غزوة الأحزاب (حفر الخندق – اليوم الرابع)
وفيه استمرّ المسلمون بقيادة النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم في حفر الخندق نهارًا، والنّبي صلى الله عليه وآله وسلَّم يُشاركهم في الحفر وحمل التُّراب وأخذ النّبي صلى الله عليه وآله وسلَّم المعول يحفر مع المسلمين فضرب به حجرًا كبيرًا فتفتت تمامًا، فضحك النّبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقالوا: “يا رسول الله مم تضحك؟”، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أضحك من قوم يؤتى بهم من المشرق في الكُبُول يُساقون إلى الجنة وهم كارهون».
وكان عُمر رضي الله عنه يضرب بالمعول يحفر مع المسلمين فوجد حجرًا صلدًا، فذهبوا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، فجاء صلى الله عليه وآله وسلَّم فأخذ المعول وضرب الصخرة فخرجت منها شرارة ناحية اليمَن -جنوبًا-، ثم ضرب أُخرى فخرجت منها شرارة أُخرى نحو الشَّام -شمالًا-، ثم ضرب الثالثة فخرجت شرارة نحو المشرق وتفتت الحجر فأصبح كالرّمل، وكلّما ضرب ضربة يتابعه سلمان ببصره فرأى الشرارة تضيء في كل مرّة فقال: “يا رسول الله رأيت المعول كلّما ضرَبتَ به أضاء من تحته!”، فقال صلى الله عليه وآله وسلَّم: «أوَ قد رأيت ذلك؟»، قال سلمان: “نعم!”، قال صلى الله عليه وآله وسلم: «إني رأيت في الأولى قصور الشام، ثم رأيت في الثانية قصور اليمن، ورأيت في الثالثة قصر كسرى الأبيض بالمدائن»، والنبي صلى الله عليه وآله وسلَّم يصف القصر لسلمان، فقال سلمان: “صدقت والذي بعثك بالحق إنّ هذه لصفته!، وأشهد أنّك لرسول الله”، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «هذه فتوح يفتحها الله عليكم بعدي يا سلمان، لتفتحن الشّام، ويهرب هرقل إلى أقصى مملكته، وتظهرون على الشام فلا يُنازعكم أحد، ولتفتحن اليمن، وليفتحن هذا المشرق ويُقتل كسرى بعده»، وقد كان كل ما أخبر به المعصوم صلى الله عليه وآله وسلَّم.