وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزِّبَعْرَى السَّهْمِيُّ، فِي يَوْمِ الْخَنْدَقِ: …
حَتَّى الدِّيَارَ مَحَا مَعَارِفَ رَسْمِهَا … طُولُ الْبِلَى وتراوح الأحقاب
فَكَأَنَّمَا كَتَبَ الْيَهُودُ رُسُومَهَا … إلَّا الْكَنِيفَ وَمَعْقِدَ الْأَطْنَابِ
قَفْرًا كَأَنَّكَ لَمْ تَكُنْ تَلْهُو بِهَا … فِي نِعْمَةٍ بِأَوَانِسٍ أَتْرَابِ
فَاتْرُكْ تَذَكُّرَ مَا مَضَى مِنْ عِيشَةٍ … وَمَحِلَّةٍ خَلْقِ الْمَقَامِ يَبَابِ
وَاذْكُرْ بَلَاءَ مَعَاشِرٍ وَاشْكُرْهُمْ … سَارُوا بِأَجْمَعِهِمْ مِنْ الْأَنْصَابِ
أَنْصَابِ مَكَّةَ عَامِدِينَ لِيَثْرِبِ … فِي ذِي غَيَاطِلَ جَحْفَلٍ جَبْجَابِ
يَدَعُ الْحُزُونَ مَنَاهِجًا مَعْلُومَةً … فِي كُلِّ نَشْرٍ ظَاهِرٍ وَشِعَابِ
فِيهَا الْجِيَادُ شَوَازِبٌ مَجْنُوبَةٌ … قُبُّ الْبُطُونِ لَوَاحِقُ الْأَقْرَابِ
مِنْ كُلِّ سَلْهَبَةٍ وَأَجْرَدَ سَلْهَبٍ … كَالسِّيدِ بَادَرَ غَفْلَةَ الرُّقَّابِ
جَيْشُ عُيَيْنَةَ قَاصِدٌ بِلِوَائِهِ … فِيهِ وَصَخْرٌ قَائِدُ الْأَحْزَابِ
قَرْمَانُ كَالْبَدْرَيْنِ أَصْبَحَ فِيهِمَا … غَيْثُ الْفَقِيرِ وَمَعْقِلُ الْهُرَّابِ
حَتَّى إذَا وَرَدُوا الْمَدِينَةَ وَارْتَدَوْا … لِلْمَوْتِ كُلَّ مُجَرَّبٍ قَضَّابِ
شَهْرًا وَعَشْرًا قَاهِرِينَ مُحَمَّدًا … وَصِحَابُهُ فِي الْحَرْبِ خَيْرُ صِحَابِ
نَادَوْا بِرِحْلَتِهِمْ صَبِيحَةَ قُلْتُمْ … كِدْنَا نَكُونُ بِهَا مَعَ الْخُيَّابِ
لَوْلَا الْخَنَادِقَ غَادَرُوا مِنْ جَمْعِهِمْ … قَتْلَى لِطَيْرٍ سُغَّبٍ وَذِئَابِ