حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ، عن مسلمة بن محارب، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: نَزَلَ عَلِيٌّ الزَّاوِيَةَ وَأَقَامَ أَيَّامًا، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الأَحْنَفُ: …
إِنْ شِئْتَ أَتَيْتُكَ، وَإِنْ شِئْتَ كَفَفْتُ عَنْكَ أَرْبَعَةَ آلافِ سَيْفٍ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ عَلِيٌّ: كَيْفَ بِمَا أَعْطَيْتَ أَصْحَابَكَ مِنَ الاعْتِزَالِ! قَالَ: إِنَّ مِنَ الْوَفَاءِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قِتَالَهُمْ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ: كُفَّ مَنْ قَدَرْتَ عَلَى كَفِّهِ ثُمَّ سَارَ عَلِيٌّ مِنَ الزَّاوِيَةِ، وسَارَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَعَائِشَةُ مِنَ الْفُرْضَةِ، فَالْتَقَوْا عِنْدَ مَوْضِعِ قَصْرِ عُبَيْدِ اللَّهِ- أَوْ عَبْدِ اللَّهِ- بْنِ زِيَادٍ، فَلَمَّا نَزَلَ النَّاسُ أَرْسَلَ شَقِيقُ بْنُ ثَوْرٍ إِلَى عمرو بن مرحوم الْعَبْدِيِّ: أَنِ اخْرُجْ، فَإِذَا خَرَجْتَ فَمِلْ بِنَا إِلَى عَسْكَرِ عَلِيٍّ فَخَرَجَا فِي عَبْدِ الْقَيْسِ وَبَكْرِ بْنِ وَائِلٍ، فَعَدَلُوا إِلَى عَسْكَرِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ النَّاسُ: مَنْ كَانَ هَؤُلاءِ مَعَهُ غَلَبَ، وَدَفَعَ شَقِيقُ بْنُ ثَوْرٍ رَايَتَهُمْ إِلَى مَوْلًى لَهُ يُقَالُ لَهُ: رَشْرَاشَةَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ وَعْلَةُ بْنُ مَحْدُوجٍ الذُّهْلِيُّ:
ضَاعَتِ الأَحْسَابُ، دَفَعْتَ مَكْرُمَةَ قَوْمِكَ إِلَى رَشْرَاشَةَ، فَأَرْسَلَ شَقِيقٌ: أَنْ أَغْنِ شَأْنَكَ، فَإِنَّا نُغْنِي شَأْنَنَا فَأَقَامُوا ثَلاثَةَ أَيَّامٍ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ، يُرْسِلُ إِلَيْهِمْ على، ويكلمهم ويردعهم.
حدثنا عُمَرُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَارَ عَلِيٌّ مِنَ الزَّاوِيَةِ يُرِيدُ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ وَعَائِشَةَ، وَسَارُوا مِنَ الْفُرْضَةِ يُرِيدُونَ عَلِيًّا، فَالْتَقَوْا عِنْدَ مَوْضِعِ قَصْرِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ فِي النِّصْفِ مِنْ جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاثِينَ يَوْمَ الْخَمِيسِ، فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ خَرَجَ الزُّبَيْرُ عَلَى فَرَسٍ عَلَيْهِ سِلاحٌ، فَقِيلَ لِعَلِيٍّ: هَذَا الزُّبَيْرُ، قَالَ: أَمَا إِنَّهُ أَحْرَى الرَّجُلَيْنِ إِنْ ذُكِّرَ بِاللَّهِ أَنْ يَذْكُرَهُ، وَخَرَجَ طَلْحَةُ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا عَلِيٌّ، فَدَنَا مِنْهُمَا حَتَّى اخْتَلَفَتْ أَعْنَاقُ دَوَابِّهِمْ، [فَقَالَ عَلِيٌّ: لَعَمْرِي لَقَدْ أَعْدَدْتُمَا سِلاحًا وَخَيْلا وَرِجَالا، إِنْ كُنْتُمَا أَعْدَدْتُمَا عِنْدَ اللَّهِ عُذْرًا فَاتَّقِيَا اللَّهَ سُبْحَانَهُ، وَلا تَكُونَا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً أَلَمْ أَكُنْ أَخَاكُمَا فِي دِينِكُمَا، تُحَرِّمَانِ دَمِي وَأُحَرِّمُ دَمَاءَكُمَا! فَهَلْ مِنْ حَدَثٍ أَحَلَّ لَكُمَا دَمِي؟ قَالَ:
طَلْحَةُ: أَلَّبْتَ النَّاسَ عَلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ عَلِيٌّ: {يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ ٱللَّهُ دِينَهُمُ ٱلْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ ٱلْمُبِينُ} [النور: 25]، يَا طَلْحَةُ، تَطْلَبُ بِدَمِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ! فَلَعَنَ اللَّهُ قَتَلَةَ عُثْمَانَ] [يَا زُبَيْرُ، أَتَذْكُرُ يَوْمَ مَرَرْتَ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فِي بَنِي غَنْمٍ، فَنَظَرَ إِلَيَّ فَضَحِكَ وَضَحِكْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: لا يَدَعُ ابْنُ أَبِي طَالِبٍ زهوه، فقال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صَهْ، إِنَّهُ لَيْسَ بِهِ زَهْوٌ، وَلَتُقَاتِلَنَّهُ وَأَنْتَ لَهُ ظَالِمٌ؟» فَقَالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ، وَلَوْ ذَكَرْتُ مَا سِرْتُ مَسِيرِي هَذَا، وَاللَّهِ لا أُقَاتِلُكَ أَبَدًا.
