ملاحق يوميّات حجّة الوداع
ملحق (أ)
في حساب المسافات بين المنازل والمراحل على طريق القوافل
يُقدَّر سير القافلة قديماً في يوم وليلة بوِحْدَة تُسمَّى “المرحلة”، وهي طريقة قديمة لقياس المسافات، مقدارها محسوب ومعروف من قديم بناء على وِحْدَة الميل الفلكي (1852 متر) ~ (انظر المكاييل والموازين الشرعيّة، أ.د. علي جمعة) ~، وسرعة السير المُعتاد لراكب الدَّابة.
وطبقاً للمصادر ~ (انظر مزامنة حجّة الوداع عند الواقدي) ~ فإن من عادة القوافل سير المرحلة على جزئين، جزء بالليل وجزء بالنهار وتُسمَّى المحطَّة الفرعيّة على الطريق التي يصلون إليها في النصف الآخر من النهار – بعد وقت الظهر – بـ”المُتعشَّى” لأنهم كانوا يقفون بها وقت “العشيّ” أي النصف الأخير من النهار، فيتزوَّدون بالماء والمؤن عادةً ويستريحون حتى انقضاء ثُلث الليل الأوّل تقريباً ثم يكملون المسير إلى نهاية “المرحلة”، فـ “المراحل”، و”المتعشَّيات” هي بمثابة محطَّات على الطريق عند الآبار والعيون الكبرى في الصحاري.
وتقدير مسافة “المرحلة” اختلف فيه الفقهاء، لاختلافهم في تقدير الميل ~ (انظر المكاييل والموازين الشرعيّة، أ.د. علي جمعة)~، واتَّفق عليه علماء الجغرافيا والبلدانيّات المسلمين، والذي نختاره لموافقته الخرائط والحساب والواقع وكلام الجغرافيين هو رأي الحنفية والمالكيّة أن الميل يساوي (1855 متر) تقريباً وهو الميل الفلكي الحديث Nautical Mile وبدقّة يساوي (1852 متراً).
فعند البكري الأندلسي (ت 478 هـ) في معجم ما استعجم أن بين المدينة وذي الحليفة ستة أميال وقيل سبعة (معجم ما استعجم، ج2، ص 464، ط. عالم الكتب، بيروت، تحقيق. مصطفى السقا)، وبقياس المسافة على برمجيّة غوغل إيرث بالتقريب باعتبار السير في السهل تكون المسافة بين المسجد النبوي الشريف ومسجد الميقات بذي الحليفة حوالي 5.3 ميل فلكي تقريباً وهو قريب جداً مما قاله البكري الأندلسي بمقدار تفاوت نصف ميل تقريباً، ومثال آخر أيضاً ما ذكره البكري أن بين مَلل والسَّيالة – على طريق المدينة مكَّة – سبعة أميال، وعلى ما قِسناه على برمجيّة غوغل وجدناها باعتبار خط السير في السهل أيضاً 6.8 ميل فلكي وهو يكاد يكون نفس ما ذكره البكري بإهمال الكسور.
وعند ابراهيم بن إسحاق الحربي (ت 285 هـ) في المسالك وأماكن طرق الحجّ (ط. دار اليمامة، السعودية، تحقيق. حمد الجاسر، ص. 427)، أن بين المدينة وذا الحُليفة خمسة أميال ونصف، وهو دقيق وأقرب لما حسبناه من كلام البكري وأدق، ولعل البكري أهمل الكسور، وعنده أيضاً أن بين ذا الحُليفة وملل 12 ميلاً، وعند قياستها على غوغل وجدناها حوالي 14.5 ميلاً وهو تفاوت معقول عمّا قِسناه أيضاً. والشاهد مما ذكرنا عن ابن إسحاق الحربي والبكري الأندلسي أنهم يعتمدون الأميال الفلكيّة في الحساب على مذهب الحنفيّة والمالكيّة أن الميل يساوي 1852 متراً تقريباً وعليه تكون المرحلة (24 ميلاً) ~ (انظر المكاييل والموازين الشرعيّة، أ.د. علي جمعة) ~ تساوي 44.5 كم تقريباً.
وبمعلوميّة أن سرعة سير الإنسان المُعتاد تتراوح بين 4.5-5 كم/ساعة، فإننا نقسم سرعة سير الإنسان المُعتاد (وهي نفس سرعته عند ركوب الإبل تقريباً في سير القوافل)، فيكون متوسط السير يومياً حوالي 9-10 ساعات تقريباً وهذا يتفاوت بتفاوت طول المرحلة وظروف الطريق وحالة الطقس.
متوسط طول المرحلة | 44.5كم |
سرعة القافلة | 4.5 كم/ س |
الوقت الذي تحتاجه القافلة/ السائر لقطع 1 كم | ربع ساعة تقريباً |
ملحق (ب)
في تقدير يوم الخروج من المدينة ويوم دخول مكّة
اتفقت غالب المصادر على أن وقت الخروج من المدينة في حجّة الوداع كان: “لخمس بقين من ذي القعدة”، واختلفوا في اليوم الموافق له من الأسبوع على قولين، قول الأكثرية من أهل السير، وقول ابن حزم واقتضى أن يكون الخروج “لست بقين من ذي القعدة”، ثم اتفقوا في أنّ يوم عرفة وافق الجمعة قطعاً.
فروى ابن هشام (ت 218هـ) عن ابن إسحاق بسنده عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى الحج لخمس ليال بقين من ذي القعدة (سيرة ابن هشام، ط. مؤسسة المعارف، بيروت، ص 708) وتابعه ابن جرير الطبري (ت 310هـ) على ذلك في تاريخه ولم يزد عليه (تاريخ الرسول والملوك، ج 3، سنة 10 هجري، ص. 148، ط. دار المعارف، مصر).
وأورد ابن سعد (ت 230 هـ) في الطبقات بغير سند قال: “وخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من المدينة مغتسلاً متدهناً مترجلاً متجرداً في ثوبين صُحَاريَّين إزاء ورداء، وذلك يوم السبت لخمس ليال بقين من ذي القعدة فصلى الظهر بذي الحليفة ركعتين، وأخرج معه نساءه كلهن في الهوادج، وأشعر هديه وقلّده، ثم ركب ناقته، فلما استوى عليها بالبيداء أحرم من يومه ذلك، وكان على هديه ناجية بن جندب الأسلمي … وكان يوم الاثنين بمرّ الظهران فغربت له الشمس بسَرِف، ثم أصبح فاغتسل ودخل مكّة نهاراً، وهو على راحلته القصواء” (الطبقات الكبيير لابن سعد، ط. مكتبة الخانجي، القاهرة، ج2، ص 157).
وعند الواقدي (ت 207 هـ) – شيخ محمد بن سعد – في مغازيه مُسنداً: “خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم السبت لخمس ليال بقين من ذي القعدة، فصلى الظهر بذي الحليفة ركعتين، وأحرم عند صلاة الظهر من يومه ذلك، وهذا الثبت عندنا”، وأورد الواقدي رواية أُخرى غير ما رجّح قال: “أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم انتهى إلى ذي الحليفة عند الظهر فبات لأن يجتمع إليه أصحابه والهدي حتى أحرم عند الظهر من الغد”، وروى الواقدي أيضاً عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: “انتهينا إلى رسول الله صىلى الله عليه وآله وسلم بذي الحليفة ليلاً ومعنا عبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان، فلمّا أصبح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رأيت الهدي يُعرض عليه، فلمّا صلى الظهر أشعر هديه وقلّده قبل أن يحرم”، ثم علّق على ذلك الواقدي أيضاً قائلاً: “والقول الأوّل عندنا أثبت أنّه لم يبت.
وعند ابن حزم الأندلسي (ت 456 هـ) في جوامع السيرة: “ثم حج عليه السلام حجة الوداع، خرج لها من المدينة بعد أن صلى الظهر يوم الخميس لست بقين لذي القعدة، وبات بذي الحليفة، وأهل منه قارناً بين الحج والعمرة، وكان معه الهدي: مائة من الإبل، بعضها حملها صلى الله عليه وآله وسلم مع نفسه وبعضها وهو نحو الثلث أتى به علي بن أبي طالب من اليمن، ودخل مكة من أعلاها، يوم الأحد لأربع خلون لذي الحجّة”. وتابعه على ذلك ابن سيّد الناس (ت 734 هـ) في عيون الأثر وزاد عليه أنّه صلى الله عليه وآله وسلم بات ليلة الأحد المذكور بذي طَوى.
وخلاصة الأقوال ثلاثة، الأوّل ذهب إليه الواقدي، وهو أن خروجه صلى الله عليه وآله وسلم كان يوم السبت 25 ذو القعدة 10 هـ، ودخوله صلى الله عليه وآله وسلم مكة صبيحة الثلاثاء 6 ذو الحجّة 10 هـ، وتابعه في أن يوم الخروج السبت تلميذه ابن سعد في الطبقات، وابن كثير في البداية والنهاية وابن القيم في زاد المعاد والصالحي الشامي في سبل الهدى والرشاد وغالب كتّاب السير، واختلف الثلاثة المتأخرون مع الواقدي في يوم دخول مكّة، فاتفقوا أنّه صبيحة يوم الأحد 4 ذو الحجّة 10 هـ، ووقع التناقض في كلام الصالحي الشامي نقلاً عن ابن سعد والواقدي في أنّه ذكر أن النّبي صلى الله عليه وآله وسلم كان بمرّ الظهران يوم الاثنين وغربت له الشمس، ثم قال الصالحي بعدها ثم نهض ودخل مكة يوم الأحد!، وهو خطأ قطعاً، إذ مرّ الظهران على مرحلة قبل مكّة، فإذا نزلها الاثنين كان دخوله مكّة الثلاثاء، وإن كان دخوله مكة الأحد، وَجَبَ أن يكون نزوله مرّ الظهران يوم السبت أو قبله.
وباختيار قول الأكثرية خلافاً لابن حزم من أنّه صلى الله عليه وآله وسلم خرج من المدينة لخمس بقين من ذي القعدة، أي يوم الخامس والعشرين لأن ذا القعدة في هذه السنة كان 29 يوماً فقط، نقول إن يوم دخول مكّة إذا كان الأحد لأربع خلون لذي الحجّة كما نص عليه أكثرهم خلافاً للواقدي، وباعتبار أن مسافة الطريق المحسوبة لا تقل عن 450 كم أو 245 ميل فلكي، فإذا كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد بات بذي الحليفة، تكون المسافة مقسّمة على 7 أيّام بما في ذلك يوم الدخول والخروج، وعليه تكون المسافة المقطوعة يومياّ حوالي 64 كم، وهي مسافة كبيرة جداً خصوصاً أن السير كان على الإبل وسرعتها كسرعة سير الإنسان المعتاد تقريباً وهي في حدود 4.5كم/ساعة وهو ما يعني تقريباً 15 ساعة سفر في كل 24 ساعة، وهو ما لم يقل به أحد، إذ سفر اليوم كعادة القوافل يكون في حدود 10-12 ساعة تقريباً مقسّمة على جزئين بينهم راحة، ويكون الجزء في حدود 22 كم بالمتوسط – بريد – يتم قطعهم في خمس ساعات تقريباً فتسير القافلة في كل 24 ساعة حوالي 44 كم إلى 50 كم تقريباً وهي المرحلة المُتعارف عليها ومقدارها يوم وليلة من السير المعتاد ~ (انظر ملحق “أ”)~، وعليه يكون القول بأن الوصول لمكّة كان يوم الأحد لأربع خلون على اعتبار الخروج من المدينّة يوم السبت 25 ذو القعدة والمبيت بذي الحليفة غير مقبول ومخالف للمعتاد، لذا نختار قول الواقدي أنّه صلى الله عليه وآله وسلم دخل مكة يوم الثلاثاء 6 ذو الحجّة، ومنها يكون سير اليوم في حدود 45 كم وهو مقبول والله أعلم.
ملحق (ج)
في تقدير وقت أعماله صلى الله عليه وآله وسلم يوم النحر
تذكر الروايات أنه صلى الله عليه وآله وسلم عندما كان مبيتاً بمزدلفة ليلة عيد الأضحى وأنه صلى الله عليه وآله وسلم صلى الصبح بمزدلفة صبيحة ذلك اليوم ووقف على جبل قُزَح – المشعر الحرام ومكانه الآن مسجد المشعر الحرام – يدعو ويكبر حتى أنارت السماء قُبيل طلوع الشمس – حوالي 6:25 صباحاً – فالشروق في مكة هذا اليوم 6:30 صباحاً تقريباً، ثم سار إلى العقبة الكبرى حوالي 6 كم في ساعة ونصف تقريباً، فالتقط له عبد الله بن عباس سبع حصيات رماهم ثم خطب خطبة بمنى كرَّرَ فيها بعض نقاط خطبة عرفة ثم نحر بعدها عند منزله قريباً من العقبة الكبرى 7 بدنات وكبشين أملحين قِيل نحر جميعهم بيديه الشريفتين، وربما عدداً من البقر عن نسائه لا نعلمه يقينا ثم طُبخ من الذبائح فأكل منها ثم حلق شعره وقسّمه ثم تطيب وسار إلى مكة حوال 4.5 كم في ساعة وربع تقريباً فطاف بالبيت.
وهذا تقدير لكل حادثة من تلك الحوادث لمعرفة وقت وصوله مكة بالتقريب:
ـ وقف بالمشعر الحرام حتى الساعة 6:25 صباحاً ثم تحرك إلى العقبة الكبرى.
ـ وصل العقبة الكبرى حوالي 8:00 صباحاً تقريباً.
ـ التقط عبد الله بن عباس له 7 حصيات في حدود 5 دقائق ورماهم صلى الله عليه وآله وسلم في حدود 5 دقائق أخرى، الوقت الآن 8:10 صباحاً تقريباً.
ـ خطب الناس خطبة كرر فيها المبادئ العامة للإسلام استغرقت حوالي 10 دقائق، فقد كانت خطبه صلى الله عليه وآله وسلم موجزة وجامعة، الوقت الآن 8:20 صباحاً تقريباً.
ـ سار حتى المنحر وأمر بإراحة وتجهيز الذبائح ونقدّر هذا ب 20 دقيقة أخرى، الوقت الآن 8:50 صباحاً تقريباً
ـ ذبح بيده الشريفة 7 بدنات بعد أن جهزت له، وكبشين أملحين، وبفرض أن الواحدة ذبحها في حدود دقيقتين ثم تركها للجزارين يكملون جزارتها، فهذه حوالي ثُلث الساعة، نحن الآن في حدود الساعة 9:10 صباحاً تقريباً، ثم أمر بأخذ مما ذُبح وأن يُطبخ في قدر، فهذه حوالي ساعة أخرى حتى يأخذوا من جميع الاضاحي، الوقت الآن 10:10 صباحاً تقريباً، ثم حوالي ساعتين حتى طُبخت اللحم واستوت، الوقت الآن حوالي 12:10 صباحاً.
ـ ثم وَكَّل غيره في ذبح البقر عن نسائه هدياً وأضاحي بعد أن اشتراه من مكة أو أمر بشرائه، ثم جلس يحلق شعره ويقسمه أثناء طبخ اللحم.
