وفيه استمرّت إقامة عمرو بن العاص ومن معه يطوفون ببلاد بَلِيّ وقُضاعة كلّما علم بتجّمعات لهم تحرّك إليها بالجيش فقضى عليها، …
ووصل إلى أقصى بلادهم من جهة الشمال عند بطن #~~~وادي السلسلة~~~#، ووجدوا بها مجموعات صغيرة ناوشوها بالنّبال، وأُصِيب عامر بن ربيعة رضي الله عنه بسهم في ذراعه، وطاردهم الجيش حتى تفرّقوا في بلادهم، وصلوا الصلوات.
وكان المسلمون يذبحون وينحرون من الماشية والإبل اللاتي يأخذونها من هذه التجَمُّعات ويأكلون، ولم تكن هُناك غنيمة تُذكر في هذه السريّة، فمرّ عوف بن مالك الأشجعي ببعض النّاس قد نحروا جملًا ولا يعرفون كيف يقطّعونه، وكان عوف رضي الله عنه ماهرًا بالجزارة، فقال لهم: “أتعطوني منها عشيرًا -عُشْرَها- على أن أقسمها بينكم؟”، قالوا: “نعم”، فأخرج شفرته وقطّعها عشرة أجزاء، ثم أخذ جُزءًا فحمله إلى مجموعة من أصحابه فيهم أبا بكر وعُمر رضي الله عنهما، فطبخوه وأكلوه، ثم قال أبو بكر وعُمر: “أنّى لك هذا اللّحم يا عوف؟”، فأخبرهما، فقالا: “والله ما أحسنت حين أطعمتنا هذا!”، ثم قاما يتقيآن ما في بطونهما منه، وقالا: “تعجّلت أجرك”[^1]، ومرّ به أبا عُبيدة بن الجرّاح فقال له مثل ما قالا، وغربت الشمس وهم هناك.
[^1]: وسيأتي عدم إنكار النّبي صلى الله عليه وآله وسلَّم عليه في نهاية السريّة.