وفيه استمرّت إقامة خبيب بن عدي وزيد بن الدثنة رضي الله عنهما في الأسر ب#~~~مكة~~~# “مكّة المكرّمة”، وكانا قد أرسلهما النبي صلى …
الله عليه وآله وسلم في بعثة لتعليم هُذيل الإسلام بناءً على طلب هُذيل، فغدرت بهم بنو لحيان عند #~~~الرجيع~~~# وقتلت أكثرهم، وأسرت الاثنين، وباعوهما بمكة، فاشتراهما المشركون، فحُبس زيد بن الدَّثنة عند نسطاس خادم صفوان بن أميّة، وخبيب بن عدي عند امرأة من مكة اسمها ماوية من موالي عبد مناف، حتى انقضاء الشهر -وهو عندهم مُحرَّم في حساب النسيء- لكي يقتلوهما ثأرًا لمن قُتل من المشركين في بدر وأُحُد.
وكانت ماوية هذه التي حُبس عندها خبيب رضي الله عنه تنظر إليه من شق بالباب تتفقد حاله، فرأته مرّة وفي يده عنقود عنب يأكل منه، فتقول بعد إسلامها: “ما رأيت أحدًا خيرًا من خبيب!، والله لقد اطلعت عليه من صير الباب -شق الباب-، وإنه لفي الحديد -يعني موثق بالحديد في يديه ورجليه حتى لا يهرب- ما أعلم في الأرض حبة عنب تؤكل، وإن في يده لقطف عنب مثل رأس الرجل يأكل منه، وما هو إلا رزق رزقه الله!”.
وكان خبيب رضي الله عنه صلي كل يوم ليلًا التهجد في محبسه فتسمعه نساء المشركات فتتأثر لخشوعه فيبكين وترق قلوبهن عليه، ودخلت عليه ماوية مرّة فقالت له: “يا خبيب هل لك حاجة؟”، فقال: “لا، إلا أن تسقيني العذب -الماء العذب-، ولا تطعميني ما ذُبح على النُّصُب -الماشية التي ذُبحت للأصنام كقرابين-، وتُخبريني إذا أرادوا قتلي”.
وكان زيد بن الدثنة عند صفوان بن أميّة، وكان رضي الله عنه يتهجد بالليل ويصوم النهار، ولا يأكل شيئًا مما أُتي به من الذبائح، فشق ذلك على صفوان وكان قد أحسن إساره -يعني أكرمه في الأسر-، فأرسل له صفوان فما الذي تأكل من الطعام؟، قال: “لست آكل مما ذبح لغير الله ولكني أشرب اللبن”، وكان يصوم، فأمر له صفوان بسطل لبن عند فطره كل يوم، فيشرب منه، حتى يكون مثلها في اليوم التالي، وهكذا حتى خرجوا به وبخيب للقتل.