وفي ليلته أمسى المنذر بن عمرو الساعدي ومن معه من القُرَّاء عند #~~~العد~~~# في الطريق إلى أرض بني عامر بن صعصعة …
لدعوتهم إلى الإسلام، فصلوا المغرب والعشاء وأقاموا أوّل الليل للاستراحة، ثم ساروا حوالي 22 كم في أربع ساعات ونصف تقريبًا حتى وصلوا #~~~بئر معونة~~~# وقت صلاة الصّبح، فصلوه بها أو قريبًا منها، وأقاموا عندها وأرسلوا عمرو بن أميّة الضمري والحارث بن الصمّة يرعيان بالإبل في النواحي القريب، وأرسلوا حَرَام بن مِلحان رضي الله عنه بكتاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم إلى عامر بن الطّفيل يُخبره بما طلبه عمّه -أبو البراء ملاعب الأسنّة- من النبي صلى الله عليه وآله وسلم بإرسال هذه البعثة الدعويّة، وعامر بن الطّفيل في مجموعة من بني عامر، فلمّا وصل إليه حرام بن مِلحان، لم يقرأ عامر الكتاب ووثب فقتل حرام بن مِلحان رضي الله عنه!، ونادى في قومه بني عامر أن يخرجوا معه فيقتلوا أفراد هذه البعثة، فلم يجيبوه، وكان عمّه أبو البراء عامر بن مالك قد خرج إلى نواحي نجد، وأخبرهم أنّه أجار أصحاب محمد إن هم قَدِموا عليهم دُعاة، فلا يتعرضوا لهم، وقالت بنو عامر للطفيل: “لن نُخفِر جوار أبي براء”، فذهب عامر بن الطّفيل إلى قبائل بني سُلَيْم المُجاورة -وهي قبيلتي عصيّة ورعل- يدعوهم لقتل هؤلاء الدُّعاة، فخرجوا تحت قيادته وهو يقول: “أحلف بالله أنّ هذا لم يأت وحده! -يعني حرام بن ملحان-”، فاتّبعوا أثره الذي جاء من ناحيته وقد تقدّم المنذر بن عمرو ومن معه يسيرون ناحية منازل بني عامر لمّا تأخّر حرام بن ملحان عليهم، فلقيهم عامر بن الطّفيل ومن معه في الطّريق فأحاطوا بهم، فقاتلوهم حتى قتلوهم جميعًا، ولم يبق إلا المُنذر بن عمرو، وكانوا يعرفونه فقالوا: “إن شئت أمنّاك”، فقال: “لن أُسلِّم نفسي لكم، ولا أقبل لكم أمانًا، حتى آتي مصرع حرام بن مِلحان”، فأمّنوه حتى أتى مصرع حرام فرآه، فقاتلهم حتى قُتِل.
وتحرك الحارث بن الصمّة وعمرو بن أميّة الضمري عائدين إلى موضع أصحابهما عند بئر معونة، وقد ارتابا كثرة الطيور التي تطير فوق موضعهم، فقالا: “قُتِل والله أصحابنا؛ والله ما قتل أصحابنا إلا أهل نجد”، فساروا حتى إذا كانوا على تبّة عالية تنزلهم على موضع البئر وجدوا أصحابهم مقتولين وخيولهم واقفة، فقال الحارث بن الصمّة لعمرو بن أميّة: “ما ترى؟”، قال: “أرى أن ألحق برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأُخبره الخبر”، قال الحارث: “ما كنت لأتأخر عن موطن قُتِل فيه المُنذِر بن عمرو”، فدخلا إلى منازل بني عامر، فقاتلهم الحارث حتى قتل منهم اثنين ثم أسروه وأسروا عمرو بن أميّة، ثم قالوا للحارث -وكانوا يعرفونه هو وعمرو بن أميّة-: “ما تحب أن نصنع بك، فإنا لا نحب قتلك؟”، فقال: “أبلغوني مصرع المنذر بن عمرو وحرام بن مِلحان، ثم برئت مني ذمتكم”، فقادوه حتى وجدهما قتلى، ثم تركوه، فقاتلهم فقتل منهم اثنين ثم قتلوه شرّ قتلة، وقال عامر بن الطّفيل لعمرو بن أميّة -وهو أسير لم يُقاتل كصحابه-: “إنّه قد كانت على أمّي رقبة، فأنت حُرّ عنها -يعني أنّ أم عامر كانت مدينة لقوم عمرو بن أميّة بالنّجاة من القتل-“.
ثم قال عامر لعمرو بن أميّة: “هل تعرف أصحابك؟”، قال عمرو: “نعم”، فطاف به عليهم وهو يسأله عن أسمائهم وأنسابهم، ثم قال عامر بن الطّفيل: “هل تفقد أحد منهم؟”، قال عمرو: “نعم!، أفقد مولى لأبي بكر، يُقال له عامر بن فُهيرة”، قال عامر: “كيف كان فيكم؟”، قال عمرو: “كان من أفضلنا ومن أول أصحاب نبيّنا”، قال عامر: “ألا أخبرك خبره؟”، ثم أشار إلى رجل -ممن معه-، وقال: “هذا طعنه برمحه، ثم انتزع رمحه، فطار الرجل في السماء حتى والله ما نراه، قال عمرو: “ذلك عامر بن فُهيرة”، وكان الذي قتله رجل من بني كِلاب يقال له “جبّار بن سَلْمَى”، يقول: “لمّا طعنته سمعته يقول: فزت والله”، فقال جبّار في نفسه: “ما قوله فُزت؟”، فذهب جبّار إلى الضّحاك بن سُفيان الكلابي رضي الله عنه وكان مُسلمًا ليسأله، فأخبره وسأله عن قوله، فقال الضحّاك: “فاز بالجَنّة”، وعرض الضحّاك عليه الإسلام فأسلم لما رأى من ارتفاع عامر بن فُهيرة في السماء، وأرسل الضحّاك بن سُفيان الكِلابي إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يخبره بما حدث مع جبّار بن سلمى هذا ورؤيته عامر بن فهيرة يصعد في السماء، وأنّه أسلَم، وتركوا عمرو بن أميّة يذهب، وغربت الشمس وهو هناك.