غزوة الأحزاب (حفر الخندق – اليوم الثاني)
وفيه استمرّ المسلمون بقيادة النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم في حفر الخندق نهارًا وكانوا يحملون في الزنابيل فوق رؤوسهم، ويجمعون الحجارة من سفح جبل سَلْع بجوار الخندق لاستخدامها كقذائف للنّبل، والنّبي صلى الله عليه وآله وسلَّم يُشاركهم في الحفر وملئ الزنابيل بالجاروف ونقل التُّراب هو يقول:
هذا الجمال لا جمال خيبر *** هذا أبر ربنا وأطهر
ولمّا أوغلوا في الحفر اتّضح لهم خبرة سلمان الفارسي رضي الله عنه بحفر الخنادق ومهارته فضلًا عن قوّته البدنيّة، وكل طائفة من المسلمين ممن يعمل في الخندق تنسبه إلى نفسها، فقالت الأنصار: “سلمان منّا، ونحن أحقّ به”، وقال المهاجرون: “بل سلمان منّا”، فسمع النّبي صلى الله عليه وآله وسلَّم مقالتهم فقال: «سلمان رجل منّا أهل البيت»، وكان يعمل في الخندق العمل الدؤوب السريع حتى أنجز ما لم ينجزه غيره في وقت قصير وهو يغنّي يقول: “اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة”، حتى نظر إليه بعين الحسد قيس بن أبي صعصعة، فتعب سلمان وسقط هزيلًا على الأرض، فسألوا النّبي صلى الله عليه وآله وسلَّم وقد أحسّ قيس بخطأه، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «مُرُوه -يعني قيس- فليتوضأ له وليغتسل به ويُكفئ الإناء خلفه» -يتوضأ ويصب عليه الماء الذي توضأ فيه، فيقوم صحيحًا بإذن الله-، وغربت الشمس وقد أتمّوا اليوم الأوّل في حفر الخندق.