حيلة الحجاج بن علاط لاستنقاذ ماله …
عن أنس، قال: لما افتتح رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم خيبر، قال الحجاج بن علاط : يا رسول اللّٰه، إن لي بمكة مالًا، وإن لي بها أهلاً، وإني أريد أن آتيهم، أفأنا في حل إن أنا نلت منك أو قلت شيئاً؟ فأذن له رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم أن يقول ما شاء، فأتى امرأته حين قدم، فقال: اجمعي لي ما كان عندك، فإني أريد أن أشتري من غنائم محمد وأصحابه، فإنهم قد استبُيحوا وأصيبت أموالهم. قال: وفشى ذلك ب مكة، فانقمع المسلمون، وأظهر المشركون فرحًا وسرورًا.
حزن العباس رضي اللّٰه لمانشر
قال: وبلغ الخبر العباس فعقر وجعل لا يستطيع أن يقوم. قال معمر: فأخبرني عثمان الجزري، عن مقسم، قال: فأخذ ابنًا له يقال له: قثم. واستلقى ووضعه على صدره وهو يقول:
حي قثم حي قثم … شبيه ذي الأنف الأشم
نبي ذي النعم … يرغم من رغم
سرور وفرح
قال ثابت، عن أنس: ثم أرسل غلامًا له إلى الحجاج بن علاط: ويلك! ما جئت به وماذا تقول؟! فما وعد اللّٰه خير مما جئت به! فقال الحجاج بن علاط لغلامه: أقرئ على أبي الفضل السلام، وقل له فليخل لي في بعض
بيوته لآتيه، فإن الخبر على ما يسره. فجاء غلامه، فلما بلغ باب الدار، قال: أبشر يا أبا الفضل. قال: فوثب العباس فرحًا حتى قَبّل بين عينيه، فأخبره ما قال الحجاج؛ فأعتقه.
خبر فتح خيبر
قال: ثم جاءه الحجاج فأخبره أن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم قد افتتح خيبر وغنم أموالهم، وجرت سهام اللّٰه في أموالهم.
اصطفاء صفية رضي اللّٰه عنها
واصطفى رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم صفية بنت حيي واتخذها لنفسه، وخيرها أن يعتقها وتكون زوجة، أو تلحق بأهلها، فاختارت أن يعتقها وتكون زوجته. قال: ولكني جئت لمال كان لي هاهنا أردت أن أجمعه
فأذهب به، فاستأذنت رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم، فأذن لي أن أقول ما شئت، فأخْفِ عليَّ ثلاثًا، ثم اذكر ما بدا لك.
مواساة امرأة الحجاج للعباس
قال: فجمعت امرأته ما كان عندها من حلي ومتاع، فجمعته ودفعته إليه، ثم استمر به، فلما كان بعد ثلاث أتى العباس امرأة الحجاج، فقال: ما فعل زوجك؟ فأخبرته أنه ذهب يوم كذا وكذا، وقالت: لا يحزنك اللّٰه يا أبا الفضل، لقد شق علينا الذي بلغك. قال: أجل، لا يحزنني اللّٰه، ولم يكن بحمد اللّٰه إلا ما أحببنا، فتح اللّٰه خيبر على رسوله، وجرت فيها سهام اللّٰه، واصطفى رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم صفية لنفسه، فإن كانت لك حاجة في زوجك فالحقي به. قالت: أظنك واللّٰه صادقاً. قال: فإني صادق، والأمر على ما أخبرتك.
نشر العباس لخبر فتح خيبر
ثم ذهب حتى أتى مجالس قريش، وهم يقولون إذا مر بهم: لا يصيبك إلا خير يا أبا الفضل. قال: لم يصبني إلا خير بحمد اللّٰه، أخبرني الحجاج بن علاط أن خيبر فتحها اللّٰه على رسوله، وجرت فيها سهام اللّٰه، واصطفى
صفية لنفسه، وقد سألني أن أخفي عليه ثلاثًا، وإنما جاء ليأخذ ماله وما كان له من شيء هاهنا، ثم يذهب.
زوال كآبة المسلمين
قال: فرد اللّٰه الكآبة التي كانت بالمسلمين على المشركين، وخرج المسلمون ومن كان دخل بيته مكتئباً حتى أتى العباس، فأخبرهم الخبر، فسر المسلمون ورد ما كان من كآبة أو غيظ أو حزن على المشركين.