بعث حاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس بالاسكندرية
وفيه لمّا لم يتمكّن حاطب من إيصال الرسالة إلى المقوقس حاكم مصر لكثرة حُجَّابِه وصعوبة الوصول إليه،….. قرر استئجار قاربًا يبحر به في البحر المتوسط حتى يأتي إلى مجلس المقوقس على المُطِلّ على البحر، ولمّا فعل ذلك وقف على القارب ولوّح بالرسالة إلى المقوقس فرآه فأمر أن يأتوا به إليه.
ففتح المقوقس الرسالة وقرأ فيها: “بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد بن عبد الله إلى المقوقس عظيم القبط، سلام على من اتبع الهُدى، أما بعد، فإنّي أدعوك بدعاية الإسلام، أسلِم تَسْلَم يؤتك الله أجرك مرّتين. فإن توليت فإنما عليك إثم القبط {{{قُلْ يَـٰٓأَهْلَ ٱلْكِتَـٰبِ تَعَالَوْا۟ إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَآءٍۭ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا ٱللَّـهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِۦ شَيْـًٔا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ ٱللَّـهِ فَإِن تَوَلَّوْا۟ فَقُولُوا۟ ٱشْهَدُوا۟ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}}}”، فلمّا قرأها أمر أن يوضع في عُلبة من العاج وأعطاها لحاشيته يحفظونها، ثم سأل حاطب: “ما منعه إن كان نبيًّا أن يدعو على من خالفه وأخرجه من بلده إلى غيرها؟”، قال حاطب: “ألست تشهد أن عيسى بن مريم رسول الله؟…فما له حين أخذه قومه فأرادوا أن يقتلوه ألّا يكون دعا عليهم أن يهلكهم الله تعالى؟…إنّه كان قبلك رجل يُدعى فرعون يزعم أنّه الرب الأعلى، فأخذه الله نكال الآخرة والأولى، فانتقم به، ثم انتقم منه، فاعتبر بغيرك ولا يعتبر غيرك بك…إنّ هذا النبي دعا الناس، فكان أشدّهم عليه قريش وأعداهم له اليهود، وأقربهم منه مودة النصارى، ولعمري ما بشارة موسى بعيسى إلا كبشارة عيسى بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم، وما دعاؤنا إياك إلى القرآن إلا كدعائك أهل التوراة إلى الإنجيل، وكل نبيّ أدرك قومًا فالحقّ عليهم أن يطيعوه، فأنت ممن أدرك هذا النبي”، قال المقوقس: “تريدني أن أترك دين المسيح؟”، قال حاطب: “لسنا ننهاك عن دين المسيح، ولكنّا نأمرك به”، وأنصت المقوقس طويلًا ثم قال: “أحسنت، أنت حكيم جاء من عند حكيم،…، صِف لي هذا النبي!”، فوصف حاطب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم وأوجز، فقال المقوقس: “أفي عينيه حُمرة؟”، قال حاطب: “ما تُفارقه!”، قال المقوقس: “أو بين كتفيه خاتم، ويركب الحمار ويلبس الشملة ويجتزئ بالتمرات والكسر، ولا يبالي من لاقى من عم أو ابن عم؟”، قال حاطب: “هذه صفته”، فقال المقوقس: “قد كنت أعلم أن نبيًّا قد بقي، وكنت أظنّه يخرج من الشام، وهناك مخرج الأنبياء، فأراه خرج من أرض العرب في أرض جهد وبؤس، والقبط لا تطاوعني على اتّباعه، وأنا أضنّ بمُلكي أن أُفارِقَه”، ثم قال: “لا أحب أن يعلم بمحاورتي إيّاك أحد من القبط فارحل من عندي، ولا يعرف أحد بما دار بيننا”، ثم أمر حاشيته أن يأتوه بكتاب وكتب فيه: “بسم الله الرحمن الرحيم، لمحمد بن عبد الله من المقوقس عظيم القبط، سلام عليك، أما بعد، فقد قرأت كتابك وفهمت ما ذكرت فيه وما تدعو إليه، وقد علمت أن نبيًّا قد بقي، وقد كنت أظن أنّه يخرج بالشام، وقد أكرمت رسولك، وبعثت لك بجاريتين لهما مكان من القبط عظيم، وبثياب وبغلة لتركبها والسلام عليك”، وختم الكتاب وأعطاه لحاطب، وأمهله حتى يتزود ويأخذ الهديّة ليرحل بها، وغربت الشمس وهو هناك.
غزوة وادي القُرى (الطريق إلى وادي القُرى من خَيْبَر)
وفي ليلته أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم بالرحيل إلى #~~~وادي القُرى~~~#، فصلوا المغرب والعشاء …
وأقاموا أوّل الليل ثم ساروا غربًا من ناحية جنوب #~~~خيبر~~~# حوالي 22 كم في أربع ساعات ونصف حتى وصلوا على #~~~بريد من خيبر~~~#، ووقفوا للاستراحة.
ثم ساروا حوالي 23 كم في أربع ساعات ونصف أخرى حتى وصلوا على #~~~بريدين من خيبر~~~#، ووقفوا للاستراحة وغربت الشمس وهم هناك.