وفي ليلته أمسى عاصم بن ثابت الأنصاري ومن معه عند #~~~أمج~~~#، وقد أرسلهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم …
إلى قبيلة هُذيل بالرجيع وقد ادّعت أن الإسلام قد انتشر فيها ويريدون من يعلمهم تعاليمه، فصلوا المغرب والعشاء وباتوا أول الليل، ثم ساروا حوالي 25 كم في خمس ساعات تقريبًا حتى وصلوا إلى #~~~عسفان~~~# وقت الفجر فصلوه به أو قريبًا منه، ووقفوا به للاستراحة.
ثم ساروا حوالي 10 كم في خمس ساعات تقريبًا حتى وصلوا #~~~الرجيع~~~#، ولمّا وصلوا، وكانت بنو لحيان يتوقعونهم وينتظرون قدومهم، لينالوا منهم، فلمّا رآهم بعضهم صرخوا إلى مقاتلي القبيلة فاجتمعوا عندهم مائة رامٍ وفي أيديهم السيوف، فحاصروا بعثة عاصم ومن معه، وأخرج المسلمون أسيافهم وقد أُخِذوا غدرًا فقد أتوا للسلم وتعليم الناس الإسلام لا للقتال.
فقال لهم المشركون: “ما نريد قتالكم، وما نريد إلى أن نبيعكم لأهل مكة ونأخذ ثمنكم، ولكم عهد الله وميثاقه بالأمان لكم”.
فأسلم بعض المسلمين نفسه لهم ووضع سيفه ولم يقاتلهم، وهم خُبيب بن عدي، وزيد بن الدثنة، وعبد الله بن طارق، وقال خبيب: “إن لي عند القوم يدًا -يعني لي عندهم مكانة يراعوني بها-“، وأما عاصم بن ثابت، ومرثد، وخالد بن أبي البكير ومعتب بن عبيد فرفضوا تسليم أنفسهم وأخذ الأمان من المشركين، وقال عاصم بن ثابت: “إني نذرت ألا أقبل جوار مشرك أبدًا” وأخذ رضي الله عنه يقاتلهم، فرماهم بما معه من نبل حتى انتهى ما معه، وطاعنهم برمحه -مثل الخنجر- حتى كُسر رمحه، وبقي السيف، فقال عاصم: “اللهم حميت دينك أول نهاري، فاحم لي لحمي آخره”، وكانوا يجردون من قُتل من أصحابه من الثياب يأخذون ما عليه، ثم كسر جراب سيفه، -وكأنه لن يعيده حتى يقتلهم أو يقتلوه-، فقاتل رضي الله عنه حتى قُتل، وقاتل مرثد وخالد ومعتب حتى قُتلوا رحمهم الله جميعًا ورضي عنهم، وأسروا خبيب بن عُدي وزيد بن الدثنة وعبد الله بن طارق.
وكانت سُلافة بنت سعد من مشركات مكّة [^1] قُتل زوجها -طلحة بن أبي طلحة- وأبناءها الأربعة، وكان عاصم قد قتل منهم اثنين؛ الحارث ومسافع ابنا طلحة، فنذرت لئن تمكنت من عاصم أن تشرب في جمجمة رأسه الخمر، وجعلت لمن يأتي برأسه مائة ناقة وذاع ذلك بين العرب وعرفته بنو لحيان، فأرادوا أن يقطعوا رأس عاصم بعد قتله ويذهبوا به لسلافة هذه، فتكافئهم بالمائة ناقة، فذهبوا ناحية جثمانه فبعث الله دبابير تحميه فلم يستطيعوا الاقتراب منه، وكلما حاول أحدهم الاقتراب لدغته الدبابير، فقالوا نتركه لليل تذهب عنه الدبابير، وغربت الشمس وهم جميعًا عند الرجيع.
[^1]: سلافة بنت سعد بن الشهيد، هي زوجة طلحة بن أبي طلحة -ومات كافرًا-، أسلمت بعد الفتح، وأسلم ابنها عثمان بن طلحة قبل الفاتح وهو حاجب الكعبة وحافظ مفتاحها، وقد ورث ابن عمّه شيبة المفتاح منه ومازال في أولاده ليوم الناس هذا، وشيبة هذا أسلم يوم حُنين وقصته مذكورة في الغزوة حين أراد اغتيال النبي صلى الله عليه وآله وسلم يومها.