ـ أكل من ذبائحه بعد أن طُبخت واستغرق هذه في حدود نصف ساعة، والظاهر أنه أكل من البُدن لا من الخراف لضيق الوقت وقد ذُبح البدن قبلها، نحن الآن تقريباً الساعة 12:40 ص وهو وقت صلاة الظهر تقريباً.
ـ ركب ثم سار إلى مكة ووصل الحرم بعد ساعة وربع، نحن الآن تقريبا الساعة 2 ظهراً فصلاه بها ثم طاف طواف الإفاضة ورجع قافلاً إلى منى والله أعلى وأعلم.
روى مسلم وغيره في حديث جابر بن عبد الله عن حجّة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهو حديث طويل، أنّه صلى الله عليه وآله وسلم ركب فأفاض إلى البيت وصلى الظهر بمكّة يوم النحر، وروى مسلم و غيره أيضاً من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أفاض يوم النحر ثم رجع فصلى الظهر بمنى، وروى محمد بن إسحاق عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أفاض من آخر يومه حين صلى الظهر ثم رجع إلى منى فمكث بها ليالي أيام التشريق يرمي الجمرة إذا زالت الشمس وعلى الأقوال الثلاثة المذكورة وما استنتجناه من حساب، فيكون الجمع بين الأقوال أنه صلى الله عليه وآله وسلم قد أذن عليه الظهر بمنى وصلاّه بمكة، ويكون وقع الوهم في رواية ابن عمر، ويُجمع بين قول أم المؤمنين وجابر أنّ الظهر أذَّن عليه بمنى، وهو موافق لقول ابن عمر من وجه، لكن لم يصله إلا في مكةو الله أعلى وعلم.
ملحق (د)
في تفصيل ما ذُكر من أطعمة ومتاع في حجة الوداع
ذَرِيْرَة
الذَرِيْرَة نبات اسطواني الشكل مثل القصب أو القش، ويُسمى قصب الذريرة وقصب الطيب، طَيّب الرائحة يُشبه الزنجبيل في رائحته وطعمه، طعمه قابض مع حراقة بسيطة، ينبت في مصر والأهواز والصين والهند وبعض نواحي جزيرة العرب وأنواعه مختلفة، والمذكور في السيرة غالبا هندي، لونه أحمر أو أصفر من الخارج أبيض من داخله، يُجفف ويُسحق ويُمزج مع دهن الورد أو المسك ويصنع منه طيب ويستخدم أيضا للتداوي خصوصاً الأورام والخُراجات بخلطه مع دهن الورد والخل وغيرها من الوصفات، وله ذكر في كُتب السيرة والسنة وفي الكتب السابقة – العهد القديم والجديد -، وتناوله ابن سينا بوصف مفعوله الطبي وكذا ابن القيم وغيرهم.
للمزيد انظر الروابط:
الذريرة/https://draldaker.wordpress.com/2013/02/06//
http://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar/الذريرة
أقِطْ
الأقِطْ عبارة عن لبن حليب يتم خضّه – تحريكه في منفخة من جلد الحيوان؛ ماعز أ وخراف أو بقر أو إ بل-، ويُترك ليلة، فينفصل إلى زُبد ولبن متخثر/ رائب أو زبادي – يوغورت بالعثمانية – نتيجة تفاعل سكر اللاكتوز في الحليب مع البكتيريا النافعة في جلد الحيوان منتجة حمض اللاكتيك الذي يعطي الرائب حموضته، ثم يتم تسخين الرائب في قدر حتى يجف ماؤه ويتكتل ويصبح قوامه غليظاً، فيتم جمعه في شكل كُرات أو أقراص ثم يوضع في الشمس ليستكمل تجفيفه ويصبح جافاً تماماً، ويكون صالحاً للاستخدام لفترات طويلة قد تصل لسنة أو أكثر، ويمكن سحقه أو تكسيره واستخدامه في وصفات الأطعمة المختلفة.
للمزيد انظر الروابط:
http://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar/أقط/
حَيْس
الحَيْس طعام يصنع من تفتيت التمر والأقط -ذُكر سابقاً- ويعجنا بسمن ويُسوّى الخليط قليلاً على النار، فيصير مثل فَتَّة حُلوَة – مثل الثريد- وهي وجبة صحراوية مغذيّة حُلوة وبها حموضة من الأقط ودسامة من السمن.
للمزيد انظر الروابط:
http://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar/حيس
تلبيد الشعر
تلبيد الشعر هو تسكينه بوضع مادة عليه تجمعه وتضفره – لمن شعره طويل – وتلصقه حتى لا يتشعث ومنعا لجمعه الأتربة والوسخ وكانوا يستخدمون قديما لذلك عدة وصفات تحتوي على عسل أو على صمغ وحناء وغاسول أو غير ذلك، والمقابل العصري لهذا هو ما يُسمى الآن بـ”مُثَبِّت الشَّعْر” أو الاسم الدارج له “الجِل” وهو معرّب عن الانجيلزية Gel وبعض مثبتات الشعر الحديثة تمنع إيصال الماء لفروة الرأس، وأما الوصفات القديمة كالعسل والصمغ فهي لا تمنع وصول الماء لفروة الرأس عن الوضوء مثلا.
حمار وحشي
ذكرت بعض الروايات الحُمُر الأهلية والحُمُر الوحشيّة، وأن أكل الحُمُر الأهلية محرّم مع إباحة أكل الحُمُر الوحشيّة، واختلط على الناس في العصر الحديث مصطلح “حمار الوحش”، فحمار الوحش المذكور في الأحاديث والأخبار غير حمار الزرد المخطط المعروف الآن بالحمار الوحشي – “الزيبرا” باللاتينيّة – والذي يعيش في سهول إفريقية ولا تعرفه العرب، أمّا الحمار الوحشي المذكور في الروايات فهو نوع من الخيليّات البريّة الذي كان منتشراً في جزيرة العرب وبلاد الشام والعراق، وصفاته المذكورة أنه أكبر من الحمار الأهلي قليلا ويشبه ما يُعرف الآن بـ”المها” غير أنه ليس له قرنان، وأنّه غير قابل للاستنئناس، وهذه الصفات تنطبق على حيوان ما زال معروفا بالحمار البري إلا أنّه انقرض تقريبا من الجزيرة العربيّة وما زال يُعرف للآن باسم الأخدر وأكله مباح كما في نص الأحاديث بتفصيل عند الفقهاء.
للمزيد انظر الروابط:
http://www.alsdaqa.com/vb/showthread.php?t=40907
http://www.mekshat.com/vb/showthread.php?111665-الحيوانات-المنسية-في-السعودية
http://www.mekshat.com/vb/archive/index.php/t-648733.html
https://ar.wikipedia.org/wiki/مها_عربية
http://www.mekshat.com/vb/showthread.php?111665
https://ar.wikipedia.org/wiki/أخدر
ملحق (هـ)
في تحقيق أحاديث تلبية الأنبياء في أماكن من طريق الحجّ
روى مسلم في كتاب الإيمان وأحمد من مسند عبد الله بن عبّاس وابن ماجه في كتاب المناسك أن النّبي صلى الله عليه وآله وسلم مرّ على واد فقال: أي واد هذا؟، قالوا وادي الأزرق… ثم مرّ على ثنيّة فقال: أي ثنيّة هذه؟ قالوا كذا وكذا وفي رواية “هرشى” وفي رواية “هرشى أو لفت”.
وحغرافيّاً؛ عند البكري في معجم ما استعجم “وادي الأزرق خلف أمج إلى مكّة بميل…” ثم ذكر الحديث من رواية أنها ثنية “هرشى”، وعند عاتق البلادي في معجم معالم الحجاز أن وادي الأزرق هو “النغر” وهو تصحيف والصواب أنّه غُران الذي على هذه الصفة ذكره السمهودي في وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى، والمشكل في الرواية؛ أن غُران (وادي الأزرق) وهرشى معروفان وكذا الفت (خُليص) للآن على الصفات المذكورة، إلا أن ثنيّة هرشى او كما في الرواية الأخرى ثنيّة لفت ليست بعد غُران بل قبله وقد تنبّه السمهودي في وفاء الوفا لذلك فعقّب على رواية الحديث المرفوع قائلاً: “وقوله: ثمّ مرّ على ثنيّة هرشى، يعني في عودته صلى الله عليه وآله وسلم من الحجّ” والمشكل في تعقيبه ذلك مع تنبهه لقضية تقدم مكان وادي الأزرق (غُران) على ثنيّة هرشى أنه يبعد ذلك في رحلة العودة غالباً لأن الحديث في معرض تلبية الأنبياء بالحج، وهو ما يقع قبل موسم الحجّ وفيه لا بعده فناسب ذلك أن يُذكرا جميعاً في الذهاب لا في العودة، ولم تُشر الرواية من قريب أو بعيد للعودة.
والذي أمامنا عدّة احتمالات: الأوّل أن تكون الرواية مقلوبة من الراوي عفواً لأن الرواية قد تكون بالمعنى وهذا ممكن؛ إذ وردت رواية لم تذكر فيها الثنيّة: “مرّ على ثنيّة فقال أي ثنيّة هذه؟، قالوا ثنيّة: كذا وكذا”، ووردت أُخرى بالتردد بين هرشى ولفت: “قالوا: ثنيّة هرشى أو لفت” ولعلّ التردد من الراوي، و الاحتمال الآخر أن تكون الثنيّة بعد وادي الازرق و غالباً حينها ستكون تلك ثنيّة “غزال” وهي بعد غُران مُباشرة قريب مكّة، أو يكون الخطأ في اسم و ادي الأزرق أو تعيين مكانه، وهو مستبعد لعدم تردد الجغرافيين في تعيينه وسمّاه السمهودي باسمه – المعاصر – في وفاء الوفا، ونحن نختار أن الرواية غالباً مقلوبة مرويّة بالمعنى والله أعلم وسنذكر كل جزء منها في مكانه.
ملاحق يوميّات الهجرة الشريفة
ملحق (أ)
في مزامنة طريق الهجرة الشريفة
اعتمدنا في حساب مزامنة طريق الهجرة الشريفة والتوقيع الجغرافي للأماكن على عدَّة مصادر تراثية وحديثة مذكورة في ملحق المصادر، فبعد تحديد وقت الخروج ويوم الوصول في الهجرة الشريفة فلكياً باستخدام برمجيَّة التقويم، قمنا بتوقيع الأماكن المذكورة في المصادر الجغرافيَّة بعد مرا جعتها وتنقيحها قدر الإمكان ثم أدى تحليلنا للجغرافيا في حدود زمن الخروج من مكة ودخول قُباء إلى هذه المُزامنة والمذكورة سرداً داخل يوميّات الحدث، وهذا جدول بتلخيص هذه المزامنة، وقبل عرضه هذه عدّة فرضيات اعتمدناها في حساب المزامنة:
- أن سرعة راكب الجمل؛ سرعة القافلة، هي سرعة الإنسان المعتاد وهي تقريباً 5 كم/ساعة، وهذا متوسط محسوب ومقدَّر في العصر الحديث، وهذا التقريب مقبول ومناسب في ضوء رواية الواقدي عن الهحرة، وعليه إذا كانت المسافة بين “أ” و “ب” 10 كم، يكون الوقت اللازم لقطع هذه المسافة هو 10 كم مقسومة على السرعة 5 كم/ساعة فتكون ساعتين، وهكذا.
- أن سير اليوم المعتاد هو “مرحلة”، والمرحلة محسوبة من قديم ومُقدَّرة عند الجغرافيين المسلمين والفقهاء بـ 44.5 كم تقريباً – عند الحنفيَّة والمالكيَّة والجغرافيين وهو الصحيح، انظر المكاييل والموازين الشرعية أ.د علي جمعة- وهو المتوسط إذ تزيد وتنقص حسب محطات الطريق، وعليه يكون سير اليوم بالمتوسط 9 ساعات والبَقِيَّة راحة، وعادة ما يتم تقسيم هذه المسافة في السير إلى جزئين كل جزء حوالي 22 كم يُقطع في 4.5 ساعات، فتسير القافلة جزء بالليل بعد العشاء إلى صلاة الصبح، ثم جزء من صلاة الصبح إلى الظهيرة أو صلاة العصر حسب تفاوت المسافة في كل مرحلة، وعادة يكون هذا التفاوت في حدود 15 كم -ثُلث مرحلة- بالزيادة أو النقصان، فلا تزيد مرحلة على 60 كم ولا تقل عن 30 كم عادةً، وهذا كلّه مستنتج من روايات حجَّة الوداع والهجرة الشريفة، للمزيد يُنظر بحث مُزامنة طُرُق سير القوافل (قيد الكتابة).
اليوم الأول
(الأثنين) |
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
اليوم الثاني
(الثلاثاء) |
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
اليوم الثالث
(الأربعاء) |
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
اليوم الرابع
(الخميس) |
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
اليوم الخامس
(الجمعة) |
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
اليوم السادس
(السبت) |
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
اليوم السابع
(الأحد) |
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
اليوم الثامن
(الاثنين) |
|
ملحق (ب)
فيما ذُكر من متاع في هذه اليوميات
بُرد حضرمي
البُرد كساء أو لحاف مُربّع الشكل غالبا مُخطط و/أو به نقوش، وحضرمي نسبة إلى حضرموت وغالبا هو مصنوع فيها.
ملحق (ج)
في اختيارات وترجيحات ذهبنا إليها في هذه اليوميات
- أن قوله تعالى {لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى ٱلتَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ …} [التوبة: 108] نزلت في مسجد قُباء والله أعلم
- اختلفت الأقوال في المسجد الذي أُسس على التقوى من أول يوم الذي نزلت فيه الآية هل هو مسجد النبي والذي أسسه بعد ذلك أم هو مسجد قُباء والرأيان معتبران ولهما أدلتهما، والذي يظهر لي والله أعلم أن الذي نزلت فيه الآيات أول الأمر هو مسجد قُباء، إذ أن مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند بيته يصلي فيه الصلوات ويقوم فيه، وأما الآيات فكانت تقارن بين مسجد الضرار والذي بناه حي من المنافقين وبين مسجد قُباء الذي يناه حي المؤمنين فحثّ الله رسوله على أن يذهب ويصلي في مسجد قُباء والأظهر أن أول يوم هو أول قدوم المدينة، فكان صلى الله عليه وآله وسلم يُحب أن يسير إلى قُباء فيصلي في مسجدها يوم السبت وحث على ذلك، ولا ينافي هذا كون المقصود في الآية هو المسجد النبوي أيضاً مع كونها نزلت في مسجد قُباء كما ذهب لذلك أصحاب القول الآخر والله أعلم.