فَانْصَرَفَ عَلِيٌّ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: أَمَّا الزُّبَيْرُ فَقَدْ أَعْطَى اللَّهَ عَهْدًا أَلا يُقَاتِلَكُمْ، وَرَجَعَ الزُّبَيْرُ إِلَى عَائِشَةَ فَقَالَ لَهَا: مَا كُنْتُ فِي مَوْطِنٍ مُنْذُ عَقِلْتُ إِلا وَأَنَا أَعْرِفُ فِيهِ أَمْرِي غَيْرَ مَوْطِنِي هَذَا، قَالَتْ: فَمَا تُرِيدُ أَنْ تَصْنَعَ قَالَ: أُرِيدُ أَنْ أَدَعَهُمْ وَأَذْهَبُ، فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ: جَمَعْتَ بَيْنَ هَذَيْنِ الْغَارَيْنِ، حَتَّى إِذَا حَدَّدَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَرَدْتَ أَنْ تَتْرُكَهُمْ وَتَذْهَبَ! أَحْسَسْتَ رَايَاتِ ابْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَلِمْتَ أَنَّهَا تَحْمِلُهَا فِتْيَةٌ أَنْجَادٌ، قَالَ: إِنِّي قَدْ حَلِفْتُ أَلا أُقَاتِلَهُ، وَأَحْفَظُهُ مَا قَالَ لَهُ، فَقَالَ: كَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ، وَقَاتِلْهُ، فَدَعَا بِغُلامٍ لَهُ يُقَالُ لَهُ مَكْحُولٌ، فَأَعْتَقَهُ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيُّ:
لَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ أَخَا إِخْوَانِ *** أَعْجَبُ مِنْ مُكَفِّرِ الأَيْمَانِ
بِالْعِتْقِ فِي مَعْصِيَةِ الرَّحْمَنِ.
وَقَالَ رَجُلٌ مِنْ شُعَرَائِهِمْ:
يُعْتِقُ مَكْحُولا لِصَوْنِ دِينِهِ *** كَفَّارَةً لِلَّهِ عَنْ يَمِينِهِ.
وَالنَّكْثُ قَدْ لاحَ عَلَى جَبِينِهِ
رَجَعَ الْحَدِيثُ إِلَى حَدِيثِ سَيْفٍ عَنْ مُحَمَّدِ وَطَلْحَةَ:
فَأَرْسَلَ عِمْرَانَ ابن حُصَيْنٍ فِي النَّاسِ يُخَذِّلُ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ جَمِيعًا، كما صنع الأَحْنَفُ، وَأَرْسَلَ إِلَى بَنِي عَدِيٍّ فِيمَنْ أَرْسَلَ، فَأَقْبَلَ رَسُولُهُ حَتَّى نَادَى عَلَى بَابِ مَسْجِدِهِمْ: أَلا إِنَّ أَبَا نُجَيْدٍ عِمْرَانَ بْنَ الْحُصَيْنِ يُقْرِئُكُمُ السَّلامَ، وَيَقُولُ لَكُمْ: وَاللَّهِ لأَنْ أَكُونَ في جبل حضن مَعَ أَعْنُزٍ خُضْرٍ وَضَأْنٍ، أَجُزُّ أَصْوَافَهَا، وَأَشْرَبُ أَلْبَانَهَا، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَرْمِيَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَيْنِ الصَّفَّيْنِ بِسَهْمٍ، فَقَالَتْ بَنُو عَدِيٍّ جَمِيعًا بِصَوْتٍ وَاحِدٍ: إِنَّا وَاللَّهِ لا نَدَعُ ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِشَيْءٍ- يَعْنُونَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ.
