1 الجغرافيا
ذو الخَلَصَة
روى البخاري بسنده في الصحيح (حديث 3057): “قال جرير: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ألا تريحني من ذي الخلصة وكان بيتًا في خثعم يُسمَّى كعبة اليمانيّة، قال فانطلقت في خمسين ومائة فارس من أحمَس وكانوا أصحاب خيل، قال وكنت لا أثبت على الخيل فضرب في صدري حتى رأيت أثر أصابعه في صدري وقال اللهم ثبته واجعله هاديًا مهديًّا فانطلق إليها فكسرها وحرَّقها ثم بعث إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يخبره، فقال رسول جرير: والذي بعثك بالحق ما جئتُك حتى تركتها كأنّها جمل أجوف أو أجرب، قال فبارك في خيل أَحمَس ورجالها خمس مرّات”، ورواه مُسلم أيضًا في صحيحه.
قال ابن سعد في الطبقات (ج1، ص.299): ” قدم جرير بن عبد الله البجلي سنة عشر المدينة ومعه من قومه مائة وخمسون رجلًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يطلع عليكم من هذا الفجّ من خير ذي يَمَن على وجهه مَسْحَة مُلْك. فطلع جرير على راحلته ومعه قومه فأسلموا وبايعوا، قال جرير: فبسط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فبايعني وقال: على أن تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله وتُقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتنصح المُسلِم وتُطيع الوالي وإن كان عبدًا حبشيًّا، فقال: نعم، فبايعه….وكان نزل جرير بن عبد الله على فروة بن عمرو البياضي، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يسائله عمّا ورائه، فقال: يا رسول الله أظهر الله الإسلام وأظهر الأذان في مساجدهم وساحاتهم، وهدّمت القبائل أصنامها التي كانت تُعبد، قال -رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم-: فما فَعَلَ ذو الخَلصة؟ قال جرير: هو على حاله قد بقي، والله مُريح منه إن شاء الله، فبعثه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى هدم ذي الخلصة وعقد له لواء، فقال: إني لا أثبت على الخيل، فمسح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بصدره وقال: اللهم اجعله هاديًا مهديًّا!….قالوا: وفد عثعث بن زحْر وأنس بن مُدرِك في رجال من خثعم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، بعدما هدم جرير بن عبد الله ذا الخلصة، وقتل من قتل من خثعم، فقالوا: آمنا بالله ورسوله ما جاء من عند الله”.
عند البكري في معجم ما استعجم (ج.2، ص.508): “ذُو الخَلَصَة: بفتح أوّله وثانيه، وفتح الصاد المهملة، بيت بالعبلاء، كانت خثعم تحُجُّه، وهو اليوم موضع مسجد العَبْلاء”.
وعند الحموي في معجم البلدان (ج.2 ، ص.384): “الخَلَصَةُ: مضاف إليها ذو، بفتح أوله وثانيه، ويروى بضم أوله وثانيه، والأول أصح، والخلصة في اللغة: نبت طيب الريح يتعلّق بالشجر له حبّ كعنب الثعلب، وجمع الخلصة خلص. وهو بيت أصنام كان لدوس وخثعم وبجيلة ومن كان ببلادهم من العرب بتبالة، وهو صنم لهم… وقيل: كان لعمرو بن لحيّ بن قمعة نصبه، أعني الصنم، بأسفل مكة حين نصب الأصنام في مواضع شتّى.. وقيل: هو الكعبة اليمانية التي بناها أبرهة بن الصباح الحميري، وكان فيه صنم يدعى الخلصة فهدم. وقيل: كان ذو الخلصة يسمّى الكعبة اليمانية، والبيت الحرام الكعبة الشامية. وقال أبو القاسم الزمخشري: في قول من زعم أن ذا الخلصة بيت كان فيه صنم نظر لأن ذو لا يضاف إلا إلى أسماء الأجناس. وقال ابن حبيب في مخبره: كان ذو الخلصة بيتا تعبده بجيلة وخثعم والحارث بن كعب وجرم وزبيد والغوث بن مرّ بن أدّ وبنو هلال ابن عامر، وكانوا سدنته بين مكة واليمن بالعبلاء على أربع مراحل من مكة، وهو اليوم بيت قصّار فيما أخبرت. وقال المبرّد: موضعه اليوم مسجد جامع لبلدة يقال لها العبلات من أرض خثعم. وقال أبو المنذر: ومن أصنام العرب ذو الخلصة، وكانت مروة بيضاء منقوشة عليها كهيئة التاج، وكانت بتبالة بين مكة واليمن على مسير سبع ليال من مكة.. وذو الخلصة اليوم عتبة باب مسجد تبالة”.
وقال عاتق البلادي في معجم المعالم الجغرافية (ص 113): “جاء في النص: وكان ذو الخلصة لدوس وخثعم وبجيلة، ومن كان ببلادهم من العرب بتبالة. وجاء في (كتاب الأصنام): أن ذا الخلصة كان عتبة باب مسجد تبالة في عهد المؤلف، وكذا نقله في معجم البلدان. غير أن بعض أهل المعرفة من زهران يدّعون أنه معروف في بلادهم شمال غربي مدينة الباحة، وهذا الموقع ليس بعيدًا عن تبالة، ولكنه ليس معدودًا منها، وهو مكان يتوسط ديار بجيلة ودوس -دوس اليوم في زهران- وخثعم، ذلك أن ديار هذه القبائل لم تتغير حتى يوم الناس هذا. وقيل بل كان بأسفل مكة، وأراه وهما.وقيل: بل هو الكعبة اليمانية التي بناها أبرهة بن الصباح الحميري، وكانت الكعبة المعظمة تسمى (الكعبة الشامية). وقيل: كان بيتا تعبده بجيلة وخثعم والحارث بن كعب وجرم وزبيد – زبيد مذحج- والغوث وبنو هلال، كان بالعبلات بين مكة واليمن، على أربع مراحل من مكة، وقيل: بل سبع ليالٍ، وكان سدنته بنو أمامة من باهلة بن أعصر”.