- في أزمان لقاء سلمان الفارسي بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم
- ذكر ابن إسحاق بسنده عن عبد الله بن عباس عن سلمان الفارسي في قصّة إسلام سلمان الفارسي أن سلمان سمع ابن عم سيده اليهودي يقول “قاتل الله بني قَيْلَة، والله إنهم الآن لمجتمعون بقباء على رجل قدم عليهم من مكة اليوم يزعمون أنه نبي” وهو واضح أن هذا حدث صبيحة يوم دخول النبي صلى الله عليه وآله وسلم قُباء من الهجرة الشريفة، وأن سلمان قال حاكياً عن نفسه: “وقد كان عندي شيء قد جمعته، فلما أمسيت أخذته ثم ذهبت به إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقُباء” وهو صريح أيضاً أنه نفس يوم الإثنين المذكور مساءاً بعد سماع سلمان الخبر من ابن عم سيده اليهودي وأنه أعطى النبي من هذه الصدقة في مجلسه فامتنع النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن أكلها وتركها لأصحابه والله أعلم.
- وذكر ابن إسحاق في ذات الرواية عن سلمان الفارسي أنه قدم على النبي المرة الثانية بعد أن تحول النبي صلى الله عليه وآله وسلم للمدينة المنوّرة، ولصعوبة تحديد هذا اليوم بدقة لعدم وجود قرينة كما في الأيام الأخرى، فإني ألحقت هذا الحدث بحدث يوم الدخول للمدينة المنورة مفترضاً أنه حدث يومها والله أعلم.
- كما ذكرت نفس الرواية أن سلمان قدم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم المرة الثالثة التي أسلم فيها وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم ببقيع الغرقد قد تبع جنازة رجل من أصحابه، والظاهر من الرواية أنها كانت قدمة ثالثة غير تلك التي أهدى فيها للنبي صلى الله عليه وآله وسلم والله أعلم؛ فإني قد افترضت أن هذا كان في بدايات قدوم النبي صلى الله عليه وآله وسلم المدينة، وذكر ابن إسحاق في حادثة دخول المدينة أن أبو أمامة أسعد بن زرارة أول من مات بالمدينة وأنه مات وقت بناء المسجد النبوي الشريف بالذبحة أو الشهقة، وذكر ابن عبد البر في ترجمة أسعد بن زرارة أنه مات في شوّال على رأسة ستة أشهر من الهجرة ودفن ببقيع الغرقد، وذكر غيرهم أن عثمان بن مظعون أول من مات بالمدينة، والظاهر أنه ليس عثمان بن مظعون، فإن إسلام سلمان متقدم على بدر وأُحد ولم يشهدهما لانشغاله بالرِّق كما رؤي ذلك صريحاً عند أهل السير، وأما عثمان ابن مظعون فكان أو المهاجرين وفاة بالمدينة لكنه كان من أهل بدر، والظاهر أيضاً أنه ليس كلثوم بن الهدم الذي نزل عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قُباء، فإني لم أقف على أحد ذكر أنه دُفن في بقيع الغرقد، فينحصر الاحتمال في أبو أمامة أسعد بن زرارة رضي الله عنه، وعليه ذهبت إلى كون سلمان قد قدم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم قدمته الأخيرة التي أسلم فيها في شوال بعد ستة أشهر من الهجرة الشريفة وكانت قبل بدر، ولصعوبة تحديد اليوم بدقة ولعدم وقوفي على ما يفيد يوم الوفاة أو يسهل استنتاجه ألحقته بيوم الثاني عشر حتى يكون على رأس ستة أشهر من دخوله صلى الله عليه وآله وسلم للمدينة، إذ دخلها قادماً من قُباء الجمعة 12 ربيع الأول 1 هـ والله أعلم.
مُلحق
يوميّات غزوة الأبواء أو ودّان
1 الجغرافيا
طبقًا لدراسة طريق الجادة العظمى، فإنه يتضح لنا ان النبي صلي الله عليه وآله وسلم قد قطع مسافة 118 ميلًا تقريبًا حتي وصل إلى منطقة الأبواء، أو مايعادل 219 كم تقريبًا، ويكون صلى الله عليه وآله وسلم قد سار 5 أيام حتي وصل الأبواء، وذلك بقسمة المسافة الكلية -219 كم- على مسافة المرحلة الواحدة -44.5 كم- وقد مرّ صلى الله عليه وآله وسلم في طريقه بالأماكن التالية ذهابًا وإيابًا -وهي مذكورة بتفاصيلها في طريق الجادّة العظمى انظرها هناك :
1 | ذو الحليفة | 7 | الشفية | 13 | السقيا |
2 | ملل | 8 | عقبة العرج | 14 | عين القشيرى |
3 | عرق الظبية | 9 | قرية العرج | 15 | البستان |
4 | الروحاء | 10 | الطلوب | 16 | الابواء |
5 | المنصرف | 11 | لحي جمل | ||
6 | الرويثة | 12 | القاحة |
وَدَّان
قال ياقوت الحموى في معجم البلدان (ج5، ص365 ): هي ثلاثة مواضع : أحدها بين مكة و المدينة قرية جامعة من نواحي الفرع بينها وبين هرشى 6 أميال وبينها وبين الابواء 8 أميال ويسكنها قبيلتي غفار وكنانة وودان على صيغة فعلان أي من المحبة.
وعند عاتق البلادي في معجم معالم الحجاز (ص.332 ): إندثرت ودان من زمن بعيد وتوهم بعض الباحثين انها مستورة اليوم وليس كذلك وموضع ودان شرق مستورة الي الجنوب في نعف حرة الابواء وذلك النعف يسمى العصعص والمسافة بينها وبين مستورة اثني عشر كيلًا تقريبًا .
المَعْلَم | وَدَّان | |
خط طول | 39.105690 | درجة شرقًا |
خط عرض | 23.026113 | درجة شمالًا |
2 التاريخ
ذكر الواقدي في المغازي، وابن سعد في الطبقات الكبرى، وابن هشام في سيرته، أن غزوة الأبواء كانت في صفر علي رأس اثني عشر شهرًا من هجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وذكر الواقدي في المغازي وابن سعد في الطبقات أن غيبته صلى الله عليه وآله وسلم في تلك الغزوة كانت 15 ليلة.
وطبقا لما ذُكِر فهذا جدول بتواريخ الغزوة:
هجري | ميلادي | |
خروج | الخميس 8 صفر 2 هـ | 11 أغسطس 623 م |
وصول الأبواء/ودان | الاثنين 13 صفر 2 هـ | 16 أغسطس 623 م |
رجوع المدينة | الخميس 22 صفر 2 هـ | 25 أغسطس 623 م |
المُدّة | 15 يومًا | |
الإقامة في الأبواء | 5 أيام |
3 مُزامنة الطَّرِيق
طريق الذهاب
اليوم الأول
(الخميس )
|
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
اليوم الثاني
(الجمعة) |
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
اليوم الثالث
(السبت)
|
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
اليوم الرابع
(الأحد)
|
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
اليوم الخامس
(الاثنين)
|
|
طريق العودة
اليوم الأول
(الأحد)
|
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
اليوم الثاني
(الاثنين) |
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
اليوم الثالث
(الثلاثاء)
|
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
اليوم الرابع
(الاربعاء)
|
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
اليوم الخامس
(الخميس)
|
|
4 الحكايات
# | عنصر | مصادر | مكان | زمان |
1 | خروج النبي صلي الله عليه وسلم من المدينة مع المهاجرين ليس فيهم من الانصار أحد واستخلاف سعد ابن عبادة يدير شئون المدينة، ولواء النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع حمزة بن عبد المطلب. | سبل الهدى والرشاد | المدينة المنورة | |
2 | النبي صلى الله عليه وآله وسلم يخبر من معه بفضل الروحاء ومسجدها في عرق الظبية وأنه مر عليها سبعون نبيًا قبله عليهم الصلاة والسلام. | السمهودي | عرق الظبية | |
3 | النبي صلى الله عليه وآله وسلم يترقب قافلة قريش ليعترضها ولا يلقاها ويُقيم بالأبواء أو ودّان. | ودّان | ||
4 | النبي صلى الله عليه وآله وسلم يلتقي مخشي بن عمرو سيد بنو ضمرة ويكتب بينه وبين المُسلمين معاهدة أمان ودفاع مشترك. | ودّان | ||
5 | النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعود بمن معه للمدينة المنورة ولم يحدث قتال بينه وبين أحد من الناس. | المدينة المنورة |
5 المراجع
- معجم البلدان، ياقوت الحموي، دار صادر، بيروت
- معجم معالم الحجاز، عاتق بن غيث البلادي، دار مكّة
- معجم ما استعجم، البكري الأندلسي، تحقيق مصطفى السقا، عالم الكتب، بيروت
- الطبقات الكبير، محمد بن سعد بن منيع الزهرى، تحقيق د.علي محمد عمر
- المغازي، الواقدي، تحقيق مارسدن جونز
- الروض الانف في شرح السيرة النبوية، السهيلي
- الموازين والمكاييل الشرعية، أ.د علي جمعة محمد، دار القدس
مُلحق
يوميّات غزوة بواط
1 الجغرافيا
طبقا لدراسة طريق الجادة العظمي، فإنه يتضح أن النبي صلي الله عليه وسلم قد قطع مسافة 4 بُرُد تقريبًا حتى وصل منطقة بُوَاط، وهي مسافة 89 كم تقريبًا، فالبريد يساوي 22.25 كم (انظر المكاييل والموازين الشرعيّة أ.د. علي جمعة)، ويكون سيدنا صلي الله عليه وآله وسلم قد سار يومان حتى وصل بواط وذلك بقسمة المسافة الكلية علي مسافة المرحلة الواحدة وقد مر صلى الله عليه وآله وسلم في طريقه بالأماكن التالية:
1 | ذو الحليفة |
2 | ملل |
3 | بواط |
بُوَاط
قال ابن سعد في الطبقات الكبري (ج2، ص.8): بواط هي جبال من جبال جهينة من ناحية رضوى وهي قريب من ذي خشب مما يلي طريق الشأم وبين بواط والمدينة نحو أربعة برد يعني 89 كم تقريبًا.
قال الواقدي في المغازي (ج1، ص.12): بواط حيال ضبة من ناحية ذي خشب بين بواط والمدينة ثلاثة برد.
قال الصالحي الشامي في سبل الهدي والرشاد (ج4، ص.27): بواط جبل من جبال جهينة من ناحية رضوي بينه وبين المدينة أربعة برد.
قال ياقوت الحموى في معجم البلدان (ج1، ص.503): بواط هي جبال من جبال جهينة من ناحية رضوى.
قال عاتق البلادي في معجم معالم الحجاز (ص. 236): وفي معجم البلدان هي وادي من أودية القبلية عن الزمخشرى عن علي العلوي ورواه الاصيلي والعذري والمستلمي من شيوخ المغاربة وقالوا هو جبل من جبال جهينة بناحية رضوى.
قال ابن سيد الناس عيون الاثر في فنون المغازي والشمائل والسير (ج1، ص.357): ثم غزا رسول الله صلي الله عليه وسلم في شهر ربيع الاول يريد قريشًا حتي بلغ بواط من ناحية رضوى.
طبقا لما ذُكِر يتبين أن بواط هي وادي يقع علي بعد أربعة بُرُد من المدينة المنورة، والبريد يساوي 22.25 كم كما ذُكِر، وعليه فإن الاربعة بُرُد تساوي 89 كم تقريبًا من المدينة المنورة وهذه إحداثيّات تقريبيّة لبواط:
المَعْلَم | بُوَاط | |
خط طول | 39.211513 | درجة شرقًا |
خط عرض | 24.730018 | درجة شمالًا |
2 التاريخ
ذكر الواقدي في المغازي، وابن سعد في الطبقات الكبرى، وابن هشام في السيرة أن غزوة بواط كانت في شهر ربيع الاول على رأس ثلاثة عشر شهرا من مهاجره يريد قريشًا، وعند ابن عبد البرّ في الدرر ذكر أن خروجه صلى الله عليه وآله وسلم كان في ربيع الآخر إلى تمام عام من مقدمه المدينة وتابعه بن حزم وغيره على ذلك.
والجمع بين القولين مؤدّاه أن يكون الخروج في آخر ربيع الأوّل وأوّل ربيع الآخر، وبالنظر إلى التقويم الفلكي ببرمجيّة آستروكال، فإنّ غُرّة ربيع الآخر 2 هـ توافق الأحد 2 أكتوبر 623 م، وعلى المذكور في كتب الحديث أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يحب الخروج في يوم الخميس، فعليه نقرّب إلى الخميس الأسبق له، فهو بحسب آستروكال يكون الخميس 28 ربيع الأوّل 2 هـ الموافق 29 سبتمبر 623 م، ويكون شهر ربيع الأوّل هذا ثلاثون يومًا كما في التقويم، ويكون الوصول لبواط في غُرّة ربيع الآخر تقريبًا وهو الأوفق لجمع القولين والله أعلم.
وطبقًا للمذكور فتكون تواريخ الغزوة كالآتي:
هجري | ميلادي | |
خروج | الخميس 28 ربيع الأول 2 هـ | 29 سبتمبر 623 م |
وصول بواط | الجمعة 29 ربيع الأول 2 هـ | 1 أكتوبر 623 م |
رجوع المدينة | الأربعاء 4 ربيع الآخر 2 هـ | 5 أكتوبر 623 م |
المدة | 7 أيام | |
الإقامة في بواط | 3 أيام |
3 مُزامنة الطَّرِيق
الذهاب
اليوم الأول
(الخميس)
|
|
||||||||||||||||||||||||
اليوم الثاني
(الجمعة) |
|
العودة
اليوم الاول
(الثلاثاء)
|
|
||||||||||||||||||||||||||||||||
اليوم الثاني
(الأربعاء)
|
|
4 الحكايات
# | عنصر | مصادر | مكان | زمان |
1 | خروج النبي صلي الله عليه في مائتين من المهاجرين يريد عيرًا لقريش وموادعة بنو ضمرة، واستخلاف سعد بن معاذ والسائب بن مظعون أخو عثمان بن مظعون، وأعطى الراية لسعد بن أبي وقاص. | سبل الهدي والرشاد في سيرة خير العباد 27 | المدينة المنورة | |
4 | خروج النبي صلي الله عليه وسلم في مائتين من المهاجرين لغزوة بواط يعترض عيرا لقريش وكان فيها امية بن خلف ومائة رجل من قريش والفان وخمسمائة بعير. |
مُلحق
يوميّات غزوة ذي العُشَيْرَة
1 الجغرافيا
قال ابن هشام في السيرة النبوية (ج1، ص 598): “الطريق إلى العُشَيْرَة: قال ابن اسحق : فسلك علي نقب بني دينار ثم علي فيفاء الخبار فنزل تحت شجرة ببطحاء ابن أزهر يقال لها ذات الساق فصلى عندها فثم مسجده صلي الله عليه وآله وسلم، وصُنِعَ له عندها طعام فأكل منه وأكل الناس معه، فموضع أثافي البُرْمَة معلوم هناك واستقي له من ماء به يقال له المُشترب، ثم ارتحل صلى الله عليه وآله وسلم فترك الخلائق بيسار وسلك شعبة يقال لها شعبة عبدالله وذلك اسمها إلى اليوم ثم صب لليسار حتى هبط يليل فنزل بمجتمعه ومجتمع الضبوعة واستقى من بئر بالضبوعة، ثم سلك الفرش -فرش ملل- حتى لقي الطريق بصخيرات اليمام ثم اعتدل به الطريق حتى نزل العٌشَيْرَة من بطن ينبع.
