وَأقَام رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ بعد فتح بني قُرَيْظَة بَقِيَّة ذِي الْحجَّة وَالْمحرم وصفرا وربيعا الأول وربيعا الآخر،وَخرج عَلَيْهِ السَّلَام، …
فِي جُمَادَى الأول فِي الشَّهْر السَّادِس من فتح بني قُرَيْظَة وَهُوَ الشَّهْر الثَّالِث من السّنة السَّادِسَة من الْهِجْرَة، قَاصِدا إِلَى بني لحيان، مطالبا بثأر عَاصِم بْن ثَابت وخبيب بْن عدي وأصحابهما المقتولين بالرجيع.
فسلك عَلَيْهِ السَّلَام على طَرِيق الشَّام من الْمَدِينَة على جبل يقل لَهُ غراب، ثمَّ أَخذ ذَات الشمَال، ثمَّ سلك المحجة من طَرِيق مَكَّة، فأغذ السّير حَتَّى أَتَى وَادي غران بَين أمج وَعُسْفَان وَهِي منَازِل بني لحيان، فوجدوهم قد حذروا وتمنعوا فِي رُءُوس الْجبَال. فتمادى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مِائَتي رَاكب حَتَّى نزل عسفان. وَبعث صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجلَيْنِ من أَصْحَابه فارسين حَتَّى بلغا كرَاع الغميم، ثمَّ كرا ورجعا، وَرجع صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَافِلًا إِلَى الْمَدِينَة.
وَفِي غَزْوَة بني لحيان قَالَت الْأَنْصَار: الْمَدِينَة خَالِيَة منا وَقد بَعدنَا عَنْهَا وَلَا نَأْمَن عدوا يخالفنا إِلَيْهَا، فَأخْبرهُم رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَن على أنقاب الْمَدِينَة مَلَائِكَة، على كل نقب مِنْهَا ملك يحميها بِأَمْر اللَّه عز وَجل.