وفي ليلته أمسى أبا عبيدة بن الجراح رضي الله عنه ومن معه عند #~~~سيف البحر~~~# ينتظرون مُلاقاة قافلة قُريش فصلوا المغرب …
والعشاء وأقاموا حتى الصُّبح فصلوه هناك، وكانت أزوادهم من الطعام فنيت من أيّام، ولا يأكلون إلا ورق الشَّجَر -الخَبَط- حتى قال بعضهم: “لو لا قينا عدوًا، ما صنعنًا شيئًا من الجُهد والتعب”، فقام قيس بن سعد بن عُبادة رضي الله عنه يبحث في المنطقة عن الأعراب من قبائل جُهينة النازلين بها، فوجد بعضهم فقال: “من يشتري منّي تمرًا بجِمال يعطيني الإبل هُنا وأُعطيه التَّمر بالمدينة؟”، وعُمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: “عجبًا لهذا الغُلام!، لا مال له، يتداين في مال غيره! -يعني مال أبيه سعد بن عُبادة-”، فوجد رجُلًا من جُهينة فقال له قيس: “أشتري منك إبلًا، وأوفيك قيمتها من التَّمر بالمدينة”، قال الجُهني: “والله ما أعرفك، من أنت؟”، قال: “أنا قيس بن سعد بن عُبادة بن دُلَيْم”، قال الجُهني: “ما أعرفني بنسبك!، أما إنّ بيني وبين سعد صداقة، سيّد أهل يثرب!”، فاشترى منه قيس خمسًا من الإبل كُل واحدة بوسقين -حوالي مكيال 245 لتر- [^1] من التَّمر البدوي الجافّ من تمر آل دُلَيْم -عائلة قيس- فهذه حوالي مكيال1220 لتر من التَّمر تقريبًا، قال الجُهني:”فأشهِد لي -يعني على أنّك اشتريت مني-“، فقال قيس ونظر إلى بعض الأنصار والمُهاجرين: “أشهِد من تُحِبّ”، فقال عُمر رضي الله عنه: “لا أشهد، هذا يُدان ولا مال له، إنما المال لأبيه!”، قال الجُهني: “والله ما كان سعد ليخُنّي بابنه في أوسق من تمر، وأرى وجهًا حسنًا وفِعلًا شريفًا!”، وحدث بين قيس وعُمر رضي الله عنهما شدّ وجذب حتى أغلظ قيس على عُمر في الكلام، ثم أشهَدَ للجُهني بعض المُهاجرين والأنصار، ونحر منها اليوم واحدة وأطعمهم، وغربت الشمس وهم هناك.
[^1]: الوسق يساوي حوالي 122.5 لتر تقريبًا.