قال عاتق البلادي في معجم معالم الحجاز (ص.209): “وقوله ثم اعتدل به الطريق أي أخذ على السَّيَالة ثم على الرَّوْحَاء ثم على المُنْصَرَف ثم على مبرك فإلى يَنْبُع. أيضا يليل المذكور هنا صوابه ملل لأن يليل بعيد عن هنا و لأن الضبوعة تصب في ملل لا في يليل.”
قال ابن سعد في الطبقات الكبري (ج2، ص 9): بين المدينة وينبع تسعة بُرُد.
ومن المذكور يتضح لنا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد قطع مسافة 9 برد تقريبًا حتى وصل إلى منطقة ذي العُشَيْرَة، وهو ما يُساوي 200 كم تقريبًا -فالبريد يُساوي22.25 كم-، ويكون صلى الله عليه وآله وسلم قد سار 5 أيام حتى وصل العُشَيْرَة، وذلك بقسمة المسافة الكلية على مسافة سير المرحلة الواحدة -44.5 كم- وقد مر صلى الله عليه وآله وسلم في طريقه بالأماكن التالية:
1 | مسجد ذو الحليفة | 5 | الروحاء | 9 | مبرك |
2 | وادي ملل | 6 | المنصرف | 10 | ينبع النخل |
3 | صخيرات اليمام | 7 | مضيق وادي الصفراء | 11 | العشيرة |
4 | السيالة | 8 | طاشا |
مَبْرَك
قال عاتق البلادي في معجم معالم الحجاز (ص.1495): “فَجّ يأخذه الطريق بين وادي الصَّفْرَاء ويَنْبُع يأخذ من طاشا يسارًا وهناك شِعْبَان كل منهما يُدْعَي مَبْرَك ويقال ان مسجدًا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم في مبرك الشرقي -كما ذكر ابن إسحاق-“، وهذه إحداثيّات تقريبيّة لمَبْرَك:
المَعْلَم | مَبْرَك | |
خط طول | 38.796056 | درجة شرقًا |
خط عرض | 24.417255 | درجة شمالًا |
خِيْف أم ذيان
المَعْلَم | خيف أم ذيان | |
خط طول | 38.923646 | درجة شرقًا |
خط عرض | 24.037953 | درجة شمالًا |
طَاشَا
قال عاتق البلادي في معجم معالم الحجاز (ص.1056): “وادي من كبار روافد وادي الصَّفْرَاء”، ومازال معروفًا بالاسم الذي ذكره عاتق للآن على الخرائط، وهذه إحداثيّات تقريبيّة له:
المَعْلَم | طَاشَا | |
خط طول | 38.854208 | درجة شرقًا |
خط عرض | 24.223361 | درجة شمالًا |
السُّدَيْرَة
المَعْلَم | السُّدَيْرَة | |
خط طول | 38.856864 | درجة شرقًا |
خط عرض | 24.362977 | درجة شمالًا |
شمال جبل سليت
المَعْلَم | شمال جبل سليت | |
خط طول | 38.725237 | درجة شرقًا |
خط عرض | 24.365477 | درجة شمالًا |
مدسوس
المَعْلَم | مدسوس | |
خط طول | 38.521210 | درجة شرقًا |
خط عرض | 24.336432 | درجة شمالًا |
يَنْبُع النَّخْل (العُشَيْرَة)
قال ياقوت الحموى في معجم البلدان (ج 5، ص.449): “يَنْبُع بالفتح ثم السكون والباء الموحدة مضمومة وعين مهملة بلفظ ينبع الماء قال عَرَّام بن الاصبع السلمي هي عن يمين رضوى لمن كان منحدرًا من المدينة إلى البحر على ليلة من رضوى من المدينة علي سبع مراحل.”
قال عاتق البلادي في معجم معالم الحجاز (ص.1867):“وادي فحل، كثير القرى والعيون والسُّكَّان، يقع غرب المدينة المنورة أعلاه وادي بُوَاط الغوري وروافده من جبلي الأشعر والأجرد ثم ينحدر غربا حتي يدفع في البحر قُرب مدينة ينبع البحر وأخذ ينبع هذا يُمَيَّز باسم يَنْبُع النَّخْل للتفريق عن المدينة التي تأتي بعده وإذا ذكر في كتب المتقدمين انما يُراد الوادي لا المدينة -التي على البحر- لأن المدينة حدثت مُتأخرة.”
المَعْلَم | يَنْبُع النَّخْل | |
خط طول | 38.432537 | درجة شرقًا |
خط عرض | 24.321476 | درجة شمالًا |
2 التاريخ
ذكر الواقدي في المغازي وابن سعد في الطبقات الكُبرى أن غزوة ذو العشيرة كانت في شهر جمادى الآخرة على رأس ستة عشر شهرًا من هجرته صلى الله عليه وآله وسلم.
وذكر ابن هشام في سيرته، وتابعه ابن سيد الناس في عيون الأثر، أن النبي صلى الله عليه وآله سلم رجع من غزوة بواط، فلبث بالمدينة بقيَّة شهر ربيع الآخر وبعضًا من جمادى الأولى، ثم كانت غزوة ذو العشيرة في شهر جمادى الأولى.
وطبقًا للمذكور تكون تواريخ الغزوة كالآتي:
هجري | ميلادي | |
خروج | الاحد 28 جمادى الأولى 2 هـ | 28 ديسمبر 620 م |
وصول العُشَيْرَة | الخميس 2 جمادى الآخرة 2 هـ | 1 يناير 621 م |
رجوع المدينة | الخميس 9 جمادى الآخرة 2 هـ | 8 يناير 621 م |
المُدَّة | 13 يومًا | |
الإقامة في العُشيْرَة | 3 أيام |
3 مُزامنة الطَّرِيق
الذهاب
اليوم الأول
(الأحد)
|
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
اليوم الثاني
(الاثنين) |
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
اليوم الثالث
(الثلاثاء)
|
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
اليوم الرابع
(الأربعاء)
|
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
اليوم الخامس
(الخميس)
|
|
العودة
اليوم الأول
(الأحد)
|
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
اليوم الثاني
(الاثنين) |
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
اليوم الثالث
(الثلاثاء)
|
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
اليوم الرابع
(الاربعاء)
|
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
اليوم الخامس
(الخميس)
|
|
4 الحكايات
# | عنصر | مصادر | مكان | زمان |
1 | النبي صلى الله عليه وآله وسلم يخرج من المدينة ومن معه على ثلاثين بعيرًا يعتقبونها لاعتراض قافلة قريش الذاهبة للشام واستخلاف أبو سلمة بن عبد الأسد المخزومي على المدينة، وإعطاء راية الجيش لحمزة بن عبد المطلب | سبل الهدي والرشاد في سيرة خير العباد 27 | المدينة المنورة | |
2 | النبي صلى الله عليه وآله وسلم ينزل العُشيرة من بطن ينبع ويجد فيها بني مدلج وحلفاءهم من بني ضمرة، ويكتب معاهدة بينهم وبين المسلمين. | سيرة ابن هشام ص.310 | ينبع النخل | |
3 | علي بن أبي طالب وعمّار بن ياسر يغشاهم النوم وهم يراقبون بعض بني مدلج، فحركهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم برجله وقال لعلي “مالك يا أبا تراب”، ثم قال: “ألا أحدثكما بأشقى الناس رجلين؟”، قالا: “بلى يا رسول الله”. | سيرة ابن هشام ص.310 | ينبع النخل | |
4 | النبي صلى الله عليه وآله وسلم يرجع للمدينة المنورة ومن معه بعد فوات قافلة قريش ولم يقع بينهم وبين أحد حربًا. | المدينة المنورة |
مُلحق
يوميّات غزوة السويق
1 الجغرافيا
روى ابن هشام في سيرته و ابن سيد الناس في عيون الأثر عن ابن إسحاق قال: وكان أبو سفيان حين رجع إلي مكة، ورجعت قريش مهزومة من بدر، نذر أن لا يمس رأسه ماء من جنابة حتي يغزو المسلمين، فخرج في مائتى راكب من قريش ليوفي يمينه، فسلك النجدية، حتي نزل بصدر قناة، إلى جبل يقال له بتيب من المدينة علي بريد أونحوه، ثم خرج من الليل حتي أتي بني النضير فأتى حيي بن أخطب، فضرب عليه بابه فأبى أن يفتح له وخافه، فإنصرف عنه إلى سلام بن مشكم، وكان سيد بني النضير في زمانه وصاحب كنزهم، فاستأذن عليه فأذن له، فأطعمه وسقاه وأخبره من خبر الناس، ثم خرج في عقب ليلته حتى أتى أصحابه، فبعث رجالا من قريش فأتوا ناحية منها يقال لها العريض، فحرقوا في أصوار من نخل بها، ووجدوا رجلًا من الأنصار وحليفًا لهم في حرثهما فقتلوهما، ثم إنصرفوا راجعين ونذر بهم الناس، فخرج رسول الله صلي الله عليه وسلم في طلبهم في مائتين من المهاجرين والأنصار حتي بلغ قرقرة الكدر ثم إنصرف راجعًا، ا.ه بتصرف
1 | العريض |
2 | قاع حضوضاء |
3 | قرقرة الكدر |
4 | معدن بني سليم |
قرقرة الكُدْر والعريض ومعدن بني سُلَيْم
قال ياقوت الحموى في معجم البلدان (ج4، ص441): “قرقرة الكُدر: جمع أكدر قرقرة الكدر، قال الواقدي بناحية المعدن قريبة من الأرحضية بينها وبين المدينة ثمانية بُرُد وقال غيره ماء لبني سليم”.
وايضا قال في (ج4، ص326): “قرقرة الكُدر: بالفتح وتكرير القاف والراء والقرقرة هي الأرض الملساء وهي موضع يقال له قرقرة الكدر جمع الكدرة من اللون ويجوز ان يكون جمع الكدرة بالفتح وهي القلاعة الضخمة من مدر الأرض المثار ونحو ذلك وهو قريب من المعدن”.
وعند عاتق البلادي في معجم معالم الحجاز (ص.1433): “قرقرة الكُدر: قال الواقدى بناحية المعدن قريبة من الارحضية بينها وبين المدينة ثمانية برد وقال غيره ماء لبني سليم وذكره البكرى في رسم ظلم وتغلمين قال عاتق :وبهذه النصوص يكون الكدر أو قرقرة الكدر شرق المدينة علي يمينك وانت تؤم القصيم خارجا من الصويدرة ولا صلة لها بقرقرة خيبر “.
وفي عيون الأثر لابن سيد الناس (ص.447): “قرقرة الكُدر: هي موضع بين المدينة ومعدن بني سليم ويعرف هذا المعدن اليوم بالمهد”.
وعند عاتق البلادي في معجم معالم الحجاز (ص.1143): “العريض: تصغير عرض بالفتح أو عرض بالضم، قال أبوبكر الهمداني هو وادٍ بالمدينة له ذكر في المغازي خرج أبوسفيان من مكة حتي بلغ العريض ثم انطلق هو وأصحابه هاربين إلي مكة، وقال البكري هو موضع من أرجاء المدينة فيه اصول نخل وله حرة نسبت إليه”.
وعند عاتق البلادي في معجم معالم الجغرافية (ص. 66): “وادي الخنق: هناك جبل يسمى تيأب أو تيت أو تيب أو تيأم أو تيام يقع شرق المدينة المنورة إلى الشمال أحمر اللون ينقاد إلى وادى الخنق فوق العاقول ووادى العريض يقع بين جبل تيام كما يسمى اليوم وبين المدينة المنورة
وعند عاتق البلادي في معجم معالم الحجاز (ص.1619): “المعدن: قال ياقوت هو معد فران وهو من أعمال المدينة علي طريق نجد، وأضاف عاتق أنه أصبح اليوم مدينة بعد أن عدل أسمه إلي مهد الذهب لإستخراج الذهب منه ثم إختصر إلي اسم المهد”.
ذكر الأستاذ محمد الشاوي في تقريره على موقع مكشات على شبكة الانترنت: “وفيه قد ذكر أن قرقرةالكدر هي ما يعرف الآن باسم قاع حضوضاء ويقع هذا القاع العظيم الشاسع شرق المدينة المنورة بميل يسير إلى الجنوب في ديار غطفان قديما، وهو في طريق أهل المدينة إلى نجد وإلى المعدن أي معدن بني سليم ويبعد طرف القاع الغربي عن مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حوالي 40 كم، واوضح أن قاع حضوضاء ليس وحده قرقرة الكدر وإنما هو جزء منها والقرقرة أشمل وأوسع من القاع، إذ تمتد إلى قريب من معدن بني سليم وهو ما يعرف اليوم بمهد الذهب”.
حسب جميع ما تقدم من معطيات في كتب السير والجغرافيا ودراسة إحداثيات ذلك على غوغل إرث لتحديد موقع قرقرة الكدر، يتبين لنا أن قرقرة الكدر هي أرض ملساء تقع شرق مدينة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، حيث تكون على اتجاه اليمين وأنت ذاهب للقصيم كما سبق وتقدم ذكره عند عاتق البلادي ومع أنني لم أجد مكانا محددًا لقرقرة الكدر في كتب السابقين إلا أن هذه المعلومة كانت بداية لتتبع المسار التقريبي للقرقرة فبتتبع منطقة شرق المدينة المنورة من ناحية اليمين حيث يقع قاع حضوضاء علي بعد حوالي 40 كم من مسجد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والذي أثبت الأستاذ محمد الشاوي بالأبحاث والصور أنه ينطبق مع وصف قرقرة الكدر حيث أنها أرض ملساء بها طير في ألوانها كُدرة وهو ما يعرف به هذا القاع.
وأيضًا ما ذكره عاتق البلادي وياقوت الحموي وأورده ايضًا ابن سيد الناس من أن قرقرة الكدر تقع قريبًا من معدن بني سليم فهي موضع بين المدينة المنورة والمعدن الذي يبعد عن المدينة ثمانية بُرُد أي حوالي 178 كم فلا يجب علينا اعتبار أن منطقة قاع حضوضاء هي فقط منطقة قرقرة الكدر إنما القرقرة هي أشمل وأوسع من ذلك فهي لابد ان تبدأ من هذا القاع وتمتد لتصل إلي قريب من المعدن فالقاع جزء من القرقرة وليس هو القرقرة حيث أن ذلك يتطابق مع ماذكره الائمة السابقين وما تقدم وأثبته الاستاذ محمد الشاوى في تقريره الذي لايعد مختلفًا عما ورد في كتب السابقين وإنّما محققًا وكاشفًا لبعض غموضه.
