وفيه استمرت إقامة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمكَّة المُكَرَّمة بعد الفتح، ومعه المسلمون يقصرون الصلاة، وكان صلى الله عليه وآله …
وسلَّم مُقيما ب#~~~الحُجُون~~~# يأتي إليه الناس ليسلموا ويُصلِّي الصلوات في المسجد الحرام عند الكعبة.
هروب عكرمة بن أبي جهل وملاحقة زوجته له لتأمينه –بعد إسلامها–
وفيه وصلت أم حكيم وزوجها عكرمة إلى مكة بعدما أخذت له الأمان من النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فلحقت به عند سواحل #~~~جازان~~~# هاربًا لليمن، فعادت به، ولمّا اقتربا من مكَّة، كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم جالسًا في أصحابه، فقال لهم وقد أطلعه الله على ما كان من شأن عكرمة قبل أن يأتيه: “يأتيكم عكرمة بن أبي جهل مؤمنًا مهاجرًا، فلا تسبوا أباه، فإن سب الميت يؤذي الحي ولا يبلغ الميت!”، وكان عكرمة طوال الطريق يطلب من أم حكيم أن يجتمع بها اجتماع الأزواج، فترفض وتقول له: “إنك كافر وأنا مسلمة!”، فيقول عكرمة: “إن أمرًا منعك مني لأمر كبير!” -فهو يعجب كيف أن محبتها له -التي يعرفها- لم تثنها عن الامتثال لأمر الله ورسوله، ما هذا الذي يمنعها عنه وهي تحبه؟ وقد سعت خلفه ترجع به إلى مكة وطلبت له الأمان، إنه لأمر كبير!-.
ولمّا دخلا مكّة ووصلا عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فلمّا رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عكرمة قام إليه مسرعًا تاركًا عباءته فرحًا بعكرمة، ثم جلس صلى الله عليه وآله وسلم ووقف عكرمة بين يدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم وامرأته أم حكيم مغطية وجهها، فقال: “يا محمد، إن هذه -وأشار إلى زوجته- أخبرتني أنك أمنتني”، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «صَدَقَت!، فأنت آمن»، قال عكرمة: “فإلى ما تدعوا يا محمد؟”، قال: «أدعوك إلى أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، وأن تقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة،…»، وعدّ خصال الإسلام، فقال عكرمة: “والله ما دعوت إلا إلى الحق، أمر حسن جميل؛ قد كنت فينا قبل أن تدعو إلى ما دعوت إليه، وأنت أصدقنا حديثًا، وأبرنا برًا”، ثم قال: “فإني أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله”، فسُرّ بذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ثم قال: “يا رسول الله، علمني خير شيء أقوله”، قال صلى الله عليه وآله وسلم: «تقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله»، قال عكرمة: “ثم ماذا؟”، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «تقول: أُشهِدُ الله وأُشهِد من محضر أنّي مسلم مهاجر مجاهد»، فقال عكرمة ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا تسألني اليوم شيئًا أعطيه أحدًا إلا أعطيتكه!» -يعني اطلب مني ما تشاء أعطيه لك!-، فقال عكرمة: “فإني أسألك أن تستغفر لي كل عداوة عاديتكها، أو مسير وضعت فيه، أو مقام لقيتك فيه -يعني محاربًا-، أو كلام قلته في وجهك -يعني من الإساءات-، أو وأنت غائب عنه”، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «اللهم اغفر له كل عداوة عادانيها، وكل مسير سار فيه إلى موضع يريد بذلك المسير إطفاء نورك، فاغفر له ما نال مني من عرض في وجهي أو وأنا عائب عنه»، فقال عكرمة: “رَضيتُ يا رسول الله”، ثم قال: “أما والله يا رسول الله لا أدع نفقة كنت أنفقها في صد عن سبيل الله إلا أنفقت ضعفها في سبيل الله، ولا قتالا كنت أقاتل في صد عن سبيل الله إلا أبيت ضعفه في سبيل الله”، وأقرّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم عليه امرأته أم حكيم بنكاحهما قبل الإسلام بعد أن أصبحا مسلمين جميعًا.