وفي ليلته أمسى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحُدَيبيَة وقد نزلها قادمًا للعُمرَة، فلمَّا بركت ناقته عند حدود الحرم المكي رجع ونزل …
#~~~الحُدَيبيَة~~~# وكان قد عزم ومن معه من المسلمين أن يقاتلوا من صدَّهم عن البيت، ثم رجعوا عن ذلك.
وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد أرسل بالأمس عثمان بن عفان إلى قريش يخبرهم بما جاء له، وكان مُحمد بن مسلمة قائد الحراسة الليلية في تلك الليلة ومعه مجموعة من الصحابة يطوفون بالمعسكر طوال الليل، فقبضوا على مجموعة من خمسين فردًا أرسلتهم قريش محاولين بث الرُّعب في قلوب المسلمين، وكان قائدهم مِكرِز بن حفص [^1] الذي أرسلته قريش ليعرف غرض النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل ذلك، وكان صلَّى الله عليه وآله وسلم لمّا رآه من خمسة أيام قادمًا ليعرف غرض النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «هذا رجل غادر »، فلمّا قبض مُحمد بن مسلمة ومن معه على مِكرِز بن حفص وجماعته أتى بهم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأعلمه بما كان من تحريشهم بمعسكر المسلمين، ويبدوا أن منهم من فرّ ليلًا لم يتمكن محمد بن مسلمة وفِرقته من مُلاحقته، فذهب من فرّ منهم إلى قُريش وأعلمهم بما كان، وعفا عنهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لكن أمر بحبسهم حتى يرى ما يصل إليه الأمر مع قُريش.
وطاف عُثمان ومن معه ببيوت المستضعفين من المُسلمين بمكَّة يُبشرهم بالرؤيا التي رآها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنَّه يدخل مكَّة ويطوف بالبيت ويأخذ مفتاح الكعبة ويقف بعَرَفة، فيقول لهم عثمان: “إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يبشركم بالفتح ويقول: أُظِلُّكُم حتى لا يستخفي بمكَّة إيمان”، فكان الرجل والمرأة منهم يبكي وينتحب فرحًا بالبشرى حتى ظنَّ عثمان أنَّهم سيموتون فرحًا!، حتى إذا رآهم أحد المُشركين وسألهم عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأخفوا الأمر ولم يُفصحوا به، واشتدّ ذلك عليهم فقال بعضهم لعُثمان: “أقرئ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منّا السلام؛ إنَّ الذي أنزله بالحُدَيبية لقادرٌ أن يُدخله بطن مكة!”