قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَكَانَ الَّذِينَ اسْتَأْذَنُوهُ مِنْ ذَوِي الشَّرَفِ، فِيمَا بَلَغَنِي، …
مِنْهُمْ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ بن سَلُولَ، وَالْجَدُّ بْنُ قِيسٍ، وَكَانُوا أَشْرَافًا فِي قَوْمِهِمْ، فَثَبَّطَهُمْ اللَّهُ لِعِلْمِهِ بِهِمْ أَنْ يَخْرُجُوا مَعَهُ، فَيُفْسِدُوا عَلَيْهِ جُنْدَهُ، وَكَانَ فِي جُنْدِهِ قَوْمٌ أَهْلُ مَحَبَّةٍ لَهُمْ، وَطَاعَةٍ فِيمَا يَدْعُونَهُمْ إلَيْهِ، لِشَرَفِهِمْ فِيهِمْ. فَقَالَ تَعَالَى: {وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ، وَالله عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ، لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ} [التوبة: 47- 48]: أَيْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَسْتَأْذِنُوكَ، {وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ} [التوبة: 48]: أَيْ لِيَخْذُلُوا عَنْكَ أَصْحَابَكَ وَيَرُدُّوا عَلَيْكَ أَمْرَكَ {حَتَّى جاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كارِهُونَ.
وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا} [التوبة: 48- 49]، وَكَانَ الَّذِي قَالَ ذَلِكَ، فِيمَا سُمِّيَ لَنَا، الْجَدُّ بْنُ قِيسٍ، أَخُو بَنِي سَلِمَةَ، حِينَ دَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى جِهَادِ الرُّومِ. ثُمَّ كَانَتْ الْقِصَّةُ إلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغاراتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ.
وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ، فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها رَضُوا، وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ} [التوبة: 57- 58]: أَيْ إنَّمَا نِيَّتُهُمْ وَرِضَاهُمْ وَسَخَطَهُمْ لِدُنْيَاهُمْ.