غزوة خَيْبَر (الإقامة بالرَّجيع – اليوم الثامن)
وفي ليلته أمسى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم ومعه المسلمون عائدين للمُعسكر خارج خيبر، فساروا حوالي 1.5 كم …
في ثلث ساعة تقريبًا حتى وصلوا #~~~الرّجيع~~~#، فصلوا المغرب والعشاء وأقاموا الليل، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم قد أمر بمناوبات للحراسة يحرسون المُعسكر ليلًا، وكانت الليلة مُناوبة يقودها عُمر بن الخطّاب، وكان في الحَرَس كعب بن مالك رضي الله عنه، فجاء رجل من اليهود من أهل النَّطاة فناداهم وهم بالرّجيع، فقال: “أنا آمن وأُبَلّغُكُم؟”، قالوا: “نعم”، وأسرع إليه كعب بن مالك فكان أوّل من وصل إليه، فقال كعب: “من أنت؟”، قال: “رجل من اليهود”، فجاءوا به إلى عُمر رضي الله عنه، فقال عُمَر: “اضربوا عُنُقه”، قال اليهودي: “اذهب بي إلى نبيّكم حتى أُكَلِّمَه”، فأمسكه عُمر وذهب به إلى باب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فوجده يُصلّي، فسمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كلام عُمر فسَلَّم وأدخله عليه، فدخل عُمَر باليهودي، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم: «ما وراءك؟ ومن أنت؟»، قال اليهودي: “تؤمنني يا أبا القاسم وأصدُقك؟”، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم: “«نعم»، قال اليهودي: “خرجت من حصن النَّطاة من عند قوم ليس لهم نظام، تركتهم يتسللون من الحِصن هذه الليلة”، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم: «فأين يذهبون؟»، قال: “إلى أذلّ مما كانوا فيه؛ إلى الشِّقّ، وقد رُعِبوا منك حتى إنّ أفئدتهم لتخفق وهذا حصن اليهود فيه السِّلاح والطعام والودك وفيه آلة حصونهم التي كانوا يُقاتلون بها بعضهم بعضًا، قد غيّبوا ذلك في بيت من حصونهم تحت الأرض”، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم: «وما هو؟»، قال اليهودي: “منجنيق مفككة، ودبابتان وسِلاح من دُرُع وبيض -البيضة هي الخوذة- وسيوف، فإذا دخلتَ الحِصن غدًا وأنت تدخله”، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم: «إن شاء الله»، قال اليهودي: “إن شاء الله أوقفك عليه، فإنّه لا يعرفه أحد من اليهود غيري، وأُخرى…”، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم: «ما هي؟»، قال اليهودي: “تستخرجه ثم أنصب لك المنجنيق على حصن الشِّق، وتُدخِل الرجال تحت الدبابتين فيحفرون الحِصن فتفحه من يومك، وكذلك تفعل بحصن الكتيبة، كما أنّ لهم جداول مياه تحت الأرض يخرجون بالليل فيشربون منها ثم يرجعون إلى قلعتهم فيتحصنون منك، وإن قطعت مشربهم عليهم ضجّوا”، قال عُمَر: “يا رسول الله إنّي أحسبه قد صدق”، قال اليهودي: “يا أبا القاسم، احقن دمي”، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أنت آمن»، قال اليهودي: “ولي زوجة في حصن النَّزَار فهبها لي”، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم: «هي لك»، ثم قال صلى الله عليه وآله وسلَّم: “ما لليهود حوّلوا ذراريهم من النَّطاة؟”، قال اليهودي: “جرّدُوها للمُقاتِلة وحوّلوا الذراري إلى الشِّق والكتيبة”، ثم دعاه النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم للإسلام، فقال اليهودي: “أنظرني أيّامًا”.
ثم صلّوا الصبح خلف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، واستخلف على من في المُعسكر عُثمان بن عفّان، ثم خرج بهم للقتال سائرين إلى خيبر، يحملون الرايات والسلاح ويلبسون الدّروع، سائرين حوالي 1.5 كم في ثلث ساعة تقريبًا حتى دخلوا خيبر من جهة #~~~النَّطاة~~~#، وأقاموا النّهار يقاتلون أهل حصن قلعة الزبير، وقطعوا عنهم المياه من الجداول التي ذكرها اليهودي، فخرج أهل الحصن يقاتلون وهم عطشى، فدارت معركة شديدة وفتح الله عليهم ودخله المسلمون، واستخرجوا ما قال اليهودي عنه، فأمر النّبي صلى الله عليه وآله وسلَّم بإصلاح المنجنيق، وأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم العسكر أن يتحرّكوا من الرجيع وينزلوا بمكانهم الأوّل في النَّطاة، غربت الشَّمس وهم هناك.
بعث مُحيصة بن مسعود إلى يهود فَدَك
وفيه كان محيصة منتظرًا لليهود أن يرسلوا معه من يعقد الصلح، وهم يظنّون أن يهود خيبر قد انتصروا وإنّما يريدون كسب الوقت حتى يأتيهم الخبر اليقين، وغربت الشَّمس وهو هناك.