تَبَالَة
وتَبَالة مذكورة بالتفصيل في سريّة قُطبة بن عامر بن حديدة إلى خثعم بتبالة قريب من تُرَبَة ناحية بيشة وكانت في 28 مُحَرَّم 9 هـ على ما حققناه، وقد تقدَّم ذِكر البكري أنّ ذي الخلصة كان بالعبلاء، وهذا تفصيل موضعها:
العَبْلاء
عند البكري في معجمه (ج.3، ص.918): “العَبْلاء بفتح أوله، وإسكان ثانيه، ممدود: قد تقدم تحديدها فى رسم اللعباء، وسيأتى ذكرها فى رسم عكاظ؛ وهى لخثعم وهناك كان ذو الخلصة بيتهم الذي كانوا يحجونه”.
وقال أيضًا (ج.4، ص.1155): “وقال الكِلابي: اللعباء: أرض تُنبت العِضاة، وهي لبني أبي بكر ابن كلاب بين العَبْلاء: عبلاء الهَرْدَة، وبين أسافل تُرَبَة؛ شَس من الأرض تُجتنى منه الهُرْدَة والفِلْقَة ببلاد نجد لعوف بن عبد بن أبي بكر والسيّ يدفع فيها من ورائها. والعبلاء: قرية. وتُرَبَة وادٍ من أودية الحجاز، أسفله لبني هِلال والضِّباب وسَلُول، وأعلاه لخثعم…”، وهذه الأوصاف التي ذكرها البكري تنطبق على المنطقة الواقعة بين تُرَبَة في الجنوب الشرقي -وهي مُحدَّدَة معروفة للآن ومذكورة تفصيلًا في سريّة عُمر بن الخطّاب رضي الله عنه إليها في شعبان 7 هـ-، وبين الطّائف غربًا للشَّمَال قليلًا، ويحدّها شمالًا صحراء رُكبَة أو السيّ كما ذكر البكري -وجغرافيّتها محددة معروفة في سريّة شجاع بن وهب إلى بني عامر فيها ربيع الأوّل 8 ه-ـ، وهذا تحديد دقيق واسع للعبلاء هذه يحتاج لتضييق دائرته ومعرفة مكانها بدقّة أكبر.
قال حمد الجاسر في مقالته “موقع عكاظ” (ص.42): “العبلاء قرية ذكر الهمداني أنها خربت، وتقع بقرب العُبَيْلاء قرية عدوان المعروفة، وتقع جنوب عكاظ مجاورة له، وقد ذكر الأصبهاني -في ترجمة ابن الدمينة- أنه كان ينشد شعره في سوق العبلاء، فلعل سوق عكاظ كان يُطلق عليه سوق العبلاء، وأنه امتد إلى ذلك العهد خلافا لقول البكري ومن تابعه”، فهذا تقريب مفيد جدًا لموضع العبلاء أنّها بجوار عُكاظ، وعُكاظ كان أقرب للطائف وموضعه الآن غير مُختلَف عليه كثيرًا جنوبها.
قال ياقوت في معجم البلدان (ج.4، ص.80): “بفتح أوله، وسكون ثانيه، والمد، قال الأصمعي: الأعبل والعبلاء حجارة بيض، وقال الليث: صخرة عبلاء بيضاء، وقال ابن السكيت: القنان جبال صغار سود ولا تكون القنّة إلا سوداء ولا الظراب إلا سوداء ولا الأعبل والعبلاء إلا بيضاء ولا الهضبة إلا حمراء، وقال أبو عمر: العبلاء معدن الصّفر في بلاد قيس.وقال النضر: العبلاء الطريدة في سواد الأرض حجارتها بيض كأنها حجارة القدّاح وربما قدحوا ببعضها وليس بالمرو كأنها البلّور. وقيل: العبلاء اسم علم لصخرة بيضاء إلى جنب عكاظ”.
وعند محمد شراب في المعالم الأثيرة (ص.186): “العبلاء (العبلات) : بفتح أوله وسكون ثانيه والمدّ في الأول وفتح العين والباء في الثاني، رواية أخرى فيه … اسم آخر لمكان وجود صنم ذي الخلصة، وقد ذكر مع: (ثروق) ، و (الوليّة) ، وجميعها في جنوب الجزيرة بين السعودية واليمن الشمالي: والأعبل والعبلاء حجارة بيض، والصخرة العبلاء: البيضاء”.
وعند عاتق البلادي في معجم معالم الحجاز (ص.1189): “ومما تقدّم وما وصل إليّ من مراجع يظهر أن عُكاظًا كان يُقام في مكان من الأرض برما غُيِّر في كل سنة في حدود مساحة تبلغ عشرين كيلًا من العبلاء (العبل اليوم) جنوبًا إلى خَلْص شمالًا، ومن قرب التقاء شرب بالرّيْكة غربًا إلى المبعوث شرقًا، حيث توجد أماكن قيل أنها من عكاظ”،
وعند أصحاب السِّيَر أنّه كان للعبلاء يوم لفجار قبيلة قيس لقربه من عكاظ، وقد كانت للعرب فجارات أربع، ذكرها المسعودي: فجار البراض .. وكان لكنانة ولقيس فيه أربعة أيام مذكورة: يوم شَمطة، ويوم العبلاء، وهما عند عكاظ، ويوم الشَّرِب، وهو أعظمها يومًا.. ويوم الحريرة عند نخلة.
