وفي ليلته أمسى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمنطقة (((أم البرك: السقيا))) …

في رحلة حجة الوداع، فصلّى بها المغرب والعشاء، واستطلع هلال ذي الحجّة بعد غروب شمس الأربعاء 29 ذو القعدة 10 هـ وثبت لديهم بالرؤية العين المجرّدة عند (((أم البرك: السقيا))) أن الليلة هي غُرّة ذي الحجّة.

ثم أكمل المسير ليلًا بعد استراحة يسيرة، فسار حوالي 20 كم في 4 ساعات إلى أن وصل منطقة (((البستان))) فصلى بها الصُّبح ثم أكمل المسير حوالي 25 كم أخرى في 6 ساعات تقريبًا حتى (((الأبواء))) فوصلها وقت صلاة الظهر ومكث بها إلى غروب الشمس.

ولما كان بـ(((الأبواء))) أهدى له صلى الله عليه وآله وسلم الصعب بن جثَّامة الليثي -وكان يسكن (((ودّان)))؛ على بُعد 15 كم من الأبواء تقريبًا جهة الجُحفَة- قطعة لحم حمار وحشي تقطر دمًا، فردَّه النبي صلى الله عليه وآله وسلم قائلاً: «إنّا حُرُم»؛ والظاهر أنه اصطاده للنبي صلى الله عليه وآله وسلّم ولهذا ردّه، بخلاف الحمار الوحشي الذي أباحه لهم بـ(((وادي الروحاء))).

ورُوِيَ أنّه صلى الله عليه وآله وسلم في رحلة حجّة الوداع أكل بـالأبواء لياءً مُقشَّى -وهي مُكسَّرات مُحَمَّصة مقشورة من فصيلة اللوبياء-، ثم قام فصلّى ولم يتوضأ؛ أي لم يتوضأ مما مسّته النار.

وفي الأبواء قبر أمّه صلى الله عليه وآله وسلم الكريمة السيدة آمنة عليها السلام، وتُشير عدّة مصادر أنّه صلى الله عليه وآله وسلم استأذن المولى عزّ وجلّ في زيارة أمّه والاستغفار لها، وأنّه مشى إلى مقابر بها وأشار لمن معه أن فيها قبر أمّه آمنة عليها السلام، لكن لا يوجد ما يؤكد أن هذا كان في حجّة الوداع أو غيرها.