فَلَمَّا تَيَقَّنَ عَدُوُّ اللَّهِ الْخَبَرَ،…
خَرَجَ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ، فَنَزَلَ عَلَى الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ بْنِ ضُبَيْرَةَ السَّهْمِيِّ، وَعِنْدَهُ عَاتِكَةُ بِنْتُ أَبِي الْعِيصِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، فَأَنْزَلَتْهُ وَأَكْرَمَتْهُ، وَجَعَلَ يُحَرِّضُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيُنْشِدُ الْأَشْعَارَ، وَيَبْكِي أَصْحَابَ الْقَلِيبِ مِنْ قُرَيْشٍ، الَّذِينَ أُصِيبُوا بِبَدْرِ، فَقَالَ:
طَحَنَتْ رَحَى بَدْرٍ لِمَهْلِكِ أَهْلِهِ … وَلِمِثْلِ بَدْرٍ تَسْتَهِلُّ وَتَدْمَعُ
قُتِلَتْ سَرَاةُ النَّاسِ حَوْلَ حِيَاضِهِمْ … لَا تَبْعَدُوا إنَّ الْمُلُوكَ تُصَرَّعُ
كَمْ قَدْ أُصِيبَ بِهِ مِنْ أَبْيَضَ مَاجِدٍ … ذِي بَهْجَةٍ يَأْوِي إلَيْهِ الضُّيَّعُ
طَلْقُ الْيَدَيْنِ إذَا الْكَوَاكِبُ أَخْلَفَتْ … حَمَّالُ أَثْقَالٍ يَسُودُ وَيَرْبَعُ
وَيَقُولُ أَقْوَامٌ أُسَرُّ بِسَخَطِهِمْ … إنَّ ابْنَ الْأَشْرَفِ ظَلَّ كَعْبًا يَجْزَعُ
صَدَقُوا فَلَيْتَ الْأَرْضُ سَاعَةَ قُتِّلُوا … ظَلَّتْ تَسُوخُ بِأَهْلِهَا وَتُصَدَّعُ
صَارَ الَّذِي أَثَرَ الْحَدِيثَ بِطَعْنِهِ … أَوْ عَاشَ أَعْمَى مُرْعَشًا لَا يَسْمَعُ
نُبِّئْتُ أَنَّ بَنِي الْمُغِيرَةِ كُلَّهُمْ … خَشَعُوا لِقَتْلِ أَبِي الْحَكِيمِ وَجُدِّعُوا
وَابْنَا رَبِيعَةَ عِنْدَهُ وَمُنَبِّهٌ … مَا نَالَ مِثْلَ الْمُهْلِكِينَ وَتُبَّعُ
نُبِّئْتُ أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ هِشَامِهِمْ … فِي النَّاسِ يَبْنِي الصَّالِحَاتِ وَيَجْمَعُ
لِيَزُورَ يَثْرِبَ بِالْجُمُوعِ وَإِنَّمَا … يَحْمَى عَلَى الْحَسَبِ الْكَرِيمُ الْأَرْوَعُ
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: قَوْلُهُ «تُبَّعُ» ، «وَأُسِرَّ بِسَخَطِهِمْ» . عَنْ غَيْرِ ابْنِ إسْحَاقَ.