وقال عاتق البلادي في مقالته “رحلة إلى بلاد عدوان: “يقع بجانب صُلَّبة- بضم الصاد المهملة و تشديد اللام وفتحها- من الشرق تل أبيض يسمى “العبل” بفتح العين و الباء ، وأعتقد أنه العبلاء التي ورد ذكرها في أيام الفجّار ، فليس المكان بعيدًا من عكاظ”.
كما ذكر تحديد مكان ذي الخلصة عدد من المعاصرين (حمد الجاسر في سراة غامد وزهران، ومحمد حسن شُرَّاب في المعالم الأثيرة) على سبيل الجزم وعدم الإشارة إلى اختلاف فيه فجعلوه واقعا مطلا على تهامة من الجهة الغربية في الشمال الغربي من وادي (ثروق)، وفي الجهة الشرقية كان يطل جبل (ظهر الغدا)، وهو جبل يمتد من الشمال إلى الجنوب؛ نزولًا إلى وادي (ثروق). وذهب من المعاصرين أيضًا السيد رشدي الصالح في نهاية الأول من تأريخ مكة للأزرقي أن ذلك البيت لم يكن بتبالة، إنما كان في ثروق وقد عرف البيت بالولية كذل، بعد ذكره ملخصًا للأقوال المختلفة حول مكان ذي الخلصة.
ويُلاحظ أن تحديد مكانه بثروق الواقعة في شمال غربي مدينة الباحة، غير دقيق، لأن هذا المكان ليس معدودًا من تبالة، رغم أنه ليس بعيدًا عنها، ثم إن البلدانيين ومؤرخي تاريخ أصنام العرب لم يشيروا إلى وقوعه بها، رغم أن ثروق من أعظم وأقدم قرى بني دوس، وذكر عظم هذا الوادي واشتهاره ياقوت في معجم البلدان.
كما أن صنم دوس كان يُسَمَّى “ذا الكفين”، وقد أرسل له الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الطفيل بن عمرو الدوسي رضي الله عنه في سرية خاصّة ألحقناها بيوميّات فتح مكَّة (بتاريخ 11 شوّال 8 هـ) لهدمه في وادي ثروق، ثم لحق بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم في حصار الطائف.
ولعل من تعلق بتحديد مكانه بثروق، ووقوع هذا الصنم ببلاد زهران التي هي مناطق وجود لقبيلة دوس الأزدية تمسك بحديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي في الصحيحين: (لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس حول ذي الخلصة).
لكن ليس هذا الصنم المراد بموضوعنا لأمور ذكرها الحافظ ابن حجر في فتح الباري (ج.8، ص.71) حيث يقول: “والذي يظهر لي أنه غير المراد في حديث الباب وإن كان السهيلي يشير إلى اتحادهما؛ لأن دوسا قبيلة أبي هريرة، وهم ينتسبون إلى دوس بن عدثان بضم المهملة وبعد الدال الساكنة مثلثة بن عبد الله بن زهران ينتهي نسبهم إلى الأزد.
فبينهم وبين خثعم تباين في النسب والبلد، وذكر ابن دحية: أن ذا الخلصة المراد في حديث أبي هريرة كان عمرو بن لحي قد نصبه أسفل مكة وكانوا يلبسونه القلائد ويجعلون عليه بيض النعام ويذبحون عنده وأما الذي لخثعم فكانوا قد بنوا بيتا يضاهون به الكعبة فظهر الافتراق وقوي التعدد والله أعلم”.
ويظهر مما سبق أن هناك اختلافا شديدًا في تحديد مكان ذي الخلصة التي كانت فيها الكعبة اليمانية، لكن هناك اتفاق على أن ذا الخلصة كان بيتًا مكعَّبًا في جوفه صنم الخَلَصَة، وصِفَته هضبة أو صخرة بيضاء منقوشة، عليها كهيئة التاج، وهو من البيوت التي يقصدها الناس للاستقسام عندها، وقد كان لقبيلة خثعم وبجيلة ومن حولهما، وأنه بجهة الجنوب من مكة المكرمة بناحية تَبَالَة.
وتبالة وادي كبير ذو قرى ومياه يقع جنوب شرقي الطائف على قرابة 200 كم يسيل من سراة غامد وبلقرن من نواحي الباحة وبلجرشي وما والهما من الجنوب وهو الآن من منطقة بيشة. وعليه فيمكن ترجيح القول بأن مكانه هو العبلات، لعدة أدلة على ذلك، منها:
1 – نص البكري والمبرد وابن حبيب على هذا التحديد مع شرح صفته وتحديد تطابق تحديد المسافة بينه وبين مكة المكرمة وهي تكاد تقترب من المسافة الواقعية بين العبلاء وبين مكة تقريبًا دون أصحاب الأقوال الأخرى الذين اكتفوا بالإشارة إلى جهة وقوعه، فضلا عن اقتصار ابن حجر العسقلاني عند التعريف به؛ حيث قال في فتح الباري (ج.8 ص.71): “فتح الخاء المعجمة واللام بعدها مهملة وحكى بن دريد فتح أوله وإسكان ثانيه وحكى بن هشام ضمها وقيل بفتح أوله وضم ثانيه والأول أشهر والخلصة نبات له حب أحمر كخرز العقيق وذو الخلصة اسم للبيت الذي كان فيه الصنم وقيل اسم البيت الخلصة واسم الصنم ذو الخلصة، وحكى المبرد أن موضع ذي الخلصة صار مسجدا جامعا لبلدة يقال لها العبلات من أرض خثعم ووهم من قال إنه كان في بلاد فارس”.
