قال: وممن مات في سنه ثمان من الهجره في أولها زينب بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكانت اسن بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم …
وكان سبب وفاتها انها لما اخرجت من مكة الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أدركها هبار بن الأسود، ورجل آخر، فدفعها أحدهما فيما قيل فسقطت على صخره فاسقطت، فاهراقت الدم فلم يزل بها وجعها حتى ماتت منه.
قال: وممن قتل منهم جعفر بن ابى طالب بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مناف، قتل بمؤته شَهِيدًا.
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ وابو تميله، عن ابن إسحاق عن يحيى ابن عَبَّادٍ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي الَّذِي أَرْضَعَنِي، وَكَانَ أَحَدَ بَنِي مُرَّةَ بْنِ عَوْفٍ، وَكَانَ فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ غَزْوَةَ مُؤْتَةَ قَالَ: والله لكأني انظر الى جعفر ع حِينَ اقْتَحَمَ عَنْ فَرَسٍ لَهُ شَقْرَاءَ فَعَقَرَهَا، فقاتل القوم حتى قتل، وكان جعفر ع أول رجل من المسلمين- فيما قيل- عقر في الاسلام.
قال محمد بن عمر: حدثنى عبد الله بْن محمد بْن عمر بْن على عن ابيه، قال: ضربه- يعنى جعفرا- رجل من الروم فقطعه بنصفين، فوقع احد نصفيه في كرم فوجد في نصفه ثلاثون او بضعه وثلاثون جرحا.
وكان اسلام جعفر قبل ان يدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الارقم، ويدعو فيها، وهاجر الى ارض الحبشه الهجره الثانيه ومعه امراته أسماء بنت عميس، فلم يزل بأرض الحبشه حتى هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم الى المدينة، ثم قدم عليه من ارض الحبشه وهو بخيبر سنه سبع وقتل سنه ثمان من الهجره في جمادى الاولى منها، وهو احد أمراء رسول الله صلى الله عليه وسلم على السريه التي وجهها الى الروم، وكان جعفر يكنى أبا عبد الله.
وزيد الحب بن حارثة بن شراحيل بن عبد العزى بن إمرئ القيس بن عامر ابن النعمان بن عامر بن عبدود بن عوف بن كنانه بن عوف بن عذره بن زيد اللات ابن رفيده بن ثور بن كلب بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف ابن قضاعه- واسمه عمرو- بن مالك بن عمرو بن مره بن مالك بن حمير بن سبا ابن يشجب بن يعرب بن قحطان.
ذكر ان أم زيد- وهي سعدى بنت ثعلبه بن عبد عامر بن افلت بن سلسله من بنى معن- من طيّئ- زارت قومها وزيد معها، فاغارت خيل لبنى القين بن جسر في الجاهلية، فمروا على ابيات بنى معن رهط أم زيد فاحتملوا زيدا، وهو يومئذ غلام يفعه قد اوصف، فوافوا به سوق عكاظ، فعرضوه للبيع، فاشتراه منهم حكيم بن حزام بن خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قضى لعمته خديجه بنت خويلد بأربعمائة درهم، فلما تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهبته له، فقبضه رسول الله صلى الله عليه وسلم اليه، وقد كان أبوه حارثة بن شراحيل حين فقده، قال:بكيت على زيد ولم ادر ما فعل أحي يرجى أم اتى دونه الأجل فو الله ما ادرى وان كنت سائلا اغالك سهل الارض أم غالك الجبل فيا ليت شعرى هل لك الدهر رجعه فحسبي من الدنيا رجوعك لي بجل تذكرنيه الشمس عند طلوعها وتعرض ذكراه إذا قارب الطفل وان هبت الارواح هيجن ذكره فيا طول ما حزنى عليه وما وجل ساعمل نص العيس في الارض جاهدا ولا اسام التطواف او تسام الإبل حياتي او تأتي على منيتي وكل امرئ فان وان غره الأمل واوصى به عمرا وقيسا كليهما واوصى يزيدا ثم من بعدهم جبل قال: يريد جبله بن حارثة أخا زيد بن حارثة، وكان اكبر من زيد، ويعنى بيزيد أخا زيد لامه، وهو يزيد بن كعب بن شراحيل وحج ناس من كلب فرأوا زيدا فعرفهم وعرفوه فقال: ابلغوا اهلى هذه الأبيات، فانى اعلم انهم قد جزعوا على، وقال:
الكنى الى قومى وان كنت نائيا بانى قطين البيت عند المشاعر
فكفوا من الوجد الذى قد شجاكم ولا تعملوا في الارض نص الأباعر
فانى بحمد الله في خير اسره كرام معد كابرا بعد كابر
فانطلق الكلبيون، فاعلموا أباه، فقال: ابنى ورب الكعبه، ووصفوا له موضعه وعند من هو، فخرج حارثة وكعب ابنا شراحيل بفدائه، وقدما مكة فسألا عن النبي صلى الله عليه وسلم فقيل: هو في المسجد، فدخلا عليه، فقالا: يا بن عبد الله يا بن عبد المطلب يا بن هاشم، يا بن سيد قومه: أنتم اهل حرم الله وجيرانه وعند بيته تفكون العاني، وتطعمون الأسير، جئناك في ابننا عندك، فامنن علينا، واحسن إلينا في فدائه فانا سنرفع لك في الفداء.
