وفي ليلته أمسى المسلمون مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند #~~~قرن المنازل~~~# متجهين للطائف لملاحقة فلول قبيلتي …
هوازن وثقيف، فصلوا المغرب والعشاء وأقاموا أول الليل، ثم ساروا حوالي 24 كم في خمس ساعات تقريبًا حتى وصلوا #~~~المُليح~~~# وقت صلاة الصبح فصلوه بها أو قريبًا منها، ووقفوا بها للاستراحة، ثم أكملوا المسير حوالي 27 كم في خمس ساعات ونصف تقريبًا حتى نزلوا #~~~بحرة الرغاء~~~# في #~~~وادي ليّة~~~# وقت الضُّحى تقريبًا.
لمّا نزل صلى الله عليه وآله وسلم وادي لِيَّة، بنى بيده الشريفة مسجدًا، والصحابة ينقلون معه الحجارة، وجاءوا برجل من بني ليث قتل رجلًا من هُذيل -في جيش المسلمين-، فقضى النبي صلى الله عليه وآله وسلم للهذيليين بالقصاص منه، وقدّموه فضربوا عُنُقه.
وصلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم الظهر بها، ونظر فرأى قصرًا، فسأل عنه، فقالوا: “هذا قصر مالك بن عوف -رئيس هوازن الهارب-“، فقال: «أين مالك؟»، قالوا هو يراك الآن من حصن ثقيف، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «من في قصره؟»، قالوا: “ما فيه أحد”، قال صلى الله عليه وآله وسلم: «حرّقوه»، فحُرّق من وقت العصر حتى غابت الشمس.
ومرّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومعه المسلمون على قبر أبي أُحيحة سعيد بن العاص عند أرضه بالطائف -وكان قد مات مُشركًا، وكان قد أسلم ابناه عمرو وأبان رضي الله عنهما-، فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: “لعن الله صاحب هذا القبر فإنه كان ممن يحاد الله ورسوله!”، فغاظ ذلك ابناه فقالا: “لعن الله أبا قُحافة -والد أبو بكر، ولعلهم لم يدركا إسلامه يوم الفتح كما تبين- فإنه كان لا يقري الضيف، ولا يمنع الضيم!”، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إن سب الأموات يؤذي الأحياء، فإن شئتم المُشركين فعمّوا -أي عمموا ولا تسبوا واحدًا بعينه، فهذا مؤذ للأحياء من أقربائه-» [^1].
ومرّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقبر، فقال لعلي بن أبي طالب: «أتدري يا علي ما هذا؟ -مشيرًا للقبر-، هذا قبر أبي رغال، وهو أبو ثقيف، وكان من ثمود، وكان بهذا الحرم يدفع عنه، فلمّا خرج أصابته النقمة التي أصابت قومه بهذا المكان فدفن فيه، وآية ذلك أنه دفن معه غصن من ذهب، إن أنتم نبشتم عنه أصبتموه»، فتوجه بعض المسلمين إلى ذلك القبر واستخرجوا الغصن كما حكى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا من دلائل نبوّته صلى الله عليه وآله وسلم.
[^1]: هذا خُلُق نبويّ كريم عالٍ، وقد تقدم قوله صلى الله عليه وآله وسلم في يوم إسلام عكرمة بن أبي جهل الكلام عينه، إذ قال صلى الله عليه وآله وسلم: «يأتيكم عكرمة بن أبي جهل مؤمنًا مهاجرًا، فلا تسبوا أباه، فإن سب الميت يؤذي الحي ولا يبلغ الميت!»، وهو ما يدل على أن السب لا فائدة فيه من جهة ولا يصل للميت أصلًا، وأنّ أذيّة الحيّ بما اقترفه الأموات جُرم وكسر خاطر بخلاف الأخلاق العالية، فصلى الله عليه وآله وسلم.