2 – صفته المتمثلة في هضبة أو صخرة بيضاء منقوشة يصدق عليه معاني العبلاء اللغوي، وسيأتي التعريف بها، وفي ذلك يقول عرَّام بن الأصبغ السلمي في كتابه “جبال تهامة والحجاز ومحالها” واصفًا عكاظ: “وهو في أرض مستوية ليس بها جبال، وإذا كنت في عكاظ طلعت عليك الشمس على حرَّة سوداء، وبه عبيلات بيض تطيف بها العرب في جاهليتهم وينحرون عندها”.
3 – قرب موقع العبلاء من مكة المكرمة وسوق عكاظ مما يجعل له أهمية كبيرة لدى قبائل العرب وسهولة في التجمع حوله في المواسم المختلفة، بالإضافة على قربه من الطرق المطروقة من جهة اليمن ومن جهة نجد من وإلى مكة المكرمة.
وعلى المذكور فهذه إحداثيّات تقريبيّة للعبلاء أو العبلات (العبل):
المَعْلَم | العبلاء | |
خط طول | 40.673577 | درجة شرقًا |
خط عرض | 21.465280 | درجة شمالًا |
طريق السريَّة
عند ابن سعد في الطبقات (الجزء المتمم، رقم 378): “عن أبي وجزة السعدي قال: خرج جرير في جريدة خيل، فسلك بطن قناة، ثم سلك على صفينة وحاذة، ثم أخذ على الفلق حتى انتهى إلى ذي الخلصة فهدمها، ثم بعث البشير إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأطاع له من هناك، وأسلموا وأقروا بالإسلام، ثم أقبل حتى إذا كان ببطن مسجل هجم على صرم من بني عامر , فأغار عليهم، وجد الرجال خلوفًا فأخذ ما ظهر له وما خف، ثم رجع وهو على جرائد الخيل حتى قدم على النبي صلى الله عليه وسلم المدينة”. فقد اتجه إلى مكة المكرمة من المدينة المنورة على الطريق المعروف بالنجدية؛ وهي طُرُق كثيرة في شرق الحجاز، ومنها هذا الذي سلكه جرير رضي الله عنه.
قال عاتق البلادي في معجم المعالم الجغرافية (ص.313): “النجدية كالمنسوبة إلى نجد. جاءت في قصة أبي سفيان، وغزوة السويق، قال ابن إسحاق: فخرج – أبو سفيان – في مئتي راكب من قريش، ليبر يمينه، فسلك النجدية، حتى نزل بصدد قناة إلى جبل يقال له: ثيب، من المدينة على بريد أو نحوه. إلخ. قلت: النجدية، طريق تخرج من مكة على ملتقى النخلتين ثم تأخذ نخلة الشامية قبلا، ثم في وادي الزرقاء، ثم على الضريبة، ثم تهبط من الحرة على النجيل، ثم على حاذة، ثم على معدن بني سليم، فتأتي المدينة من المشرق”.
وقال عاتق أيضًا في معالم مكة التأريخية والأثرية (ص 294): “المُنَقَّى: هو درب زُبَيدة، سمي المُنَقَّى لأنهُ منقّىً من الحصى والحجارة حتى صار سالكاً للدواب والقوافل، وهو يخرج من مكة من بين ثَبِير وحِراء فيمر في ثنية خَلّ، ثم علمي طريق نخلة، ثم يأخذ ذات اليسار فيمر في البرود -واد وماء- ثم يأخذ ثنية تسمى (مُدَرَّجة الناقة) ثم يهبط وادي حُراض، وهو غير حراض نخلة الشامية، ثم يمر بملتقى النخلتين، فيقبل نخلة الشامية حتى تفترق حُراض والزرقاء، فيأخذ الزرقاء مرورًا بمكة الرَّقَّة ثم الضريبة ثم مسولا ثم القَاحَة، ثم يفترق إلى طريقين: طريق البصرة: يأخذ يميناً على وجرة ثم حرة كشب، وطريق الكوفة: يأخذ يسارًا على حاذة ثم مهد الذهب ثم يمر بالحاجر في وادي الرمة”.
وهذا طريق نجد – مهد الذّهب الجنوبي، وهو مذكور بتفاصيله في عِدَّة سرايا منها: سريّة المنذر بن عمرو لبئر معونة صفر 4 هـ، وابن أبي العوجاء السُّلَمي إلى المعدن في ذي الحجّة 7 هـ، وشجاع بن وهب الأسدي إلى بني عامر بصحراء السيّ من رُكبة ربيع الأول 8 هـ، وإنما نذكر المواضع من بعد مهد الذهب -معدن بني سُلَيْم- لذكر صفينة على الطريق وهي غير مذكورة فيما سبق.
1 | مهد الذهب | 7 | قاع النجيل | 13 | بئر الباثة |
2 | وادي السيالة | 8 | المحاني | 14 | قرن المنازل (السيل الكبير) |
3 | صفينة | 9 | وادي الفشن | 15 | العرفاء |
4 | حرة بان | 10 | خبراء حرب | 16 | سوق عكاظ |
5 | حرة الحجاز | 11 | القعضبة | 17 | العبل (العبلات) |
6 | حاذة | 12 | نخلة الشامية |
صُفَيْنَة
قال ياقوت في معجم البلدان (ج.3، ص.415): “صفينة -بالتصغير من صفن- بلدة يسلكها حاج العراق”.
