||||||||||||
اليوم الأول
(الاثنين) 1 ربيع الأول 6 هـ 20 يولية 627 م
|
|
||||||||||||||||||||
اليوم الثاني
(الثلاثاء) 2 ربيع الأول 6 هـ 21 يولية 627 م |
|
||||||||||||||||||||
اليوم الثالث
(الأربعاء) 3 ربيع الأول 6 هـ 22 يولية 627 م |
|
||||||||||||||||||||
اليوم الرابع
(الخميس) 4 ربيع الأول 6 هـ 23 يولية 627 م |
|
||||||||||||||||||||
اليوم الخامس
(الجمعة) 5 ربيع الأول 6 هـ 24 يولية 627 م |
|
||||||||||||||||||||
اليوم السادس
(السبت) 6 ربيع الأول 6 هـ 25 يولية 627 م |
|
||||||||||||||||||||
اليوم السابع
(الأحد) 7 ربيع الأول 6 هـ 26 يولية 627 م |
|
||||||||||||||||||||
اليوم الثامن
(الاثنين) 8 ربيع الأول 6 هـ 27 يولية 627 م |
|
||||||||||||||||||||
اليوم التاسع
(الثلاثاء) 9 ربيع الأول 6 هـ 28 يولية 627 م |
|
||||||||||||||||||||
اليوم العاشر
(الأربعاء) 10 ربيع الأول 6 هـ 29 يولية 627 م (أرسل سرية لكراع الغميم) |
|
طريق العودة (الرَّجيع قُرب عُسفان – المدينة المُنوَّرَة) | |||||||||||||||||||||||||
اليوم الأول
(الخميس) 11 ربيع الأول 6 هـ 30 يولية 627 م
|
|
||||||||||||||||||||||||
اليوم الثاني
(الجمعة) 12 ربيع الأول 6 هـ 31 يولية 627 م |
|
||||||||||||||||||||||||
اليوم الثالث
(السبت) 13 ربيع الأول 6 هـ 1 أغسطس 627 م |
|
||||||||||||||||||||||||
اليوم الرابع
(الأحد) 14 ربيع الأول 6 هـ 2 أغسطس 627 م |
|
||||||||||||||||||||||||
اليوم الخامس
(الاثنين) 15 ربيع الأول 6 هـ 3 أغسطس 627 م |
|
||||||||||||||||||||||||
اليوم السادس
(الثلاثاء) 16 ربيع الأول 6 هـ 4 أغسطس 627 م |
|
||||||||||||||||||||||||
اليوم السابع
(الأربعاء) 17 ربيع الأول 6 هـ 5 أغسطس 627 م |
|
||||||||||||||||||||||||
اليوم الثامن
(الخميس) 18 ربيع الأول 6 هـ 6 أغسطس 627 م |
|
مُلحق سرية عكاشة بن محصن إلى غَمْر مَرْزُوق
1 الجغرافيا
غَمْرَة والغَمْر
قال ابن سعد في الطبقات (ج.2، ص.81): “ثم سريّة عُكاشة بن مِحصن الأسدي إلى الغَمر غمر مرزوق، وهو ماء لبني أسد على ليلتين من فَيْد طريق الأوّل إلى المدينة”.
وقال البكري في معجم ما استعجم (ص.1003): “غَمْرَة: بفتح أوله، و إسكان ثانيه: موضع. وهو فصل بين نَجْدِ وتِهامَة من طريق الكوفة، كما أنّ وَجرَة فصل بين نجد وتِهامة من طريق البصرة”.
قال ياقوت في معجم البلدان (ج.4، ص.211): “الغَمْر: بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وهو الماء الكثير المغرق، وثوب غَمْر إذا كان سابغًا؛ والغَمر بئر قديمة بمكّة،…وغمر أراكة: موضع آخر. وغمر بني جذيمة: بالشّام بينه وبين تيماء منزلان من ناحية الشام،…وغمر طيء، وغمر ذي كِندة: موضع وراء وَجرَة بينه وبين مكة مسيرة يومين،…خرج خالد بن الوليد من الأكناف أكناف سلمى حتى نزل الغمر ماء من مياه بني أسد بعد أن حسن إسلام طيء وأدّوا زكاتهم،…وهو وادٍ فيه ثِماد ماؤها قليل، وهو بين ثجر وتيماء”.
