غزوة الأحزاب (حصار الأحزاب للمدينة المنورة – اليوم الثامن)
وفي ليلته عادت قريش وغطفان إلى منازلهما بعد العشاء، بعد معركة طويلة بالنّهار استغرقته كلّه حتى فات المسلمون كل الصلوات، وعاد المسلمون مع النّبي صلى الله عليه وآله وسلَّم إلى موضع القيادة في #~~~معسكر الخندق~~~# وتركوا كتيبة صغيرة من مائتي مقاتل بقيادة أُسيد بن حضير رضي الله عنه، يحرسون الخندق تحسبًا لأيّ خدعة.
وعادت كتيبة من المشركين بقيادة خالد بن الوليد فناوشو كتيبة أُسيد بن حُضير مُدّة، وقَتَلَ وحشيّ -الذي قتل حمزة في أُحُد- الطّفيل بن النّعمان من بني سلمة رضي الله عنه.
ولمّا وصل النّبي صلى الله عليه وآله وسلَّم عند موضع خيمته، أمر بلالًا فأذّن، ثم أقام فصلّوا الظُّهر، ثم أقام فصلّوا العصر [^1]، ثم أقام فصلّوا المغرب، ثم أقام فصلّوا العشاء، وصلّى بهم النّبي كل صلاة كأحسن ما يصلّيها في وقتها، ودعا صلى الله عليه وآله وسلَّم عليهم فقال: «شغلونا عن الصَّلاة الوسطى -قيل هي صلاة العصر- ملأ الله أجوافهم وقبورهم نارًا».
وفي ليلته كانت طلائع المسلمين تخرج على الخيل تطوف بالخندق من داخله وخارجه، فخرجت طليعتان فالتقيتا ولا يعرفان بعضهما أنّهما مسلمين فكان بينهما جراحات وقُتل بعضهم، حتى نادوا بشعارهم فعرفوا بعضهم -وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد جعل شعارهم: «حم لا ينصرون»-، فكفّوا عن القتال، ولمّا عادوا أخبروا النّبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: «جراحكم في سبيل الله، ومن قُتل منكم فهو شهيد»، فكانوا إذا اقتربوا من بعضهم نادوا بشعارهم فيكفّوا قبل أن يرموا بالسّهام والنّبال.
[^1]: الظهر والعصر هما من اليوم السابق، فالحساب بالليالي الشرعية.