ثم حج عليه السلام حجة الوداع، خرج لها من المدينة بعد أن صلى الظهر يوم الخميس لست بقين لذي القعدة،…
وبات بذي الحليفة، وأهل منها قارناً بين الحج والعمرة ، وكان معه الهدي: مائة من الإبل، بعضها حملها صلى الله عليه وسلم مع نفسه، وبعضها، وهو نحو الثلث، أتى بها علي بن أبي طالب رضي الله عنه من اليمن.
ودخل عليه الصلاة والسلام مكة من أعلاها ، يوم الأحد لأربع خلون لذي الحجة سنة عشر. وأمر في طريقه من شاء أن يهل بحج فليفعل، ومن شاء أن يهل بعمرة فليفعل، ومن شاء أن يقرن بينهما فليفعل. فلما قرب من مكة أمر من كان معه هدي أن يقرن بين عمرة وحجة ، وأمر كل من لا هدي معه أن يفسخ حجه بعمرة ولابد. وسئل عن تمتعهم تلك، ألعامهم ذلك أم للأبد فقال صلى الله عليه وسلم: «بل لأبد أبد، دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة».
وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها إذ حاضت، وكانت قد أهلت بعمرة أن تضيف إليها حجة، وتعمل كل ما يعمل الحاج، حاشا الطواف بالبيت.
وطاف صلى الله عليه وسلم لعمرته وحجه طوافاً واحداً.
وتطيب لإحرامه حين أحرم، ولإحلاله قبل أن يطوف بالبيت، بطيب فيه مسك، بقي ظاهراً في رأسه المقدس أكثر من ثلاثة أيام بعد إحرامه .
وأمر بمحرم مات بعرفة أن يكفن في ثوبيه، ولا يمس بطيب، ولا يخمر وجهه ولا رأسه.
وأمر الناس أن لا ينفر أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت، إلا الحائض التي طافت قبل حيضها بالبيت طواف الإفاضة.
ثم رجع إلى المدينة من أسفل مكة قبل طلوع الشمس يوم الأربعاء الرابع عشر لذي الحجة.