وعلى ما ذكرنا فهذه إحداثيّات تقريبية لكل ما ذكرنا من تلك المعالم:
المَعْلَم | قرقرة الكُدْر | |
خط طول | 40.978056 | درجة شرقًا |
خط عرض | 23.503435 | درجة شمالًا |
المَعْلَم | العريض | |
خط طول | 39.644077 | درجة شرقًا |
خط عرض | 24.478911 | درجة شمالًا |
المَعْلَم | وادي الخنق | |
خط طول | 39.849237 | درجة شرقًا |
خط عرض | 24.454038 | درجة شمالًا |
المَعْلَم | معدن بني سليم | |
خط طول | 40.864237 | درجة شرقًا |
خط عرض | 23.500703 | درجة شمالًا |
المَعْلَم | قاع حضوضاء | |
خط طول | 39.981968 | درجة شرقًا |
خط عرض | 24.414810 | درجة شمالًا |
2 التاريخ
ورد في المغازى للواقدي و الطبقات الكبرى لابن سعد وسبل الهدى والرشاد للصالحي الشامي أن غزوة السويق كانت يوم الأحد لخمس خلون من ذي الحجة على رأس اثنين وعشرين شهرًا من مهاجره صلى الله عليه وآله وسلم وغاب صلى الله عليه وآله وسلم خمسة أيام، وبمراجعة التقويم الفلكي لبرمجيّة آستروكال نجد أن الخامس من ذي الحجه يوافق يوم الثلاثاء.
وطبقا للمذكور فهذا جدول بتواريخ الغزوة:
هجري | ميلادي | |
خروج | الثلاثاء 5 ذو الحجة 2 هـ | 29 مايو 624م |
وصول | الخميس7 ذو الحجة 2 هــ | 31 مايو 624م |
رجوع المدينة | السبت 9 ذو الحجة 2 هــ | 2 يونية 624م |
المُدّة | 5 أيام | |
الإقامة في قرقرة الكدر | ليس هناك مده فهي غزوة ملاحقة في الطريق |
3 مُزامنة الطَّرِيق
طريق الذهاب
اليوم الأول
(الثلاثاء |
|
||||||||||||||||||||||||||||||||
اليوم الثاني
(الأربعاء)
|
|
||||||||||||||||||||||||||||||||
اليوم الثالث
(الخميس)
|
|
طريق العودة
اليوم الأول
الخميس |
|
||||||||||||||||||||||||||||||||
اليوم الثاني
الجمعة
|
|
اليوم الثالث
(السبت) |
|
4 الحكايات
# | عنصر | مصادر | مكان | زمان |
1 | خروج النبي صلي الله عليه وسلم من المدينة في مائتين من المهاجرين والأنصار يريد أبا سفيان حتي بلغ قرقرة الكدر ولم يلحق به ثم إنصرف راجعا إلي المدينة صلي الله عليه وآله وسلم | سبل الهدى والرشاد | المدينة المنورة | |
2 | النبي صلى الله عليه وآله وسلم يستخلف علي المدينةبشير بن عبد المنذر لإدارة شئونها حتي عودته صلي الله عليه وآله وسلم | المدينة المنورة | ||
3 | النبي صلي الله عليه وآله وسلم يصل حتي قرقرة الكدر ولم يدرك أبا سفيان ومن معه | قرقرة الكدر | ||
4 | النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعود بمن معه من المهاجرين والأنصار إلي المدينة المنورة ولم يحدث قتال بينه وبين أحد من الناس. | المدينة المنورة |
5 المراجع
- موقع مكشات، تقرير محمد الشاوي عن قاع حضوضاء: http://www.mekshat.com/vb/showthread.php?150765-
ملحق
صُلح الحُدَيبْيَة
1 الجغرافيا
ومعالم عمرة الحُديبية هي ذاتها معالم طريق الجادة العظمى مع بعض الاختلافات المذكورة في كتب السير نتيجة سلوك النبي صلى الله عليه وآله وسلم طريقًا مغايرة في آخر الطريق لاعتراض المشركين طريقه، وفيما يلي نذكر تلك المعالم الغير المذكورة في طريق الجادة العظمى.
الحُدَيْبِيَة أو الحُدَيْبِيَّة
قال الفاكهي في أخبار مكة (ص.70): “وأما مسجد الحديبية فمسجد اعتمر منه النبي صلى الله عليه وآله وسلم عام قاضى قريشًا ومنعوه من دخول مكة…”، وفي تعليقات الدكتور بن دهيش على النص: “الحُدَيبيَّة: موضع مشهور في طريق جدة القديم، يعرف اليوم بالشًميسي لأن رجلًا يحمل هذا الاسم حفر هناك بئرًا، قيل لها بئر شميسي فأطلق على تلك المنطقة الشميسي، وبعضهم هناك يسمي بئرًا في تلك المنطقة باسم بئر الهديبة. ولعله اطلاق أعجمي للفظة حديبية، وهي ليست من الحرم وتبعد عن أنصاب الحرم حوالي 1.5 كم، وتبعد الحديبية عن المسجد الحرام قرابة 25 كم، وفيها مسجد حديث إلى جنب مسجد قديم هو اليوم خراب، مبني بالحجر الأسود والجص وبقربه أكثر من بئر، أقيم على بعضها مزارع، وأقيم بقرب المسجد حدائق حديثة جميلة لأمانة العاصمة، وقبل مسجد الحديبية للقادم من جدة نقطة تفتيش تابعة للشرطة لمنع غير المسلمين من دخول الحرم”.
وعند البكري في معجم ما استعجم (ص.71): “قال الأصمعي هي مخففة الياء الآخرة، ساكنة الأولى..”.
وعند ياقوت الحموي في معجم البلدان (ج2، ص.229): “بضم الحاء وفتح الدال وياء ساكنة، وباء موحدة مكسورة، وياء اختلفوا فيها فمنهم من شددها ومنهم من خففها؛ فروي عن الشافعي، رضي الله عنه، أنه قال: الصواب تشديد الحديبية وتخفيف الجِعرانة وأخطأ من نص على تخفيفها، وقيل: كل صواب، أهل المدينة يثقلونها وأهل العراق يخففونها…وبينها وبين مكة مرحلة، وبعضها في الحل وبعضها في الحرم، وهو أبعد الحل من البيت…وعند مالك جميعها من الحرم”.
وعند عاتق البلادي في معجم معالم الحجاز (ص.425): “قال المؤلف: تعرف اليوم باسم الشميسي تصغير، انظره، وهي غرب مكة خارجة عن حدود الحرم بينها وبين المسجد قرابة اثنين وعشرين كيلًا. أما قوله: لا في طول الحرم ولا في عرضه، الذي نراه من المعاينة أنها وعرفة والمسجد على خط واحد. أما قوله: بينها وبين المسجد أكثر من يوم فهو وهم.”
وعلى الوصف المذكور فهذه إحداثيَّات تقريبية للحديبية:
المَعْلَم | الحديبية | |
خط طول | 39.625778 | درجة شرقًا |
خط عرض | 21.442486 | درجة شمالًا |
المَعْلَم السابق | ||
البعد عن المَعْلَم السابق |
بَلْدَح وثَنِيَّة ذات الحَنْظَل
قال البكري الأندلسي في معجم ما استعجم (ص.273): “بلدح، بفتح أوّله وبالدال والحاء المهملتين: موضع في ديار بني فزارة، وهو وادٍ عند الجرّاحية، في طريق التَّنعيم إلى مكة.”
وقال ياقوت في معجم البلدان (ج2، ص480): “بلدح، آخره حاء مهملة، والدال قبله؛ كذلك يقال: بلدح الرجل إذا ضرب بنفسه الأرض، وربما قالوا بلطح. وبلح الرجل إذا أعيا وإذا وعد ولم ينجز. وبلدح: واد قبل مكة من جهة المغرب…”.
وعَلَّق عاتق البلادي على كلام البكري في معجم معالم الحجاز، فقال(ص.231): “وهذا خلط من البكري يرحمه الله،…وبلدح بعيد عن أرض فزارة التي شمال شرقي المدينة. وتشير كل النصوص التي وقعت في يدي أن بلدحًا هو وادي فخ عند الشهداء وأسفل من ذلك، وهو يعرف اليوم بوادي أم الدود عُدّل الاسم اليوم إلى (أم الجود)، قرية اتصلت بمكة، وفوقها سمي الزاهر.”
وعند الفاكهي في أخبار مكّة (ص.227): “الشَّيْق: طرف بَلْدَح يُسلك منه إلى ذات الحنظل على يمين طريق جدة، قد عمل الدورقي حائطًا وعينًا بفوهة ذلك الشِّعب، وذات الحنظل: ثنية في مؤخر هذا الشعب تفرع في بلدح، وأنصاب الحرم على رأس الثنيّة، ما كان في وجهها في هذا الشق فهو حرام وما كان في ظهرها فهو حل.”، وفي هامش الأستاذ عبد الملك بن دهيش في تحقيقه عليه تعليقات نافعة مهمة حيث قال:”الشيق: شعب لا يعرفه إلا القلة، وهو كما وصف الفاكهي: في طرف بلدح، على يمين طريق جدة القديم وقد قام في فوّهة هذا الشعب فندق كبير مشهور يقال له فندق انتركنتننتال وكاد أن يستوعب فوهة هذا الشعب كلها، إذا سلكت هذا الشعب ثم أخذت يسارًا أخرجك على ثنية صخرية ضيقة بين سلسلتين جبليتين ليستا عاليتين، وهذه الثنية هي (ذات الحنظل) المشهورة.
وتجد على رأس هذه الثنية يمينًا ويسارًا أنصاب الحرم القديمة متهدمة قد تناثرت صخورها، وقد وقفت على خمسة أعلام من هذه الأعلام المتهدمة هناك على رآسي الثنية، اثنان على يمينك وأنت خارج من الحرم وثلاثة على يسارك. وطول هذ الشعب من رأس الثنية هذه إلى طرف فندق إنتركنتننتال 3800 متر، وطوله من رأس الثنية إلى طريق جُدة 4000 متر بالضبط.
ويطلق اليوم على غالب أرض هذا الشعب اسم (أم الدود) والتسمية الحديثة (أم الجود)، أما لو سلكت هذا الشعب وأخذت يمينا أخرجك على طريق المدينة السريع إلى ما فوق التنعيم بقليل. وأما عين الدورقي وحائطه الذي ذكره الفاكهي فقد قام على موضع هذه العين وهذا الحائط الآن فندق انتركنتننتال وتسقى حدائق هذا الفندق اليوم من عين الدورقي التي لم تعد معروفة بهذا الاسم اليوم.”
وقد تتبعت الأوصاف المذكورة، خاصَّة تعليقات الأستاذ عبد الملك بن دهيش ووجدت أن فندق انتركنتننتال هذا لم يعد موجودًا لكن موقعه أرض فضاء بها بقايا بناء هذا الفندق، فحدَّدت مكانه بالإحداثيَّات وعليه توصلت للمكان التقريبي لبلدح وثنية ذات الحناظل وهذه إحداثيَّات المواضع الثلاثة:
المَعْلَم | بلدح | |
خط طول | 39.756462 | درجة شرقًا |
خط عرض | 21.433879 | درجة شمالًا |
المَعْلَم السابق | ||
البعد عن المَعْلَم السابق |
المَعْلَم | ثنية ذات الحناظل | |
خط طول | 39.742524 | درجة شرقًا |
خط عرض | 21.425070 | درجة شمالًا |
المَعْلَم السابق | ||
البعد عن المَعْلَم السابق |
المَعْلَم | موقع فندق انتركنتننتال / حائط وعين الدورقي / مدخل شعب بلدح (أم الجود) | |
خط طول | 39.765293 | درجة شرقًا |
خط عرض | 21.441302 | درجة شمالًا |
المَعْلَم السابق | ||
البعد عن المَعْلَم السابق |
ضَجْنَان أو ضَجَنَان
قال البكري الأندلسي في معجم ما استعجم (ص.856): “ضجنان: بفتح أوله، وإسكان ثانيه، بعده نون وألف، على وزن فعلان: جبل بناحية مكة، على طريق المدينة…ويدلك أن بين ضجنان وقُدَيْد ليلة قول معبد بن أبي معبد الخزاعي…”
قال ياقوت في معجم البلدان (ص.453): “ضجنان: بالتحريك، ونونين؛ قال أبو منصور لم أسمع فيه شيئًا مستعملًا غير جبل بناحية تهامة يقال له ضجنان، ولست أدري مم أخذ، ورواه ابن دريد بسكون الجيم، وقيل ضجنان جبيل على بريد من مكة وهناك الغميم في أسفله مسجد صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وله ذكر في المغازي، وقال الواقدي: بين ضجنان ومكة خمسة وعشرون ميلًا، وهي لأسلم وهذيل وغاضرة، ولضجنان حديث في الإسراء حيث قالت له قريش: ما آية صدقك؟ قال: لما أقبلت راجعًا حتى إذا كنت بضجنان مررت بعير فلان فوجدت القوم ولهم إناء فيه ماء فشربت ما فيه…”.
وقال عاتق في معجم معالم السيرة (ص.183): “قُلتُ: ضجنان حَرَّة شمال مكة يمر الطريق بنعفها الغربي، على مسافة 54 كيلًا على طريق المدينة، تعرف اليوم بحرة المحسنية،…”
وعلى الوصف المذكور فهذه إحداثيات تقريبية لضَجْنَان:
المَعْلَم | ضَجْنَان | |
خط طول | 39.618486 | درجة شرقًا |
خط عرض | 21.730669 | درجة شمالًا |
المَعْلَم السابق | ||
البعد عن المَعْلَم السابق |
الحمض
ثنيّة المُرار
قال عاتق البلادي في معجم معالم الحجاز (ص.1540): “بالضم وتكرير الراء، المُرار بقلة مُرّة، وتُعرف ثنيّة المُرار اليوم بفجّ الكَريمي انظره”.
وقال في (ص.1294): “فجّ الكَريمي يوصل بين سهول الصغو في الشمال ووادي مرّ الظهران في الجنوب، يفصل بين جبلي ضاف غربًا ومكسِّر شرقًا، كان يُعرف بثنيّة المُرار التي دخل منها النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحُدَيْبيَة”، وفجّ الكريمي مازال معروفًا لأهل مكّة للآن، وهذه إحداثيّات تقريبية لنقطة في وسطه:
المَعْلَم | ثنيَّة المُرَار | |
خط طول | 39.598373 | درجة شرقًا |
خط عرض | 21.553436 | درجة شمالًا |
المَعْلَم السابق | ||
البعد عن المَعْلَم السابق |
ثنيَّة المُرار وذات الحنظل
في روايات غزوة الحُدَيْبية، وقع الاضطراب في تعيين الثنيَّة التي مرَّ عليها النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليلًا فأمر النّاس بالاستغفار والتوبة بعد أن خرجوا من الطريق الوعرة التي سلكوها بعد عُسفان، يُلقي هذا المبحث الضوء على رواية ابن إسحاق والواقدي ويناقش كل منهما للوصول إلى صيغة علميَّة تجمع بين الروايات وتبيَّن ما حصل والله المستعان.