قال: «من هو؟» قالوا زيد بن حارثة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«فهلا غير ذلك؟» قالوا: ما هو؟ قال: «ادعوه فاخيره، فان اختاركم فهو لكما بغير فداء وان اختارني فو الله ما انا بالذي اختار على من اختارني أحدا»، فقالا: قد زدتنا على النصف واحسنت، فدعاه فقال: «تعرف هؤلاء؟ »قال: نعم قال: «من هما؟» قال: هذا ابى، وهذا عمى، قال: «فانا من قد علمت وعرفت، ورايت صحبته لك فاخترنى او اخترهما»، فقال زيد: ما انا بالذي اختار عليك أحدا أنت منى مكان الأب والعم، فقالا له: ويحك يا زيد! اتختار العبودية على الحرية، وعلى ابيك وعمك واهل بيتك! قال: نعم، انى قد رايت من هذا الرجل شيئا ما انا بالذي اختار عليه أحدا ابدا، فلما راى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم اخرجه الى الحجر فقال: «يا من حضر، اشهدوا ان زيدا ابنى، ارثه ويرثني»، فلما راى ذلك أبوه وعمه طابت أنفسهما وانصرفا، فدعى زيد بن محمد حتى جاء الله عز وجل بالإسلام، حدثنى بذلك كله الحارث عن ابن سعد عن هشام بن محمد عن ابيه وعن جميل ابن مرثد الطائي وغيرهما.
وقد ذكر بعض الحديث عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عباس وقال في اسناده، فزوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش بن رئاب الأسدية وأمها اميمه بنت عبد المطلب بن هاشم، فطلقها زيد بعد ذلك فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتكلم المنافقون في ذلك، وطعنوا فيه، وقالوا: محمد يحرم نساء الولد، وقد تزوج امراه ابنه زيد! فانزل الله عز وجل: مَا كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ الى آخر الآية وقال:{ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ} [الأحزاب: 5] فدعى يومئذ زيد بن حارثة، ودعى الأدعياء الى آبائهم، فدعى المقداد الى عمرو وكان يقال له المقداد بن الأسود.
وكان الأسود بن عبد يغوث قد تبناه وقتل زيد في جمادى الاولى من هذه السنه وهو ابن خمس وخمسين سنه، وكان يكنى أبا سلمه فيما قيل، فقال محمد بن عمر: حدثنا محمد بن الحسن ابن اسامه بن زيد، عن ابيه قال: كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين زيد عشر سنين، رسول الله صلى الله عليه وسلم اكبر منه، وكان زيد رجلا قصيرا آدم شديد الأدمة في انفه فطس، وكان يكنى أبا اسامه، وشهد زيد بدرا وأحدا واستخلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة حين خرج الى المريسيع، وشهد الخندق والحديبية وخيبر، وكان من الرماه المذكورين من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال: وثابت بن الجذع من بنى سلمه من الانصار، وهو ثابت بن ثعلبه بن زيد ابن الحارث بن حرام بن كعب، والجذع ثعلبه بن زيد وسمى بذلك فيما قيل لشدة قلبه وصرامته ويقال أيضا ثابت بن ثعلبه الجذع وشهد ثابت العقبه مع السبعين الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليله العقبه من الانصار وشهد بدرا وأحدا والخندق والحديبية وخيبر وفتح مكة ويوم حنين والطائف وقتل يومئذ شهيدا.