قال ياقوت الحموي في معجم البلدان (ج.4، ص.212): “غَمْرَة: و هو منهل من مناهل طريق مكة ومنزل من منازلها، وهو فصل ما بين تهامة ونجد من طريق الكوفة. وقال ابن الفقيه: غمرة من أعمال المدينة على طريق نجد أغزاها النبي صلى الله عليه وسلم عُكاشة بن مِحصن”.
قال عاتق البلادي في معجم معالم السيرة (ص.34): “أوطاس: سهل يقع على طريق حاج العراق إذا أقبل من نجد قبل أن يصعد الحرّة، فالحاج -حاج البصرة- إذا تسهّل من كشب مرّ بطرف وَجرة الشمالي، ثم في غمرة، وبها بركة تنسب إلى زُبيدة، ثم يجزع وادي العقيق، وليس هذا بعقيق المدينة، ثم يسير في أوطاس ساعة، فهي ضفة العقيق اليُسرى، ثم يصعد الحرة فيرد الضريبة الميقات، فهي شمال شرقي مكة، وشمال بلدة عشيرة وتبعد عن مكة قرابة 190 كيلًا على طريق متعرّجة”.
وقال أيضًا (ص.228): “الغَمْرة: بفتح الغين المعجمة، وسكون الميم، وبعد الراء تاء مربوطة، جاءت في قوله: وغزاة عُكاشة بن محصن الغَمْرة. قُلت: هذا الاسم لا يدخل عليه الألف واللام، فهو غَمْرة: هي محطة من محطات الحاج العراقي قديمًا على الضفة الشرقية لوادي العقيق حين يمر بين عُشيرة والمِسْلح شمال شرقي مكة على ست مراحل، وهذا عقيق عُشيرة”.
وقال في (ص.1266): “قال ابن الفقيه: غمرة من أعمال المدينة على طريق نجد أغزاها النبي صلى الله عليه وآله وسلم عكاشة بن محصن، وقال نصر: غمرة سوداء فيما بين صاحة وعمايتين جبليتين، وغمرة: جبل،…وهناك شواهد تدل أن هناك غمرة أخرى في نجد غير هذه،…وفوق أفيعية المسلح منهل، وفوقه غمرة، وكل ذل لبني سُلَيْم، وغمرة منهل بواد يُقال له العقيق”.
قال الحازمي في الأماكن (ج.2، ص.723): “غَمْر ذي كِندة وراء وجرَة، موضع بينه وبين مكة مسيرة يومين،…وذو غَمَر وادٍ بنجد”، قال حمد الجاسر مُعلِّقًا: “عند نصر: غمرُ ذي كِندة، موضع على يومين من مكة وراء وَجْرَة، وغمر أراكة ومثل هذا في مُعجم البلدان مع نقل عن كتاب الافتراق لابن الكلبي…وذكر ياقوت غمر أراكة دون تحديد، وعدّ مواضع أُخرى باسم الغَمْر. أمّا غمر ذي كِندة فذكر صاحب كتاب المناسك أنه فوق غَمْرَة قائلًا: فالغمار هي غمرة وما والاها إلى طريق البصرة، ووجرة من الغِمار، وهي من جبال غَمْرَة وذات عِرق من الغَمَار إلى الغُمير…”.
وفي تعليق حمد الجاسر على الحازمي في الأماكن (ج.2، ص.476): “وعن الأصمعي أن رُكبة بنجد لبني نَصر ويُقال أنها أرفع الأراضي كلها وأنها التي أراد ابن نوح بقوله (سآوي إلى جبل يعصمني من الماء) وركبة صحراء واسعة لاتزال معروفة يخترقها طريق مكة بعد إنحسار جبال الحجاز من عُشيرة للمتجه شرقاً حتى يبلغ مويه من الجنوب الشرقي من حَضَن حتى حرة كُشب وغرباً إلى وادي العقيق , والسّيّ ووجَرَة وغَمْرة يشملها الآن اسم رُكبة لاتصال تلك المواضع بها وأصبحت أسماؤها مجهولة ولكنها معروفة المواقع بالنسبة لركبة المعدودة من بلاد نجد ( تقع ركبة بقرب خط طول : 41/00 وبقرب خط عرض 22/15)”.