فقد ذكر ابن هشام رواية عن ابن إسحاق قال: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لمّا وقف خالد بن الوليد بجيش المشركين قاطعًا على المسلمين الطريق، وأراد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ألا ينجر المسلمون للحرب وقد خرجوا يريدون العُمرة وزيارة البيت، فقال لمن معه: “من رجل يخرج بنا على طريق غير طريقهم التي هم بها؟”، فقال رجلًا من أسلم: “أنا يا رسول الله”، فسلك بهم طريقًا وعرًا أجرل بين شعاب، فلمّا خرجوا منه، وقد شق ذلك على المسلمين وأفضوا إلى أرض سهلة عند منقطع الوادي، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للناس: “قولوا نستغفر الله ونتوب إليه”، فقالوا ذلك، فقال :”والله إنها للحطة التي عرضت على بني إسرائيل فلم يقولوها”، فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم الناس فقال: “اسلكوا ذات اليمين بين ظهري الحمش، في طريق تخرجهم على ثنيَّة المُرار مهبط الحُدَيْبية من أسفل مكة، فسلك الجيش ذلك الطريق، فلما رأت قريش قترة الجيش قد خالفوا عن طريقهم، رجعوا راكضين إلى قُريش، وخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى إذا سلك في ثنيَّة المُرار بركت ناقته، فقال الناس: خلأت الناقة، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: “ما خلأت وما هو لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل عن مكة، لا تدعوني قريش اليوم إلى خطة يسألونني فيها صلة الرحم إلا أعطيتهم إياها”، ثم قال للناس: “انزلوا”.
وعند الواقدي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لمّا أمسى بعد أن صفَّ المسلمون بمواجهة جيش المشركين وعلى رأسهم خالد بن الوليد قريب من كُراع الغميم وكان قد صلى بهم صلاة الخوف في العصر، قال لهم: “تيامنوا في هذا العصل، فإن عيون قريش بمر الظهران أو بضجنان، فأيكم يعرف ثنية ذات الحنظل؟ فقال بُرَيْدة بن الحُصَيْب الأسلمي: “أنا يا رسول الله عالم بها”. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “اسلك أمامنا”. فأخذهم بُريدة في العَصَل قِبَل جبال سراوع قبل المَغْرِب، فسار قليلًا تُنَكِّبه الحجارة وتُعلِّقه الشَّجر، وحار حتى كأنَّه لم يعرفها قط!، قال: فوالله إن كنت لأسلكها في الجُمعة مِرارًا!، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يتوجّه قال: اركب! فركبتُ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من رجل يدلُّنا على طريق ذات الحَنْظَل؟ فنزل حمزة بن عمرو الأسلميّ فقال: أنا يا رسول الله أدلُّك. فسار قليلًا ثم سقط في خَمَر الشجر، فلا يدري أين يتوجه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اركب. ثم قال: من رجل يدلُّنا على طريق ذات الحَنْظَل؟ فنزل عمرو بن عبد نُهم الأسلمي فقال: أنا يا رسول الله أدلُّك. فقال: انطلق أمامنا. فانطلق عمرو أمامهم حتى نظر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى الثَّنية فقال: هذه ثَنِيَّة ذات الحَنْظَل؟ فقال عمرو: نعم يا رسول الله. فلمّا وقف على رأسها تحدّر به. قال عمرو: والله إن كان ليهمني نفسي وجدي، إنما كانت مثل الشِّراك، فاتسعت لي حتى برزت وكانت محجة لاحِبة. ولقد كان النفر يسيرون تلك الليلة جميعًا مُعطِفين من سَعَتها يتحدثون، وأضاءت تلك الليلة حتى كأنّا في قمر، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: فوالذي نفسي بيده، ما مثل هذه الثنية الليلة إلا مثل الباب الذي قال الله لبني إسرائيل: “وادخلوا الباب سجدًا وقولوا حطَّة”…ثم قال الواقدي: “قالوا: ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا يجوز هذه الثنية أحد إلا غفر الله له…وقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين نزل: من كان معه ثقل-دقيق- فليصطنع، فقلنا يا رسول الله، إنا نخاف من قريش أن ترانا. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إنهم لن يروكم إن الله سيعينكم عليهم. فأوقدوا النيران، واصطنع من أراد أن يصطنع. فلقد أوقدوا أكثر من خمسمائة نار. فمَّا أصبحنا صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح، ثم قال: والذي نفسي بيده، لقد غفر الله للركب أجمعين إلا رويكبًا واحدًا على جمل أحمر…
فابن إسحاق لم يذكر اسم الذي دلَّهم على الطريق، وصرَّح باسم الثنيَّة التي أمروا بالاستغفار عندها حين خرجوا من الطريق الوعرة، وهي ثنيَّة المُرار -ما يُعرف الآن بفج الكَريمي- وأنهم قبلها أفضوا إلى أرض سهلة عند مُنقَطَع الوادي، لكنَّ ابن إسحاق يُكرر الكلام فيقول “وخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى إذا سلك في ثنيَّة المُرار بركت ناقته”، وهو عجيب، فإن سياق الحديث عنها قد انتهى بأنهم خرجوا منها واستغفروا حتى وجدوا أنفسهم في منقطع الوادي، ووجه الاضطراب في كلام ابن إسحاق يتبيَّن من كلام الواقدي، فإنّ الواقدي يسرد الكلام على الطريق الأخرى الوعرة التي سلكوها أنها طريق ثنيَّة ذات الحنظل، وأن الأسلميين هم من تولوا إرشاد الركب إليها على مُحاولات عِدَّة وقد سمَّى الواقدي كل واحدٍ فيهم، لكنّ الواقدي لا يذكر شيئًا عن ثنيَّة المُرار، بل يذكر الكلام عن الاستغفار في الكلام في سياق مُختلف عن ثنيَّة ذات الحنظل ويتوقف عن تسمية الثنيَّة ويصرح أنّها ثنيّة أخرى فقال: “فلمّا دنا من الحُدَيْبِية وقعت يد راحلته على ثنيَّة تهبطه على غائط القوم، فبركت راحلته”، وذكر الحُدَيْبية لا محلّ له، فالحُدَيْبيِة ما زالت بعيدة عن مكَّة بحوالي 12 كم تقريبًا، وبعد مُراجعة مكان الثنيَّتين وجدت أنّهما مختلفتين تمامًا وبينهما حوالي 21 كم تقريبًا، وأنَّ ثنيَّة المُرار أو فجّ الكَريمي هي مهبط الحُدَيْبيَة، وأمَّا ثنيَّة ذات الحنظل، فهي مهبط الحرم، فما قبلها حِل، وما بعدها حرم مَكَّة، وهما على نفس الطريق للقادم من جهة المدينَة المُنَوَّرَة، فالقادم من كُراع الغَميم لو سَلَك ثنيَّة المُرار سينزل بعده الحُدَيبيَة، ثم إذا أراد دخول الحرم أكمل السير حتى يعبر ثنيَّة ذات الحَنظَل، وعليه فالذي أظنَّه والله أعلم أن هذا ما كان وأنَّه صلى الله عليه وآله وسلم مَرَّ على الثنيتين، فسلك في الطريق الوعرة ثم خرج في آخرها عند مدخل ثَنيَّة المُرار أو فَجّ الكَريمي عند مُنقَطَع وادي كُلَيَّة، حتى خرجوا في وادي مَرّ الظهران فأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم من كان معه دقيق أن يوقد نارًا ويصنع طعامًا، ثُمَّ ارتحلوا منها حتى وصلوا ثَنِيَّة ذات الحَنْظَل قاطعين حوالي 21 كم -نصف مرحلة تقريبًا- وعندها بركت القصواء وقالوا خلأت، فقال لهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم “ما خلأت وما هو لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل”، قال الواقدي: “ثم زجرناها فقامت، فولَّى راجعًا عوده على بدئه حتى نزل بالناس على ثمد من ثماد الحُدَيْبِيَة” وهو صريح أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصل إلى الثَنيَّة التي بركت عندها ناقته، ثم زجروها فعادوا في الطريق حتى نزلوا عند الحُدَيْبِيَة وهي مسافة حوالي 11 كم تقريبًا أو ساعتين من السير، فيكون صلى الله عليه وآله وسلم وصل إلى ذات الحنظل وعاد منها حتى نزل الحُدَيْبِيَة أخيرًا والله أعلم.
2 التاريخ
الأنواء عند العَرَب
وقع في المراجع عند الكلام عن عُمرة الحُدَيبية وما تبعها من الصلح وبيعة الرضوان، أن المسلمين أصابهم مطر شديد وهم بالحُديبية، فقال أحد الناس -عند الواقدي أنّه عبدالله بن أبي بن سلول-: “هذا نوء الخريف، مُطرنا بنوء الشعرى” وهي رواية الواقدي، وغيره بصيغة الإبهام: “مُطرنا بنوء كذا وكذا -يعني من النجوم-“، وعند البُخاري وغيره الحديث النبوي وقت الحُديبية: “من قال مُطرنا بنوء كذا وكذا…”، وأورد اسم النوء مُبهمًا أيضًا، فوجدت من النافع البحث في هذه المسألة عسى الله أن يوفقنا لمعرفة وقت هذا المطر لمعرفة زمان تلك الأحاديث والروايات وتسكينها بمكانها الصحيح في السياق، والله الموفق لما فيه الخير.
المعنى اللغوي للنوء
في لسان العَرَب: النَّوء، النجم إذا مال للمغيب، وقيل: معنى النَّوْءِ سُقوطُ نجم من الـمَنازِل في المغرب مع الفجر وطُلوعُ رَقِيبه، وهو نجم آخر يُقابِلُه، من ساعته في المشرق، في كل ليلة إِلى ثلاثة عشر يومًا، وقال أَبو حنيفة: نَوْءُ النجم: هو أَوَّل سقوط يُدْرِكُه بالغَداة، إِذا هَمَّت الكواكِبُ بالـمُصُوحِ، وذلك في بياض الفجر الـمُسْتَطِير. التهذيب: ناءَ النجمُ يَنْوءُ نَوْءاً إِذا سقَطَ.قال أَبو عبيد: الأَنواءُ ثمانية وعشرون نجماً معروفة الـمَطالِع في أزْمِنةِ السنة كلها من الصيف والشتاء والربيع والخريف، يسقط منها في كل ثلاثَ عَشْرة ليلة نجمٌ في المغرب مع طلوع الفجر، ويَطْلُع آخَرُ يقابله في المشرق من ساعته، وكلاهما معلوم مسمى، وانقضاءُ هذه الثمانية وعشرين كلها مع انقضاءِ السنة، ثم يرجع الأَمر إِلى النجم الأَوّل مع استئناف السنة المقبلة. وكانت العرب في الجاهلية إِذا سقط منها نجم وطلع آخر قالوا: لا بد من أَن يكون عند ذلك مطر أَو رياح، فيَنْسُبون كلَّ غيث يكون عند ذلك إِلى ذلك النجم، فيقولون: مُطِرْنا بِنَوْءِ الثُرَيَّا والدَّبَرانِ والسِّماكِ.
والأَنْوَاءُ واحدها نَوْءٌ. قال: وإِنما سُمِّيَ نَوْءًا لأَنه إِذا سَقَط الساقِط منها بالمغرب ناءَ الطالع بالمشرق يَنُوءُ نَوْءاً أَي نَهَضَ وطَلَعَ، وذلك النُّهُوض هو النَّوْءُ، فسمي النجم به، وذلك كل ناهض بِثِقَلٍ وإِبْطَاءٍ، فإنه يَنُوءُ عند نُهوضِه، وقد يكون النَّوْءُ السقوط. قال: ولم أسمع أَنَّ النَّوْءَ السقوط إِلا في هذا الموضع.وقيل: أَراد بالنَّوْءِ الغروبَ، وهو من الأَضْداد. قال شمر: هذه الثمانية وعشرون، التي أَراد أَبو عبيد، هي منازل القمر، وهي معروفة عند العرب وغيرهم من الفُرْس والروم والهند لم يختلفوا في أَنها ثمانية وعشرون، ينزل القمر كل ليلة في منزلة منها.
ومنه قوله تعالى: والقَمَرَ قَدَّرْناه مَنازِلَ. قال شمر: وقد رأَيتها بالهندية والرومية والفارسية مترجمة. قال: وهي بالعربية فيما أَخبرني به ابن الأَعرابي: الشَّرَطانِ، والبَطِينُ، والنَّجْمُ، والدَّبَرانُ، والهَقْعَةُ، والهَنْعَةُ، والذِّراع، والنَّثْرَةُ، والطَّرْفُ، والجَبْهةُ، والخَراتانِ، والصَّرْفَةُ، والعَوَّاءُ، والسِّماكُ، والغَفْرُ، والزُّبانَى، والإِكْليلُ، والقَلْبُ، والشَّوْلةُ، والنَّعائمُ، والبَلْدَةُ، وسَعْدُ الذَّابِحِ، وسَعْدُ بُلَعَ، وسَعْدُ السُّعُود، وسَعْدُ الأَخْبِيَةِ، وفَرْغُ الدَّلْو المُقَدَّمُ، وفَرْغُ الدَّلْوِ الـمُؤَخَّرُ، والحُوتُ. قال: ولا تَسْتَنِيءُ العَرَبُ بها كُلِّها إِنما تذكر بالأَنْواءِ بَعْضَها، وهي معروفة في أَشعارهم وكلامهم.
وكان ابن الأَعرابي يقول: لا يكون نَوْءٌ حتى يكون معه مَطَر، وإِلا فلا نَوْءَ.قال أَبو منصور: أَول المطر: الوَسْمِيُّ، وأَنْواؤُه العَرْقُوتانِ الـمُؤَخَّرتانِ. قال أَبو منصور: هما الفَرْغُ الـمُؤَخَّر ثم الشَّرَطُ ثم الثُّرَيَّا ثم الشَّتَوِيُّ، وأَنْواؤُه الجَوْزاءُ، ثمَّ الذِّراعانِ، ونَثْرَتُهما، ثمَّ الجَبْهةُ، وهي آخِر الشَّتَوِيِّ، وأَوَّلُ الدَّفَئِيّ والصَّيْفِي، ثم الصَّيْفِيُّ، وأَنْواؤُه السِّماكانِ الأَوَّل الأَعْزَلُ، والآخرُ الرَّقيبُ، وما بين السِّماكَيْنِ صَيف، وهو نحو من أَربعين يوماً، ثمَّ الحَمِيمُ، وهو نحو من عشرين ليلة عند طُلُوعِ الدَّبَرانِ، وهو بين الصيفِ والخَرِيفِ، وليس له نَوْءٌ، ثمَّ الخَرِيفِيُّ وأَنْواؤُه النَّسْرانِ، ثمَّ الأَخْضَرُ، ثم عَرْقُوتا الدَّلْوِ الأُولَيانِ. قال أَبو منصور: وهما الفَرْغُ الـمُقَدَّمُ. قال: وكلُّ مطَر من الوَسْمِيِّ إِلى الدَّفَئِيِّ ربيعٌ.
والخلاصة فيما ذكره صاحب لسان العَرَب، أن النَّوء هو غروب نجم أو مجموعة نجميَّة وقت الفجر من تلك الثماينة والعشرين المعروفة التي ينزل القمر في كل منها يومًا وهي الشَّرَطانِ، والبَطِينُ، والنَّجْمُ، والدَّبَرانُ..إلخ، ولا تُسمِّي العَرَب غُروب النّجم في حدّ ذاته نوءًا، وإنما النوء ما كان غروبًا وقت الفجر تبعه المطر غالبًا، وإلا فهو نوء غير مذكور في شعرهم -والشعر ديوان العرب-، ويستمر المَطَر فيها -إن نزل- عدَّة أيّام بعد وقت غروب النّجم أقصاها 14 يومًا، وغروب النّجم هو نزوله تحت الأفق جهة الغرب عند الفجر وعدم طلوعه في الليل مرَّة أخرى إلا بعد عدد أيّام معروفة، فيطلع من المشرق ويُسمَّى شُرُوقًا.