وقال ابن شمائل القطيعي في مراصد الاطلاع (ج.2، ص.846): “هى بالفتح، ثم السكون: موضع بين بنى سالم وقباء. وبالضم: قرية بالحجاز على يومين من مكة ذات نخل وزرع وأهل كثير، ولها جبل يقال له: الستار، وهى على طريق الزّبيدية يعدل إليها الحاج إذا عطشوا. وعقبة صفينة يسلكها حاجّ العراق، وهى شاقة”.
وعند حمد الجاسر في تعليقاته على كتاب الأماكن (ج1 ص 604): “صفينة -بضم الصاد وفتح الفاء- قرية بالحجاز لا تزال قائمة ذات سكان وزراعة وهي في منطقة المهد”.
وقال عاتق البلادي في معجم معالم الحجاز (ص998): “تصغير صفنه ولعل لموقعها علاقة باسمها: أرض زراعية آهلة بالسكان في ديار مطير وهي جوفة في صفن حرة بني عبد الله من الشرق، تصب فيها أودية عديدة وقرى متناثرة يجمع الكل اسم صفينة مياهها غزيرة عذبة على الضخ الآلى. وفيها مركز تابع لإمارة مهد الذهب”.
وهذه إحداثياتها التقريبيّة:
المَعْلَم | صُفَيْنَة | |
خط طول | 40.564785 | درجة شرقًا |
خط عرض | 23.176063 | درجة شمالًا |
حَرَّة بان
قال الحازمي في الأماكن (ص.91): “أوله باء موحدة وآخره نون. قال الكندي: أسفل من صفينة بصحراء مستوية عمودان طويلان، لا يراقهما أحد إلا أن يكون طائرا يقال لأحدهما عمود البان، والبان موضع والآخر عمود السفح، وهو من عن يمين طريق المصعد من الكوفة، على ميل من أفيعية، وأغاعية”، وبعدها حرّة الحجاز مستنتجة من الخرائط، وإحداثياتهما كالتالي تقريبًا:
المَعْلَم | حرة بان | |
خط طول | 40.533153 | درجة شرقًا |
خط عرض | 22.962199 | درجة شمالًا |
المَعْلَم | حرة الحجاز | |
خط طول | 40.544876 | درجة شرقًا |
خط عرض | 22.781930 | درجة شمالًا |
حَاذَة
عند حمد الجاسر في المعجم الجغرافي للبلاد العربية السعودية (ج1 ص 400): “حاذة: بحاء مهملة مفتوحة بعدها ألف فذال معجمة مفتوحة فهاء؛ من قرى المهد، بمنطقة إمارة المدينة”، هي قرية من قرى محافظة المهد الواقعة في جنوب شرق منطقة المدينة المنورة وتبعد عنها بمسافة تقارب (260) كيلو متر، وعن مهد الذهب بمسافة تقارب (110) كيلو متر، وإحداثياتها كالتالي تقريبًا:
المَعْلَم | حاذة | |
خط طول | 40.552155 | درجة شرقًا |
خط عرض | 22.600973 | درجة شمالًا |
وهذه بعض نقاط على الطريق تم استنتاجها من الخرائط:
المَعْلَم | المحاني | |
خط طول | 40.406653 | درجة شرقًا |
خط عرض | 22.457470 | درجة شمالًا |
المَعْلَم | وادي الفشن | |
خط طول | 40.428701 | درجة شرقًا |
خط عرض | 22.271792 | درجة شمالًا |
المَعْلَم | خبراء حرب | |
خط طول | 40.414635 | درجة شرقًا |
خط عرض | 22.091671 | درجة شمالًا |
القعضبة
مأخوذة من قعضب الذي يعني: الضخم الجريء الشديد. و-قعضب: اسم رجل من بني قشير، كان يعمل الأسِنَّة في الجاهلية-، إليه تنسب أسنة قعضب، ذكره أبو عبيد البكري في شرح أمالي القالي. والقعضبة: الشدة والاستئصال، وهي قرية القعضبة تقع بالقرب من مركز القفيف شمال منطقة مكة المكرمة، ويمر بها طريق حيوي هو طريق مدركة المؤدي إلى ميقات ذات عرق الشهير، الذي يمر بمركز عشيرة شرقًا ومدركة غربًا، وإحداثياتها كالتالي تقريبًا:
المَعْلَم | القعضبة | |
خط طول | 40.360286 | درجة شرقًا |
خط عرض | 21.928116 | درجة شمالًا |
بئر الباثة
قال عاتق البلادي في معالم مكة التاريخية والأثرية (ص.183): “ذات عِرْق: قال المتقدمون: عِرق هو الجبل المشرف على ذات عرق وسميت ذات عِرق نسبة إليه…تقع ذات عرق كما قدمنا في الشمال الشرقي من مكة على ثلاث مراحل يطؤها درب المنقَّى المعروف بدرب زبيدة، وهذه المراحل تخرج من مكة فأول مرحلة سُولة أو موضع بستان ابن معمر ملتقى النخلتين، وقد يفترق الحاج هنا فينزل بعضهم التنضب -عين- وبعضهم سولة، وقد يحط بعضهم المضيق، والمضيق والتنضب متجاورتان، والمرحلة الثانية الباثة أو مكَّة الرقَّة والباثة ما كان يعرف بالغُمير والثالثة الضريبة أو ذات عِرق”.