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نَعَامَةَ الْعَدَوِيُّ، عَنْ حُجَيْرِ بْنِ الرَّبِيعِ، قَالَ: قَالَ لِي عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ: سِرْ إِلَى قَوْمِكَ أَجْمِعْ مَا يَكُونُونَ، فَقُمْ فِيهِمْ قَائِمًا، فَقُلْ: أَرْسَلَنِي إِلَيْكُمْ عِمْرَانُ ابن حصين صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، يَقْرَأُ عَلَيْكُمُ السَّلامَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ، وَيَحْلِفُ بِاللَّهِ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ، لأَنْ يَكُونَ عبدا حبشيا مجدعا يرعى أعنزا حضنيات فِي رَأْسِ جَبَلٍ حَتَّى يُدْرِكَهُ الْمَوْتُ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَرْمِيَ بِسَهْمٍ وَاحِدٍ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ، قَالَ: فَرَفَعَ شُيُوخُ الْحَيِّ رُءُوسَهُمْ إِلَيْهِ، فَقَالُوا: إِنَّا لا نَدَعُ ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِشَيْءٍ أَبَدًا.
رَجَعَ الْحَدِيثُ إِلَى حَدِيثِ سَيْفٍ عَنْ مُحَمَّدِ وطلحة: وَأَهْلُ الْبَصْرَةِ فِرَقٌ: فِرْقَةٌ مَعَ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ، وَفِرْقَةٌ مَعَ عَلِيٌّ، وَفِرْقَةٌ لا تَرَى الْقِتَالَ مَعَ أَحَدٍ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ، وَجَاءَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مِنْ مَنْزِلِهَا الَّذِي كَانَتْ فِيهِ حَتَّى نَزَلَتْ فِي مَسْجِدِ الْحُدَّانِ فِي الأَزْدِ، وَكَانَ الْقِتَالُ فِي سَاحَتِهِمْ، وَرَأْسُ الأَزْدِ يَوْمَئِذٍ صَبْرَةُ بْنُ شَيْمَانَ، فَقَالَ لَهُ كَعْبُ بْنُ سُورٍ: إِنَّ الْجُمُوعَ إِذَا تَرَاءَوْا لَمْ تَسْتَطِعْ، وَإِنَّمَا هِيَ بُحُورٌ تَدَفَّقُ، فَأَطِعْنِي وَلا تَشْهَدْهُمْ، وَاعْتَزِلْ بِقَوْمِكَ، فَإِنِّي أَخَافُ أَلا يَكُونَ صُلْحٌ، وَكُنْ وَرَاءَ هَذِهِ النُّطْفَةِ، وَدَعْ هَذَيْنِ الْغَارَيْنِ مِنْ مُضَرَ وَرَبِيعَةَ، فَهُمَا أَخَوَانِ، فَإِنِ اصْطَلَحَا فَالصُّلْحُ مَا أَرَدْنَا، وَإِنِ اقْتَتَلا كُنَّا حُكَّامًا عَلَيْهِمْ غَدًا- وَكَانَ كَعْبٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ نَصْرَانِيًّا- فَقَالَ صَبْرَةُ: أَخْشَى أَنْ يَكُونَ فِيكَ شَيْءٌ مِنَ النَّصْرَانِيَّةِ، أَتَأْمُرَنِي أَنْ أَغِيبَ عَنْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ، وَأَنْ أَخْذُلَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ إِنْ رَدُّوا عَلَيْهِمُ الصُّلْحَ، وَأَدَعَ الطَّلَبَ بِدَمِ عُثْمَانَ! لا وَاللَّهِ لا أَفْعَلُ ذَلِكَ أَبَدًا، فَأَطْبَقَ أَهْلُ الْيَمَنِ عَلَى الْحُضُورِ.
كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن الضريس البجلي، عن ابن يعمر، قَالَ: لما رجع الأحنف بن قيس من عِنْد على لقيه هلال ابن وكيع بن مالك بن عَمْرو، فَقَالَ: مَا رأيك؟ قَالَ: الاعتزال، فما رأيك؟
قَالَ: مكانفة أم الْمُؤْمِنِينَ، أفتدعنا وأنت سيدنا! قَالَ: إنما أكون سيدكم غدا إذا قتلت وبقيت، فَقَالَ هلال: هَذَا وأنت شيخنا! فَقَالَ: أنا الشيخ المعصي، وأنت الشاب المطاع فاتبعت بنو سعد الأحنف، فاعتزل بهم إِلَى وادي السباع، واتبعت بنو حنظلة هلالا، وتابعت بنو عَمْرو أبا الجرباء فقاتلوا.
كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ سَيْفٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عن أبي عُثْمَان، قال: لما اقبل الأحنف نادى: يا لأدُّ، اعتزلوا هَذَا الأمر، وولوا هَذَيْنِ الفريقين كيسه وعجزه، فقام المنجاب بن راشد فقال: يال الرباب! لا تعتزلوا، واشهدوا هَذَا الأمر، وتولوا كيسه، ففارقوا فلما قال: يال تميم، اعتزلوا هَذَا الأمر وولوا هَذَيْنِ الفريقين كيسه وعجزه، قام أَبُو الجرباء- وَهُوَ من بني عثمان بن مالك بن عمرو بن تميم- فقال: يال عمرو، لا تعتزلوا هَذَا الأمر وتولوا كيسه فكان أَبُو الجرباء عَلَى بني عَمْرو بن تميم، والمنجاب بن راشد عَلَى بني ضبة، فلما قال: يال زيد مناة، اعتزلوا هَذَا الأمر، وولوا هَذَيْنِ الفريقين كيسه وعجزه قَالَ هلال بن وكيع: لا تعتزلوا هذا الأمر، ونادى: يال حنظله تولوا كيسه، فكان هلال عَلَى حنظلة، وطاوعت سعد الأحنف، واعتزلوا إِلَى وادي السباع.
كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عَنْ مُحَمَّدٍ وَطَلْحَةَ، قَالا:
كَانَ عَلَى هوازن وعلى بني سليم والأعجاز مجاشع بن مسعود السلمي، وعلى عَامِر زفر بن الْحَارِث، وعلى غطفان أعصر بن النُّعْمَانِ الباهلي، وعلى بكر ابن وائل مالك بن مسمع، واعتزلت عبد القيس إِلَى علي إلا رجلا فإنه أقام، ومن بكر بن وائل قيام، واعتزل مِنْهُمْ مثل من بقي مِنْهُمْ، عَلَيْهِم سنان، وكانت الأزد عَلَى ثلاثة رؤساء: صبرة بن شيمان، ومسعود، وزياد ابن عَمْرو، والشواذب عَلَيْهِم رجلان: عَلَى مضر الخريت بن راشد، وعلى قضاعة والتوابع الرعبي الجرمي- وَهُوَ لقب- وعلى سائر اليمن ذو الآجرة الحميري فخرج طَلْحَة وَالزُّبَيْر فنزلا بِالنَّاسِ من الزابوقة، فِي موضع قرية الأرزاق، فنزلت مضر جميعا وهم لا يشكون فِي الصلح، ونزلت رَبِيعَة فوقهم جميعا وهم لا يشكون فِي الصلح، ونزلت اليمن جميعا أسفل مِنْهُمْ، وهم لا يشكون فِي الصلح، وعائشة فِي الحدان، والناس فِي الزابوقة، عَلَى رؤسائهم هَؤُلاءِ وهم ثلاثون ألفا، وردوا حكيما ومالكا إِلَى علي، بأنا عَلَى مَا فارقنا عَلَيْهِ القعقاع فاقدم فخرجا حَتَّى قدما عَلَيْهِ بِذَلِكَ، فارتحل حَتَّى نزل عَلَيْهِم بحيالهم، فنزلت القبائل إِلَى قبائلهم، مضر إِلَى مضر، وربيعة إِلَى رَبِيعَة، واليمن إِلَى اليمن، وهم لا يشكون فِي الصلح، فكان بعضهم بحيال بعض، وبعضهم يخرج إِلَى بعض، وَلا يذكرون وَلا ينوون إلا الصلح، وخرج أَمِير الْمُؤْمِنِينَ فيمن مَعَهُ، وهم عشرون ألفا، وأهل الْكُوفَة عَلَى رؤسائهم الَّذِينَ قدموا معهم ذا قار، وعبد القيس عَلَى ثلاثة رؤساء: جذيمة وبكر عَلَى ابن الجارود، والعمور عَلَى عَبْد اللَّهِ بن السوداء، وأهل هجر عَلَى ابن الأشج، وبكر بن وائل من أهل الْبَصْرَة عَلَى ابن الْحَارِث بن نهار، وعلى دنور بن علي الزط والسيابجة، وقدم علي ذا قار فِي عشرة آلاف، وانضم إِلَيْهِ عشرة آلاف.
حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ، قال: حدثنا أبو الحسن، عن بشير بن عاصم عن فطر بن خليفة، عن منذر الثوري، عن محمد بن الحنفيه، قال: أقبلنا من المدينة بسبعمائة رجل، وخرج إلينا من الْكُوفَة سبعة آلاف، وانضم إلينا من حولنا ألفان، أكثرهم بكر بن وائل، ويقال: ستة آلاف.
رجع الحديث إِلَى حديث مُحَمَّد وَطَلْحَة: قَالا: فلما نزل الناس واطمأنوا، خرج علي وخرج طَلْحَة وَالزُّبَيْر، فتواقفوا، وتكلموا فِيمَا اختلفوا فِيهِ، فلم يجدوا أمرا هُوَ أمثل من الصلح ووضع الحرب حين رأوا الأمر قَدْ أخذ فِي الانقشاع، وأنه لا يدرك، فافترقوا عن موقفهم عَلَى ذَلِكَ، ورجع علي إِلَى عسكره، وَطَلْحَة وَالزُّبَيْر إِلَى عسكرهما.