والمطلوب إذن معرفة النّجم الذي غَرَب وقت عُمرة الحُدَيبية حين وصلها النّبي صلى الله عليه وآله وسلَّم إلى أن خرج منها راجعًا للمدينة، وكنت قد حددت وقت خروج النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعمرة الحديبية في هذه اليوميات بيوم الاثنين الثاني من ذي القعدة 6 هـ الموافق 14 مارس 628 م، وهو على رواية ابن سعد عن الواقدي مع ضبط اليوم على التقويم الذي استنتجناه، فعلى الرواية أنّه “لغُرَّة ذي القعدة”، وعلى الحساب الفلكي أن الاثنين يقع الثاني ولا يقع الغُرَّة، وعليه وصل النبي صلى الله عليه وآله وسلم الحُدَيبية ومن معه بعد رحلة شاقّة استمرت 11 يومًا تقريبًا لسلوكهم طريقًا وعرة وتجنبهم جيش خالد بن الوليد عند كُراع الغميم، وقد وافق هذا اليوم فيما حسبناه الجمعة 13 ذو القعدة 6 هـ الموافق 24 مارس 628 هـ.
الأنواء في تفاسير القرآن
وقد أتى ذِكر النَّوء في القُرآن في مَطلع سورة النَّجم على المشهور من التأويل في كُتُب التّفاسير، قال تعالى: “والنَّجم إذا هوى”، قال الطبري في تفسيره: “عُنِيَ بالنَّجم: الثُّرَيَّا، وهَوَى: سقط، والتأويل: إذا سقطت الثُّرَيَّا مع الفجر”، قال الزمخشري في الكشَّاف: “النَّجم: الثُّريَّا؛ اسم غالب لها”، وذكرها أغلب أهل التفسير عن ابن عباس ومجاهد، قُلتُ -كاتب هذه السطور-: وهو أعظم الأنواء عند العرب، وقفت على ذلك عند ابن قُتَيْبة في كتاب “الأنواء في مواسم العرب” وذكر تَغَنِّي العَرَب به في شعرهم وكثرة ذلك، ونص على أنَّهم متى أطلقوا “النَّجم” فقد قصدوا “الثُّريَّا”.
وفي سورة النَّجم أيضًا قوله تعالى: “وأنَّه هو ربُّ الشِّعْرَى”، قال الطبري في تفسيره: “مِرْزَم الجَوزَاء، أو النّجم الوقّاد الذي يتبع الجوزاء يُقال له المِرْزَم وكان بعض العرب يعبدونه في الجاهليَّة”. قال الزمخشري في الكشَّاف: “الشِّعرَى: مِرزَم الجوزاء، وهي التي تطلع وراءها، وتُسمَّى: كَلْب الجَبَّار، وهما شِعْرَيَان، الغُمَيْصَاء والعُبُور، وأراد العُبور، كانت خُزاعة تعبدها، سن لهم ذلك رجل اسمه أبو كبشة من أشرافهم، وكانت قريش تقول للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: ابن أبي كبشة تشبيهًا له به، لمخالفته إياهم في دينهم”. وعند الرّازي في تفسيره: “والشعرى نجم مضيء، وفي النجوم شعريان، إحداهما شاميَّة والأخرى يمانيَّة، والظاهر أن المُراد اليمانيَّة لأنهم كانوا يعبدونها”.
وعلى ما ذُكِرَ من تفاسير، فالشِّعْرَى نَجْمان: الشعرى الشاميَّة والشعرى اليمانيَّة، أو الشِّعْرَى الغُمَيْصاء والشِّعْرَى العُبُور، وأنَّ المقصود من قوله تعالى “وأنَّه هو ربُّ الشِّعرى” الأظهر أنَّها اليمانيَّة كما قال الرازي، ولعلّ المولى عزّ وجل قد أراد الاثنين، وسنُبيّن ذلك إن شاء الله تعالى.
الأنواء ومواقيتها ونجومها كما ذكرها ابن قُتَيْبَة
وكتاب ابن قُتيبَة (ت. 276 هـ) المُسمَّى: “الأنواء في مواسم العَرَب”، هو كتاب مُهم جمع فيه المؤَلِف التُراث العربي المُتعلق بمسألة الأنواء وما يصحبها من أمطار كما درج عليه العَرَب وأهل البوادي، من المُشاهدة بالعين المُجرَّدَة، دون الرجوع لعلم الحِسَاب الفلكي أو الفلسفة الغربية المُتعَلِّقة بالتنجيم كما يذكر هو بنفسه في مقدمة كتابه -مع مقارنته بين ما يقوله العرب وأهل الحساب أحيانًا في ثنايا الكتاب بطريقة علميّة-: “وكان غرضي في جميع ما أنبأت به الاقتصار على ما تعرف العرب وتستعمله، دون ما يدّعيه المنسوبون إلى الفلسفة من الأعاجم، ودون ما يدّعيه أصحاب الحساب. فإني رأيت علم العرب بها هو العلم الظاهر للعيان، الصادق عند الامتحان، النافع لنازل البر، وراكب البحر وابن السبيل”.
ولمعرفة أيّ شِعْرى قَصَدَ من قال في الحُديبية: “هذا نوء الخريف: مُطرنا بالشّعرى”، وحيث ذُكِرَت الشعرى أنها في مجموعة الجوزاء كما عند المُفَسِّرين، وأنقل عن ابن قُتيبة في كتاب الأنواء (ص.50) في كلامه عن مجموعة الجوزاء: “وفيها (الشِّعْرَى العُبُور) و(مِرْزَم الشِّعْرَى) وهي التي ذكرها المولى عز وجل في كتابه إذ يقول: (وأنه هو رب الشعرى)، وعبدها أبو كبشة من خُزاعة وخالف قريشًا لأنها قطعت السماء عرضًا ولم يقطع نجم السماء غيرها، فلمّا دعاهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم لترك الأوثان والشرك قالوا: هذا ابن أبي كبشة، أي شبهه ومثله في الخلاف…، وهما الشِّعْرَيَان، إحداهما هذه التي ذكرت في الجوزاء وهي التي تسمى العبور. والشِّعْرَى الأخرى هي الغُمَيْصاء؛ وهي تقابلها وبينهما المَجرّة. والغُمَيْصَاء من الذِّرَاع المبسوطة في نجوم الأسد، لا في الجوزاء، والعبور تُسمى أيضًا (كلب الجبّار) يعنون (الجوزاء) ويقال إن الكلاب والذئاب تكلب عند طلوع الشعرى”.
ويقول في موضع آخر عند الحديث على كوكبة الذِّرَاع: “فأحد كوكبي الذراع المبسوطة النَّيّر هو الشِّعْرَى الغُمَيْصاء والكوكب الأحمر الصغير يسمى المِرْزَم يقال له مرزم الذراع، وفي الجوزاء كوكب مع الشعرى، يقال له مرزم العبور، فالشعريان تتحاذيان، والمرزمان معهما يتحاذيان، إلّا أن مرزم الذراع قد ينزل به القمر، ومرزم العبور ليس من منازل القمر، وطلوع الذراع لأربع ليالٍ تخلو من تموز -يوليو-، وسقوطها لأربع ليالٍ تخلو من كانون الآخر -يناير-، ونوءها خمس ليالٍ، ويقال ثلاث ليالٍ، وهو أوّل أنواء الأسد. وهو نوء محمود قلّما يخلف، وتزعم العرب أنّه إذا لم يكن في السنة مطر، لم تُخلف الذراع، وإن لم يكن إلا بغشة، وربما نسبوا النوء للشعرى، يعنون الغُميصاء وهي إحدى كوكبي الذراع المبسوطة، لأن القمر ربما عدل عن الذراع المقبوضة فنزل بها…والشعرى العبور ليست من منازل القمر، ولا من ذوات الأنواء، ولكنهم ربما جمعوهما فنسبوا النوء إليهما يقولون مطرنا بالشعريين أو بنوء الشعريين، والعرب تفعل ذلك كثيرًا”.
إلى أن قال: “وإذا رأيتهم يذكرون الشعرى بالحُمرة والضوء ويشبهونها بالنار فإنما يريدون الشعرى العبور -التي هي مع الجوزاء-. لأنها أشعر عندهم من الغُميصاء وأبين لعين الناظر -والنوء للغُمَيْصَاء كما ذُكِر-، والغُمَيْصَاء تطلع لأربع ليال تخلو من تموز-يوليو- والعبور تطلع لسبع عشرة ليلة تمضي منه”.
ومُلَخّص كلام ابن قُتيبة أن الشِّعْرَيَان هما الشِّعْرَى العُبُور نجم نيّر ومعها المرزم نجم صغير بجوارها وهما من مجموعة الجوزاء، والشِّعْرَى الغُمَيْصَاء نجم نيّر آخر لكن أقل من الشِّعْرَى العُبُور ومعه الِمرْزَم نجم صغير أيضًا بجوارها وهي من مجموعة ذراع الأسد، والشعرى العبور هي التي عبدتها خُزاعة، وعليه فهي الشعرى اليمانيَّة ووجدت اسمها باللاتينية سيريوس Sirius، والشعرى الغُميصاء هي التي ينزل القمر بالمرزم التابع لها ويكون لها نوء يبدأ من سقوطها في 4 يناير من كل عام وقت الفجر ويستمر 5 أيام وقيل 3 أيام وهي الشعرى الشاميّة ووجدت اسمها باللاتينية بروكيون Procyon، وأنّ الشعرى اليمانيَّة أو نجم سيريوس Sirius ليست من منازل القمر ولا من ذوات الأنواء، فتكون الشِّعْرَى المذكورة في القرآن في سورة النَّجم بخلاف تلك المذكورة في رواية من قال: “مُطرنا بالشعرى” على ما هو ظاهر.
مُراجعة الحِساب الفلكي لتأكيد كلام ابن قُتَيْبَة
وبالرغم من أنَّ ابن قُتَيبة يرى أن العبرة في الأنواء ما ثبت بالمُشاهدة عند العَرَب، وأن العرب يختلفون مع أهل الحساب والفلاسفة في مسألة غروب النّجم وبالتالي تحديد وقت نوءه، فإنّنا سنرجع للحساب الفلكي مُستَدِلِّين بتعريف ابن قُتيبة للغروب اللازم لحدوث النَّوء ومن ثمّ ننظر في النتائج للاستئناس قبل أن نقرر النتائج النهائية.
وتعريف ابن قُتيبة للغروب المُحدِث للنوء تعريف متين واضح، إذ يقول في الفرق ما بين الغروب الذي هو أفول وبين الغروب الذي له نوء: “الغروب نوعان: أحدهما الغروب الذي يكون له النوء. وهو سقوط النجم بالغداة-من الفجر حتى طلوع الشمس- في المغرب بعد الفجر، وقبل طلوع الشمس، وطلوع رقيبه في المشرق في ذلك الوقت. ولا يكون هذا إلا في غداة واحدة من السنة للكوكب الواحد. فأما السقوط الذي هو أفول استسرار، فإنه يكون من أول الليل. وذلك أن هذا النجم الساقط بالغداة في أفق المغرب يُرَى بعد اليوم الذي سقط فيه متأخر السقوط عن ذلك الوقت، فيسقط قبله. ولا يزال يتأخر في كل يوم حتى يكون سقوطه في آخر الليل، ثم يتأخر في الليل إلى أن يسقط أوّل الليل في المغرب، ثم يستسر بعد ذلك فلا يُرى ليالي كثيرة ثم يُرى بالغداة طالعًا في المشرق خفيًا. فهذا سُقُوط الأُفُول. ومقادير استسرار الكواكب مختلفة وكل منازل القمر لها استسرار، فأما غيرها فمنه ما يستسر، ومنه ما لا يستسر. وبين العرب وبين أصحاب الحساب في مقادير استسرارها اختلاف، كاختلافهم في مدة استسرار الثريا. فإن العرب تذكر أنها تستسر أربعين ليلة، وتزعم أصحاب الحساب أنها تستسر ثلاثا وخمسين ليلة. ولا أرى ذلك إلا لأن العرب عملت فيه على مفارقة الشمس لها بثلاثة عشر يومًا، وقد بينت هذا في باب الطلوع والغروب”.
ويقول في تحديد الوقت الذي يسقط فيه النجم بالغداة -بين الفجر وطلوع الشمس-: “وسقوط النجم ذي النوء بالغداة بعد الفجر وقبل طلوع الشمس وانمحاق الكواكب بضوئها وقد بقي من غلس الظلام شيء يسير، فهي تطلع في الفجر ببقية من سواد الليل وابتداء شيء من ضوء النهار. فالليل لا ييأس منها لبقيته، والنهار لا يسلمها لليل لابتدائه فكأنها شيء بين اثنين يتجاذبانه.”
وعلى ما ذكر ابن قتيبَة، فإنّ نوء الشعرى يكون بغروبها بعد الفجر قبل الشروق جهة المَغرِب مع طلوع رقيبها -نجم آخر- جهة المَشْرِق في ذات الوقت، وهذا هو وقت النَّوء، وقد ذكر في (ص.119) أن كوكبة “البلدة” هي رقيب “الذراع” -التي بها الشِّعْرَى الشاميَّة، فوقت النَّوء يكون بسقوط الشِّعرى في المَغرب بعد الفجر وقبل الشروق، مع طلوع نجم البَلْدَة في المشرق في نفس الوقت تقريبًا، وقد وجدت اسم البلدة باللاتينيَّة Pi Sagittari.
وعليه استخدمت برمجيَّة كِيْه ستارز (KStars) -وهي برمجيَّة حُرَّة موقوفة يمكن لأي أحد تحميلها من الشبكة العنكبوتية واستخدامها بغير مُقابل مادّي- التي تعرض شكل السماء بما فيها من أجرام تتضمن النجوم والكواكب والشمس والقمر في أي ساعة زمانيَّة لتاريخ مُعيَّن، لأي إحدَاثِيَّات على كوكب الأرض، على نظام التشغيل أوبونتو لينوكس 16 (Ubuntu Linux 16) لمعرفة شكل السماء عند إحداثيَّات الحُدَيبيَة (قريب مما يُعرف بالشُّميسي الآن وإحداثيَّاتها التقريبيَّة: 21.442486 درجة شمالًا، 39.625778 درجة شرقًا) في العام 628 ميلادي، وبرمجيَّة آستروكال التي بنيناها لليوميّات خصيصًا لمعرفة مواقيت الصلاة في هذا اليوم.