وعند الحربي في المناسك (ص.351): “الغمير أحد الأودية التي تصب في نخلة الشامية، وذكر أن من ذات عرق إلى الغمير: سبعة أميال. ومن الغمير إلى قبر أبي رغال: ميلان. ثم قال: وبالغمير عين جارية وبركة يجتمع فها ماء العين. وحوانيت كثيرة خراب”. والمرور في مثل هذا الوادي كانوا يطلقون عليه “الفلق”، ويعنون به الطريق المنخفض بين الربوتين، أو الذي تحفه ناحيتان مرتفعتان، وإحداثياته كالتالي تقريبًا:
المَعْلَم | الباثة | |
خط طول | 40.351409 | درجة شرقًا |
خط عرض | 21.767902 | درجة شمالًا |
2 التاريخ
يقترن تحديد تاريخ هذه السرية وقت إسلام جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه، وقد اختلف في تحديد تاريخه، فمن قائل إنه كان في السنة الثامنة، ومن قائل بأنه كان قبل وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأربعين يومًا أي في السنة الحادية عشرة، واختار جمهور أهل السيرة والتاريخ أنه كان في شهر رمضان من السنة العاشرة من الهجرة.
قال ابن حجر في الإصابة (ج.1، ص.582): “اختلف في وقت إسلامه، ففي الطّبرانيّ الأوسط .. عن قيس بن أبي حازم، عن جرير، قال: لما بعث النبي صلّى اللَّه عليه وسلم أتيته فقال: ما جاء بك؟ . قلت: جئت لأسلم، فألقى إليّ كساءه، وقال:إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه، حصين فيه ضعف، ولو صحّ لحمل على المجاز، أي لما بلغنا خبر بعث النبي صلّى اللَّه عليه وسلم، أو على الحذف، أي لمّا بعث النبيّ صلّى اللَّه عليه وسلم ثم دعا إلى اللَّه، ثم قدم المدينة، ثم حارب قريشا وغيرهم، ثم فتح مكة، ثم وفدت عليه الوفود. وجزم ابن عبد البرّ عنه بأنه أسلم قبل وفاة النبي صلّى اللَّه عليه وسلم بأربعين يوما وهو غلط، ففي الصّحيحين عنه أن النبي صلّى اللَّه عليه وسلم قال له: استنصت النّاس في حجّة الوداع. وجزم الواقديّ بأنه وفد على النبيّ صلّى اللَّه عليه وسلم في شهر رمضان سنة عشر، وأنّ بعثه إلى ذي الخلصة كان بعد ذلك، وأنه وافى مع النبيّ صلّى اللَّه عليه وسلم حجة الوداع من عامه. وفيه عندي نظر، لأن شريكا حدّث عن الشّيبانيّ عن الشعبي عن جرير، قال: قال لنا رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم: إنّ أخاكم النّجاشي قد مات …الحديث.أخرجه الطّبرانيّ، فهذا يدل على أن إسلام جرير كان قبل سنة عشر، لأن النجاشي مات قبل ذلك”.
وقال السهيلي في الروض الأنف (ج.1، ص.224): “وذكر بعث جرير البجلي إلى هدم ذي الخلصة وذلك قبل وفاة النبي – صلى الله عليه وسلم – بشهرين أو نحوهما”. ووافقه الدياربكري في تاريخ الخميس.
وقال يحيى الحرضي في بهجة المحافل وبغية الأماثل (ج.2، ص.73): “السنة العاشرة (ذكر إسلام جرير) بن عبد الله (في رمضان منها) كما جزم به ابن حبان والبغوي وأكثر الحفاظ المتأخرين وغلط الطحاوي وابن عبد البر وغيره ممن قال إن إسلامه قبل موت النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأربعين يوما؛ لما في الصحيحين وغيرهما عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: استنصت لي الناس. نعم يؤيد ما قاله ابن عبد البر: ما روي عن جرير قال ما كان إسلامي إلا بعد نزول المائدة، وقد عُلم أن قوله تعالى: {{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}}، إنما نزلت بعرفات في حجة الوداع، وهى من جملة آياتها. والجواب عنه: إنه أراد بعد نزول معظمها وكان قبل حجة الوداع ومن ذلك: آية الوضوء منها وهي نزلت قبل غزوة تبوك بزمن طويل.فإن قيل: قد روى الطبرانى في الأوسط والكبير بسند صحيح غريب عن جرير رضى الله عنه قال لما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أتيته فقال لي يا جرير لأي شيء جئتنا، قلت: لأسلم على يديك يا رسول الله، فألقى لي كساه، ثم أقبل على أصحابه فقال: (إذا أتاكم كريم قوم فاكرموه). وهذا يدل على أن مجيء جرير كان في أول البعثة. فالجواب: أن جريرا لم يرد بقوله لما بعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم أتيته أنه أتي بعد البعثة فورا وإلا للزم من ذلك أنه أسلم بمكة، ولا قائل به.ومما يقوى هذا ما في تتمة الحديث في المعجم الكبير فدعاني إلى شهادة أن لا اله إلا الله وأنى رسول الله وتقيم الصلاة المكتوبة وتؤدي الزكاة المفروضة وتؤمن بالقدر خيره وشره؛ وذلك لأن الصلاة المكتوبة إنما فرضت ليلة الإسراء، وهو بعد البعثة بمدة كما مر والزكاة إنما فرضت بالمدينة بلا توقف فحينئذ هذا اللفظ متروك الظاهر فلا يستدل به على قِدَم إسلام جرير. فإن قيل: ففي معجم ابن نافع من حديث شريك عن أبي اسحق عن الشعبي عن جرير قال: لما نعي النجاشي قال النبي صلي الله عليه وآله وسلم: إن أخاكم النجاشي هلك فاستغفروا له، فهذا يدل على تقدم إسلام جرير عن رمضان؛ لأن وفاة النجاشي كانت في رجب سنة تسع. فالجواب: أنه ليس في حديث جرير أنه كان مسلما يومئذ لجواز أن يكون حديثه من مراسيل الصحابة. وأما ما رواه الطبري عن جرير قال: بعثني النبي صلى الله عليه وسلم في أثر العرنيين الدال لتقدم إسلام جرير؛ لأن قصة العرنيين كانت سنة ست أو تسع، فجوابه .. لا دلالة فيه إذ لم يصرح بأنه كان مسلما يومئذ فلعله صلى الله عليه وآله وسلم استعان به يومئذ وهو علي كفره”، فيكون بذلك قد رد على غالب الإشكالات المثارة حول اختيار الجمهور.
