وفي ليلته أمسى عمرو بن أميّة وسلمة بن أسلم مختبئان بغار في مكّة، ولم يصلا لأبي سفيان، وكان عمرو قد قتل رجلا يسير بفرسه حول الغار …
خوفًا أن يُكْتَشَف مكانهما فيقتلان، فلمّا دخل الليل قال لمن معه: “هيّا ننجو بأنفسنا ونخرج من مكّة، ونرجع للمدينة”، فخرجا ليلًا فسارا مُسرعيْن، فسارا حوالي 3 كم في نصف ساعة تقريبًا حتى وصلا #~~~التنعيم~~~# عند الخشبة التي قتلت قُريش عليها خبيب بن عديّ رضي الله عنه وصلبته، فوجد عليها حُرّاسًا، قال أحدهم: “والله ما رأيت كالليلة أشبه بمشية عمرو بن أمية، لولا أنّه بالمدينة لقلت هو عمرو”، فلمّا حاذى عمرو الخشبة دفعها بقوة واحتملها، وأسرع السير وهو يحملها -وكان قويّ البِنْيَة-، فسارا مُسرعين حوالي 6 كم في ساعة تقريبًا، حتى وصلا #~~~شعب يأجج~~~#، فرمى الخشبة بجُرف في الوادي، فابتلعته الأرض وغيّبه الله عنهم فلم يعثروا على جثمانه فيما بعد، ثم قال لمن معه: “انج بنفسك حتى تصل لبعيرك فتقعد عليه وتنطلق للمدينة، وأنا سأشغل القوم عنك”، فانطلق الرجل، ومضى عمرو وحده مُسرعًا فسار حوالي 37 كم في سبع ساعات تقريبًا حتى وصل #~~~ضجنان~~~# وقت الضُّحى تقريبًا، فدخل كهفًا يختبئ به ويأخذ قسطًا من الراحة بعد هذه المُطاردة.
وبينما هو في الكهف، دخل شيخ -كبير السن- أعور ومعه بعض غنمات له، فقال لعمرٍ: “من الرجل؟”، قال عمرو: “من بني بكر، فمن أنت؟”، قال الرجل: “من بني بكر”، فقال عمرو: “مرحبًا”، فاضطجع الرجل، ثم رفع صوته قائلًا:
ولست بمسلمٍ ما دمت حيًّا *** ولست أدين دين المُسلمينا
فخاف عمرو على نفسه أن يخبر به الرجل، فصبر حتى نام فأخذ قوسه ووضعها في عينه الصحيحة حتى قتله وخرج مُسرعًا فسار حوالي 14 كم في ثلاث ساعات تقريبًا حتى وصل #~~~كُراع الغميم~~~# “الشاميّة” فوقف به للاستراحة وغربت الشمس وهو هناك.