فتتبعت وصف ابن قُتَيْبَة، فوجدت الشِّعْرَى الشامِيَّة Procyon تَغْرُب في يوم 4 يناير 628م في حدود الساعة 6:15 صباحًا بتوقيت مكَّة المُكَرَّمة، وقد دخل أوَّل وقت الفجر بحدود الساعة 5:39 دقيقة صباحًا تقريبًا -بحسب مواقيت الصلاة المحسوبة من برمجيَّة آستروكال لهذا اليوم-، وهذه 35 دقيقة تقريبًا من الفجر، وكان الشروق يومها في الساعة 7:05 صباحًا تقريبًا فيكون وقت غروبها قبل الشروق بـ50 دقيقة تقريبًا، وفي اليوم التالي غربت في الساعة 6:10 صباحًا تقريبًا، وطُلوع نجم البلدة Pi Sagittari في ذات الوقت من تحت الأفق جهة المشرق، وهو ما يُناسب كلام ابن قُتيبة ووصفه في الغروب الذي يلازمه النَّوء ويؤكد دِقَّتَه، غير أنّ غروب الشّعرى الشاميَّة في هذا اليوم وامتداد نوءها خمس ليالٍ بحسب ابن قتيبة على أقصى تقدير إلى جانب المذكور في رواية الواقدي على لسان من قال: “هذا نوء الخريف، مُطرنا بالشعرى” باعتبار خروج النبي صلى الله عليه وآله وسلم للحديبية وافق 14 مارس 628م وهو بعد نوء الشعرى هذا بشهرين وعشرة أيام، يعطي عندنا احتمال من ثلاثة:
الأول: أن الحُديبية لم تقع في ذي القعدة/مارس، وتكون تلك الرواية المذكور بها النَّوء تشير للوقت المنضبط الصحيح للحُدَيْبِيَة، وهذا مُستبعد لعدَّة أسباب؛ الأوّل أن جمهور أهل السير والمحدثين على أنها وقعت في ذي القعدة بلا خلاف، الثاني أنّه لم يُروَ إلا رأي شاذ واحد في هذه المسألة عن موسى بن عُقبة أن الحُديبية وقعت في آخر رمضان ورجع النبي صلى الله عليه وآله وسلم منها في شوال، ورمضان في هذه السنة (6 هـ) يوافق يناير فعلًا، لكنّه يبدأ يوم 15 يناير 628م، وهو إشكال آخر، فهذا بعد النَّوء بعشرة أيّام، وحتى لو سلمنا بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خرج في أوّل يوم من رمضان فقد فاته النوء وقت السفر قطعًا، ناهيك عن أن جميع روايات الحُديبية تشير إلى أنّ النوء كان في آخر السفر في رحلة الرجوع أو عند موقع الحُديبية نفسها لا قبلها، وهذا ما يجعل هذا الاحتمال غير وارد بالمرّة، وظنّي أنّ موسى ابن عُقبة استنتج هذا التاريخ العجيب للحديبية الذي لم يقل به أحد بحساب الأنواء القهقرى من رواية من قال: “مُطرنا بالشِعرى”-عكس ما نقوم به نحن الآن-، ونوءها بحساب القهقرى في شعبان فيكون غلط في الشهر وأدى لهذا الوهم، وهو باب لمباحث أُخرى عن كيفية اجتهاد بعض الرواة في استنتاج التواريخ ودليل ذلك من الحساب والواقع الفلكي، وهو مبحث لطيف لعلّ المولى عزّ وجل يوفقنا لتدوينه، والله أعلم.
الثاني: أنّ الذي قال في رواية الواقدي: “هذا نوء الخريف، مُطرنا بالشعرى” هو جاهل بالأنواء ومواقيتها ولا يعرف الخريف من الصيف، ولا يعرف وقت نوء الشعرى فلمّا رأى المطر قال ما قال تجوزًا، وهو قول شبه مستحيل عقلًا، إذ معرفة الأنواء والكواكب والنجوم معرفة عامّة يعرفها غالب العَرَب، ومن أخطأ في معرفة الشِّعْرَى يُستبعد أن يُخطئ في معرفة الفصل التالي من العام، وعليه فهذا احتمال غير مقبول أيضًا.
الثالث: أنَّه قد وقع خلل في الرواية من جهة الراوي لجهل أحد الرواة بمسألة الأنواء، فذَكَر المُتبادر إلى ذهنه بالمعنى ولم يلتفت لصحته من عدمه، وهو ما نختاره لعدّة أسباب، منها ما ذكر ابن قُتيبة في تسمية العرب فصول السنة كالآتي: “الربيع-الشتاء-الصيف-القيظ”، والربيع عندهم هو الخريف المعروف اليوم ويبدأ في 3 أيلول/سبتمبر، والشتاء كما نعرفه لليوم ويبدأ في 3 كانون الأول/ديسمبر والصيف هو الربيع المعروف اليوم ويبدأ في 5 آذار/مارس، والقيظ هو ما المعروف اليوم بالصيف ويبدأ في 4 حزيران/يونيو، وأنَّهم لا يكادون يُطلقون “الخريف” على الزمن ولكن على المطَر الذي يكون في آخر فصل القيظ -الصيف-، وبحسب ابن قتيبة أيضًا فإنّ الشعرى الشاميَّة التي هي في مجموعة ذراع الأسد أنواءها ليست في آخر القيظ الذي هو نوء الخريف، وإنما الذراع التي فيها الشعرى نوءها في الشتاء، وهو ما ذكره بان منظور أيضًا في لسان العرَب مُلَخَّصًا عن أبي منصور -وذكرناه سالفًا- أن نوء الذِراعان -وفيهما الشِّعرَى الشاميَّة- شتوي، وأن نوء الخريف لا علاقة له بالذراعان -التي فيها الشِّعرى الشاميَّة-، ودليل آخر على الخلط في الرواية أنّ الذراع من منازل الشمس في شهور القيظ -الذي هو الصيف عندنا-، وبالتالي الشعرى تكون من منازل الشمس في القيظ، لكن نوءها لا يكون كذلك!، والحُدَيْبيَة وقعت في آخر ذي القعدة/مارس كما حددناه وهذا نوء الصيف بحسب العَرَب والذي هو الربيع المعروف، وبحسب ابن قُتَيْبة فنجوم أنواء هذا الفصل هي العوّاء والسمّاك والغفر والزباني والإكليل والقلب والشولة، وعليه فقد وقع الاضطراب في الرواية المذكورة ولا يصح من لفظها عن الأنواء شيء، ووجدت في آخر رواية الواقدي عن الحُديبية بين السياق رواية أصَح وأدق تتعارض مع تلك المذكورة له سالفًا، حيث يقول (ص.616): “ثم أذن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالرحيل، فلما ارتحلوا مُطِروا ما شاءوا وهم صائِفون”، وهذه رواية مهمة تُطابق ما ذهبنا إليه، وهو أنَّ المَطَر كان في آخر الرحلة وهم راحلون، وأنَّه كان مطر صيف!، فهذا توفيق من الرحمن، وحيث أن سقوط المطر زمن الحُديبية ثابت بأحاديث أخرى صحيحة وروايات مختلفة كثيرة، فسأتتبع النوء الأقرب لوقت وجود النبي صلى الله عليه وآله وسلّم في الحُديبية باعتبار أنّه المقصود والله المستعان.
وقد أورد ابن قُتيبة في أنواء الربيع -الذي هو الصيف عند العرب- نوء السمَّاك الأعزل -اسم نَجْم-، وأهل الحساب يُسمّونه “السنبلة”، والعرب تجعله “ساق الأسد”، وهذا النَّجم يطلع لخمس ليال يمضين من تشرين الأوّل -نوفمبر-، ويسقط لأربع ليال يمضين من نيسان -إبريل- ونوءه أربع ليال، أي يكون وقت المطر بإذن الله تعالى بعد نزوله مستمرًا لأربع ليالٍ، قال ابن قُتيبة: “وهو نوء غزير مذكور، قلّ ما يخلف، وطره يصل الخطائط، إلّا أنّه يُذَم من قِبَل أن النَّشر ينبت عنه، والنشر نبت يطلع بمطره في أصول كلاء قد هاج ويبس، فإذا أكلته الإبل مرضت”، لذلك كانت العرب تَذُم نوء السمَّاك هذا وتراه من أنواء النحس، وهو مُناسب لموقف الحُدَيْبيَة حيث اغتاظ النّاس من الرجوع وعدم دخول مكَّة، وأوصلتني اليوميَّات إلى يوم الاثنين 23 ذو القعدة 6 هـ الموافق 4 إبريل 628 م، وهو اليوم الذي اشتدَّ فيه تطاول قُريش على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومن معه بالحُدَيْبيَة، فأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالبيعة عند الشجرة وهي بيعة الرضوان، ويكون المَطَر قد وقع في تلك الليلة بإذن الله تعالى أو في الليلة التالية واستمر أربع أيّام، فيكون نجم السمَّاك الأعزل قد سقط إلى المغرب في تلك الليلة قبل الشروق، وسقط المطر في ليلة الأربعاء 25 ذي القعدة 6 هـ الموافق 6 إبريل 628 م وهي الليلة التالية لعقد الصُّلح، فلعلّه قال بعضهم ما قال تبرُّمًا من الصُلح واستمر المطر أربع ليالٍ حتى 8 إبريل 628 م الموافق السبت 28 ذي القعدة 6 هـ، وقد ارتحلوا من الحُديبية يوم الخميس 26 ذو القعدة 6 هـ، الموافق 7 إبريل 628 م، وهو مازال في أيَّام النَّوء -ميقات المَطَر-، فيكون موافقًا أيضًا لرواية الواقدي الأخيرة من نزول المطر وهم مرتحلون، وقد ذكرت في اليوميَّات المَطَر الأوَّل وحديث من قال: “مُطرنا بنوء كذا” في أوَّل أيَّام النَّوء وهي الليلة التي سبقت بيعة الرضوان، لا في يوم الصُّلح، فهذا مما لم أقف على تأكيد له، وإنما هو محض اجتهاد، وفي هذا الاختيار عدّة موافقات من المولى عزّ وجلّ في كتابة هذه اليوميّات ذكرناها في سياق الكلام ونلخصها فيما يأتي:
أن الصُّلح وقع يوم الثلاثاء، والعَرَب كانت تستثقل يوم الثلاثاء -ولا زالت!-، وأن النَّاس تبرَّموا من الصُّلح وكادوا يشكّون في وعد الله ورسوله، فقال من قال: “مُطرنا بنوء السمَّاك الأعزل!” -أو أنَّها قيلت صبيحة بيعة الرضوان فهذا ممكن-، وهو عندهم نوء نَحْس يُنبت النَّشر الذي يُمرِض الإِبِل، وأنّ هذا كان بعد الصُّلح حتمًا، وأنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلّم في صلاة الصبح نبّه على أن النّجوم ليست فاعلًا بذاتها ولكنّها مواقيت والمطر بيد الله، وأنّ التشاؤم مرفوض إذ فتح الحُديبية أعظم الفتوح، فقد دخل بعده ما يقارب 9500 مُسلم جديد في ثمانية عشر شهرًا تقريبًا كما ذكرنا في اليوميّات وهو ما يعني 530 مُسلم كُلَّ شهر حتى فُتحت مكة بعده بعامين، فلا شكّ أنّه أعظم الفتوح، وبالله سبحانه التوفيق ولا حولا ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
فائدة: ويتبين من هذا البحث أيضًا أن المقصود من قوله تعالى: “وأنَّه هو رب الشعرى”، قد لا يكون فقط الشعرى التي هي مرزم الجوزاء كما نص عليه أئمة التفاسير واقتصروا عليه، فهذه نيّرة يتغنون بها في أشعارهم وهي الشعرى العُبور أو اليمانيَّة التي عبدتها خُزاعة، والشعرى الأُخرى التي هي الغُميصاء أو الشاميَّة هي ذات النّوء عند العَرَب والتي هي ميقات من مواقيت أمطار الشتاء، فدلّ سبحانه بهذا اللفظ على الشعريين، ذات النّور وذات النّوء، وأنّه رب الشعريين جلّ في عُلاه، والحمد لله رب العالمين.
مُلَخَّص النتائج
عقد الصُّلح | الثلاثاء 24 ذو القعدة 6 هـ، الموافق 5 إبريل 628 م |
نزول الأمطار الغزيرة على المُسلمين | 26-23 ذو القعدة 6 هـ، 4-7 إبريل 628 م |
وقت حديث “من قال مُطرنا بنوء كذا…” | بعد صلاة الصُّبح الاثنين 23 ذو القعدة 6 هـ، الموافق 4 إبريل 628 م
أو بعد صلاة الصُّبح الأربعاء 25 ذو القعدة 6 هـ، الموافق 6 إبريل 628 م |
المراجع
– برمجيَّة آستروكال Astrocal، مشروع يوميّات السيرة.
– برمجيَّة كيه ستارز KStars (https://edu.kde.org/kstars)
– الأنواء في مواسم العرب، لابن قتيبة الدنيوري، دار الشئون الثقافية العامّة التابعة لوزارة الثقافة العراقية، بغداد،1988.
– المغازي للواقدي، تحقيق مارسدن جونز.
– لسان العرب لابن منظور، موقع الباحث العربي (http://www.baheth.info).
– موقع التفاسير، مؤسسة آل البيت الملكية للفكر الإسلامي (http://www.altafsir.com).
– قاموس الموسوعة البريطانية Britannica بالتعاون مع ميريام-ويبستر Merriam Webster، لترجمة أسماء النُّجوم عربي – انكليزي، وكذلك موسوعة Wikipedia الحُرَّة (http://arabic.britannicaenglish.com)، (http://wikipedia.com).
الحكايات
- الترتيب الزمني لأحداث الحُديبية
- تضمّنت هذه اليوميّات سرد مُفَصَّل لأحداث عُمرة الحُديبية وما حدث أثنائها من أحداث، وقد استقينا هذه الأحداث من مصادر عِدَّة نذكر أكثرها في مراجع هذا المُلحق بإذن الله تعالى، وبحسب الروايات من كُتب السير والحديث، فهذا مُلخَّص بجميع الأحداث التي وقعت في رحلة عُمرة الحُديبية، ونُلحقها بإذن الله بمُناقشة الترتيب والمُزامنة التي اعتمدناها في كتابة اليوميات والله المستعان.
- إرسال النبي صلى الله عليه وآله وسلم بُسر بن سُفيان الكعبي من ذي الحُلَيْفَة ليستطلع أخبار قُريش بعد أن علموا بخروجه للعُمرة.
- لقاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم ببُسر بن سُفيان عند غدير الأشطاط متوجها إلى مكّة وإخباره بحال قُريش بعد أن علموا بخروجه صلى الله عليه وآله وسلم للعُمرة.
- النَّبي صلى الله عليه وآله وسلم ومن معه يصلوا قُرب كُراع الغميم حيث أخرجت قُريش خالد بن الوليد في مائتي فارس إليها ليمنع النبي صلى الله عليه وآله وسلم من المُضي قُدمًا إلى مكّة.
- النبي صلى الله عليه وآله وسلم يُقدّم الفرسان ثم يصلي بالناس صلاة الخوف وأمامهم خالد بن الوليد ومن معه من المشركين.
- النبي صلى الله عليه وآله وسلم يأمر بسلوك طريق جانبي لا يمر على جيش المشركين بقيادة خالد بن الوليد، فيسلكون في طريق وعرة كثيرة الحجارة على يمين الطريق العامّة.
- خروج المسلمين من الطريق الوعرة عند منقطع الوادي وشعورهم بالتعب والإرهاق، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يأمرهم بالاستغفار.
تمت بحمد الله