وذكر ابن كثير في البداية والنهاية (ج.7، ص.142): “قلت: وقد ذكر البخاري بعد فتح مكة قصة تخريب خثعم البيت الذي كانت تعبده ويسمونه الكعبة اليمانية مضاهية للكعبة التي بمكة، ويسمون التي بمكة الكعبة الشامية، ولتلك الكعبة اليمانية”، فذكرها في الحوادث المشهورة في السنة الثامنة تبعًا للبخاري حيث ذكرها بعد فتح مكة المكرمة -وقد وقع في شهر رمضان 8هـ-.
لكنه ذكر قدوم وفد بجيلة وإسلامهم ومن بينهم سيدنا جرير رضي الله عنه ضمن حوادث السنة التاسعة، وقد ألمح إلى طول المدة بين الفتح وبين إسلام جرير رضي الله عنه في (ج7 ص 329): “والحديث مبسوط في الصحيحين وغيرهما، كما قدمناه بعد الفتح استطرادا بعد ذكر تخريب بيت العزى على يدي خالد بن الوليد، رضي الله عنه. والظاهر أن إسلام جرير رضي الله عنه كان متأخرا عن الفتح بمقدار جيد”.ويظهر مما سبق أن الأقوال التي ذهبت إلى تقدم إسلام جرير على السنة العاشرة أو تأخره عنها لا تخلو من مناقشات كثيرة، ولذا يظهر أن اختيار الجمهور أسلم وأضبط.
قال الإمام النووي في تهذيب الأسماء واللغات (ج.1، ص.147): “قال ابن قتيبة: قدم جرير على النبى – صلى الله عليه وسلم – سنة عشر من الهجرة فى شهر رمضان، فبايعه وأسلم”.
وقال البلاذري في أنساب الأشراف (ج.1 ، ص.384): “وكان جرير قَدِمَ على رسول الله صلى اللَّه عليه وسلم في شهر رمضان سنة عشر مسلمًا”.
وذكر إسلامه عز الدين ابن الأثير في الكامل (ج.2، ص.168): “وفي هذه السنة -العاشرة للهجرة- قدم جرير بن عبد الله البجلي في رمضان مسلمًا، فبعثه إلى ذي الخلصة فهدمها”.
وأخرج ابن الجوزي في المنتظم (ج.3، ص.383): “عن عبد الحميد بن جعفر، عن أبيه، قال: قدم جرير بن عبد الله البجلي سنة عشر ومعه من قومه مائة وخمسون رجلا”. وذكرها في ترجمة جرير أيضًا، وفي مؤلفه الآخر تلقيح فهوم اهل الأثر أن جريرًا رضي الله عنه أسلم في رمضان سنة عشر.وذكر اسلامه ابن منده في المستخرج بعد فتح مكة وقبل تبوك دون تحديد شهر، وذكره ابن حبان في حوادث السنة العاشرة.
وعند الحلبي في السيرة الحلبية (ج.3، ص.524): “وفي السنة الثالثة والعشرين من النبوّة وهي العاشرة من الهجرة قدوم عدي بن حاتم رضي الله تعالى عنه، وبعث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه ومعاذ بن جبل رضي الله عنه إلى اليمن، وبعث خالد بن الوليد رضي الله عنه إلى بني الحارث بن كعب بنجران، وبعث علي بن أبي طالب كرم الله وجهه إلى اليمن، وبعث جرير بن عبد الله البجلي إلى تخريب ذي الخلصة”.
قال ابن حجر في فتح الباري (ج.8، ص.76): “ذكر الطبراني من طريق إبراهيم بن جرير عن أبيه قال بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن أقاتلهم وأدعوهم أن يقولوا لا إله إلا الله فالذي يظهر أن هذا البعث غير بعثه إلى هدم ذي الخلصة ويحتمل أن يكون بعثه إلى الجهتين على الترتيب ويؤيده ما وقع عند بن حبان في حديث جرير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له يا جرير إنه لم يبق من طواغيت الجاهلية إلا بيت ذي الخلصة فإنه يشعر بتأخير هذه القصة جدًا وسيأتي في حجة الوداع أن جريرًا شهدها فكأنّ إرساله كان بعدها فهدمها ثم توجه إلى اليمن ولهذا لما رجع بلغته وفاة النبي صلى الله عليه وسلم”، فهو بهذا ذهب إلى أن سرية هدم ذي الخلصة تبعتها مباشرة سرية سيدنا جرير رضي الله عنه إلى اليمن، وكأنّهما منفصلتان.
ونص أهل السيرة على رجوعه من هدم ذي الخلصة كما تقدَّم عند ابن سعد قوله: “ثم قدم على النبي صلى الله عليه وآله بعدما هدمها”. ويؤيد ذلك وجوده في الشهادة على كتاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لوفد خثعم عليه في المدينة المنورة، كما أورده ابن سعد والصالحي أيضًا أنّهم أتوا مسلمين إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأقطعهم بيشة وشهد على كتابه جرير بن عبد الله ومن حضر، وهذا يثبت أن سرية هدم ذي الخلصة كانت مستقلة بنفسها، وبعدها رجع جرير بن عبد الله رضي الله عنه إلى المدينة المنورة.