وعلى ما ذكره ياقوت، فالغمرات كُثُر، ولا يُعلم منها إلا غمرة التي بإزاء وَجْرة على طريق العراق والقريبة ذات عِرْق جنوبًا، وهذه هي المُحدَّدَة المعروفة، وكونها هي مكان الغزوة فيه نظر، وأمّا باقي الغمرات بنجد فغير مذكورة غالبًا، وقد ذكر ياقوت واحدة قريبة من تيماء على ليلتين وقال أنّها من ديار بني أسَد، وذكر ابن سعد غَمْر مرزوق على ليلتين من فَيْد على طريق المدينة، وعدّها أيضًا في ديار بني أسَد، وأين فَيْد من تيماء؟ فالأُولى في المشرق جهة العِراق والثانية في الشمال ناحية الشام، وما ذكره ابن سعد لا يُعرف عند الجغرافيين، إلّا أنّ نصّ الحموي أنّ تلك التي أغزاها النبي صلى الله عليه وآله وسلم عكاشة بن محصن رضي الله عنه هي التي من أعمال المدينة على طريق نجد أقرب ما يكون لما يذكره ابن سعد لا إلى المُحدَّدَة المعروفة بإزاء وَجْرَة في صحراء رُكبَة، ومُقتضى كلام ابن سعد أنّها على ليلتين ناحية المدينة لا العِراق، وهذا يكاد يتطابق مع طريق سريّة زيد بن حارثة رضي الله عنه إلى القَرَدَة أو الفَرْدَة أو القَرَديَّة في جُمادى الآخرة 3 هـ لاعتراض عير قُريش، على مسافة حوالي 30 كم منها للمتّجه إلى فَيْد، وعلى المذكور فبالقياس على الخرائط مسافة 88 كم تقريبًا من فَيْد على طريق نجد للمدينة المنوَّرَة، فهذه نُقطة تقريبيّة لموضع غَمْر مرزوق:
المَعْلَم | غَمْر مرزوق أو الغَمْر (وهي موضع سريّة عُكاشة) | |
خط طول | 42.102913 | درجة شرقًا |
خط عرض | 26.457646 | درجة شمالًا |
وعلى ما ذكره عاتق، وحيث فصلنا في تحديد أوطاس في مُلحق غزة حُنين بفتح مكّة 8 هـ، والصواب ما ذكره بشأنها، وبمُراجعة خرائط هيئة المساحة السعوديّة على وصفه المذكور لغَمْرَة أو منطقة الغَمْر، فعقيق عُشيرة، وعُشيرة وحرّة كشب كلها مواضع معروفة على الخرائط أو ذُكرت تفصيلًا في أحداثها، وباعتبار موضع غمرة بين عُشيرة -جنوبًا- وحرّة كشب شمالًا شرقيًّا، وأوطاس جنوبًا غربيًا، فموضعها واضح على صحراء رُكبة، وتبعُد تقريبًا 100 كم شمال شرق مكّة المكرَّمة بالقياس على طريق القوافل، فقوله على ست مراحل فيه نظر، فهي مرحلتان ونصف فقط، وليست هي موضع الغزوة كما تقدّم، وإنما نذكرها للتمييز، وهذه إحداثيّات تقريبيّة لها:
المَعْلَم | غَمْرَة أو غَمْر ذي كِنْدَة أو الغَمْر (صحراء رُكبة) | |
خط طول | 40.737571 | درجة شرقًا |
خط عرض | 22.199457 | درجة شمالًا |
وقد فصّل السادة فريق الصحراء (alsahra.org) على شبكة الإنترنت موضعها تفصيلًا جيدًا يوافق ما خلصنا إليه، وقد ضبطنا الإحداثيّات على خرائطهم الدقيقة، جزاهم الله خيرًا، إلا أنّها بخلاف الموضع المُختار لسريّة عُكاشة بن مُحصن المتقدِّم توضيحه، وذكرناها للتمييز.