ونقل ابن حجر في فتح الباري (ج.8، ص.72): “روى الحاكم في الإكليل من حديث البراء بن عازب قال قدم على النبي صلى الله عليه وسلم مائة رجل من بني بجيلة وبني قشير جرير بن عبد الله فسأله عن بني خثعم فأخبره أنهم أبوا أن يجيبوا إلى الإسلام فاستعمله على عامة من كان معه وندب معه ثلاثمائة من الأنصار وأمره أن يسير إلى خثعم فيدعوهم ثلاثة أيام فإن أجابوا إلى الإسلام قبل منهم وهدم صنمهم ذا الخلصة وإلا وضع فيهم السيف”، فهذا صريح في مكوثه بديارهم ثلاثة أيّام على الأقلّ يدعوهم.
وبناء على ذلك وبمُراجعة برمجيَّة آستروكال، فيكون خروج السرية من المدينة كان بحدود يوم الخميس 5 رمضان سنة 10 هجرية على التقدير، الموافق 5 ديسمبر 631 م تقريبًا، وهذا جدول بتواريخ السريّة على التقدير:
هجري | ميلادي | |
خروج | الخميس 5 رمضان 10 هـ | 5 ديسمبر 631 م |
وصول العبلاء | الأحد 15 رمضان 10 هـ | 15 ديسمبر 631 م |
رجوع | الجمعة 27 رمضان 10 هـ | 27 ديسمبر 631 م |
مُدَّة السريّة | 23 يومًا |
3 مُزامنة الطَّريق
طريق الذهاب (المدينة المنوَّرَة – العبل) | |||||||||||||||||||||
اليوم الأول
(الخميس) 5 رمضان 10 هـ 5 ديسمبر 631 م
|
|
||||||||||||||||||||
اليوم الثاني
(الجمعة) 6 رمضان 10 هـ 6 ديسمبر 631 م |
|
||||||||||||||||||||
اليوم الثالث
(السبت) 7 رمضان 10 هـ 7 ديسمبر 631 م |
|
||||||||||||||||||||
اليوم الرابع
(الأحد) 8 رمضان 10 هـ 8 ديسمبر 631 م |
|
||||||||||||||||||||
اليوم الخامس
(الاثنين) 9 رمضان 10 هـ 9 ديسمبر 631 م |
|
||||||||||||||||||||
اليوم السادس
(الثلاثاء) 10 رمضان 10 هـ 10 ديسمبر 631 م |
|
||||||||||||||||||||
اليوم السابع
(الأربعاء) 11 رمضان 10 هـ 11 ديسمبر 631 م |
|
||||||||||||||||||||
اليوم الثامن
(الخميس) 12 رمضان 10 هـ 12 ديسمبر 631 م |
|
||||||||||||||||||||
اليوم التاسع
(الجمعة) 13 رمضان 10 هـ 13 ديسمبر 631 م |
|
||||||||||||||||||||
اليوم العاشر
(السبت) 14 رمضان 10 هـ 14 ديسمبر 631 م |
|
||||||||||||||||||||
اليوم الحادي عشر
(الأحد) 15 رمضان 10 هـ 15 ديسمبر 631 م |
|
طريق العودة (العبل – المدينة المنوَّرَة) | |||||||||||||||||||||
اليوم الأول
(الثلاثاء) 17 رمضان 10 هـ 17 ديسمبر 631 م
|
|
||||||||||||||||||||
اليوم الثاني
(الأربعاء) 18 رمضان 10 هـ 18 ديسمبر 631 م |
|
||||||||||||||||||||
اليوم الثالث
(الخميس) 19 رمضان 10 هـ 19 ديسمبر 631 م |
|
||||||||||||||||||||
اليوم الرابع
(الجمعة) 20 رمضان 10 هـ 20 ديسمبر 631 م |
|
||||||||||||||||||||
اليوم الخامس
(السبت) 21 رمضان 10 هـ 21 ديسمبر 631 م |
|
||||||||||||||||||||
اليوم السادس
(الأحد) 22 رمضان 10 هـ 22 ديسمبر 631 م |
|
||||||||||||||||||||
اليوم السابع
(الاثنين) 22 رمضان 10 هـ 22 ديسمبر 631 م |
|
||||||||||||||||||||
اليوم الثامن
(الثلاثاء) 23 رمضان 10 هـ 23 ديسمبر 631 م |
|
||||||||||||||||||||
اليوم التاسع
(الأربعاء) 24 رمضان 10 هـ 24 ديسمبر 631 م |
|
||||||||||||||||||||
اليوم العاشر
(الخميس) 25 رمضان 10 هـ 25 ديسمبر 631 م |
|
||||||||||||||||||||
اليوم الحادي عشر
(الجمعة) 26 رمضان 10 هـ 26 ديسمبر 631 م |
|
5 المراجع
- موقع عكاظ مقال للشيخ حمد الجاسر، ملحق رقم 2 (بداية من ص 31) من كتاب موقع عكاظ للدكتور عبد الوهاب عزام ط. دار هنداوي للتعليم والثقافة سنة 2013م.
- تربة البقوم آثار ومعالم لأستاذ/ محمد بن سعد بن محي البقمي مقال منشور في جريدة عكاظ العدد (11330) رابطhttp://www.3naizah.net/shora/t5959.html#ixzz4xcnoPN9N
- مقال حمد الجاسر تحت في مجلة العرب في شعبان 1408 رابطhttp://www.3naizah.net/shora/t5959.html#ixzz4xcoMnA92