2 التاريخ
قال الواقدي في المغازي (ص.391): “ سريّة عُكاشة بن مِحصن إلى الغَمْر في شهر ربيع الأوّل سنة ست”.
وقال ابن سعد في الطبقات (ج.2، ص.81): “وكانت في شهر ربيع الأول سنة ست من مُهاجر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم”.
وعليه فباعتبار الخروج على رأس الشهر من التاريخ المذكور، فهذا يوم الاثنين 8 ربيع الأوّل 6 هـ على التقدير، إلا أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم خرج من المدينة المنوَّرة لهلال ربيع الأوّل يغزو بني لِحيان، فالراجح أنّ حضرته قد أخرج عُكاشة بن محصن معه إلى نجد، ثم خرج حضرته إلى بني لِحيان في نفس اليوم والله أعلم، وعليه فيوميّاتها مُدمجة مع غزوة بني لِحيان، والطّريق هو نفسه طريق سريّة زيد بن حارثة رضي الله عنه إلى القَرَدَة المذكورة في جُمادى الآخرة 3 هـ، فهو مسيرة 7 أيّام ونصف حتى موضع القَرَدَة بنجد، ثم حوالي 27 كم باتّجاه فَيْد، فهذا مسيرة نصف يوم تقريبًا، وعليه فهي مسيرة 8 أيّام ذهابًا ومثلها إيابًا، ولم يُقيموا وارتحلوا بعد شنّ الغارة مُباشرة ومُصادرة الماشية.
3 مُزَامَنَة الطَّرِيْق
طريق الذهاب (المدينة المنوَّرَة – غَمْر مرزوق) | |||||||||||||||||
اليوم الأول
(الاثنين) 1 ربيع الأول 6 هـ 20 يولية 627 م
|
|
||||||||||||||||
اليوم الثاني
(الثلاثاء) 2 ربيع الأول 6 هـ 21 يولية 627 م |
|
||||||||||||||||
اليوم الثالث
(الأربعاء) 3 ربيع الأول 6 هـ 22 يولية 627 م |
|
||||||||||||||||
اليوم الرابع
(الخميس) 4 ربيع الأول 6 هـ 23 يولية 627 م |
|
||||||||||||||||
اليوم الخامس
(الجمعة) 5 ربيع الأول 6 هـ 24 يولية 627 م |
|
||||||||||||||||
اليوم السادس
(السبت) 6 ربيع الأول 6 هـ 25 يولية 627 م |
|
||||||||||||||||
اليوم السابع
(الأحد) 7 ربيع الأول 6 هـ 26 يولية 627 م |
|
||||||||||||||||
اليوم الثامن
(الاثنين) 8 ربيع الأول 6 هـ 27 يولية 627 م |
|
طريق العودة (غَمْر مرزوق – المدينة المنوَّرَة) | |||||||||||||||||
اليوم الأول
(الثلاثاء) 9 ربيع الأول 6 هـ 28 يولية 627 م |
|
||||||||||||||||
اليوم الثاني
(الأربعاء) 10 ربيع الأول 6 هـ 29 يولية 627 م |
|
||||||||||||||||
اليوم الثالث
(الخميس) 11 ربيع الأول 6 هـ 30 يولية 627 م |
|
||||||||||||||||
اليوم الرابع
(الجمعة) 12 ربيع الأول 6 هـ 30 يولية 627 م |
|
||||||||||||||||
اليوم الخامس
(السبت) 13 ربيع الأول 6 هـ 1 أغسطس 627 م |
|
||||||||||||||||
اليوم السادس
(الأحد) 14 ربيع الأول 6 هـ 2 أغسطس 627 م |
|
||||||||||||||||
اليوم السابع
(الاثنين) 15 ربيع الأول 6 هـ 3 أغسطس 627 م |
|
||||||||||||||||
اليوم الثامن
(الثلاثاء) 16 ربيع الأول 6 هـ 4 أغسطس 627 م |
|
4 المَرَاجِع
وجرة و غمرة: من أجمل البرك على دروب الحج (قصر الخرابة وبركة العقيق – درب زبيدة (19) ) | فريق الصحراء
من خليص إلى سهل رُكبة “السيّ” : فريق الصحراء