فخرج حتى جاء المدينة، ولقي رسول الله فقال عليه الصلاة والسلام: …
«من الرجل؟» قال عدي بن حاتم، فأخذه إلى بيته وبينما يمشيان إذ لقيت رسول الله امرأة عجوز، فاستوقفته، فوقف لها طويلا تكلمه في حاجتها، فقال عدي: والله ما هو بملك. ثم مضى رسول الله حتى إذا دخل بيته تناول وسادة من جلد محشوّة ليفا فقدمها إلى عدي، وقال: «اجلس على هذه»، فقال: بل أنت تجلس عليها، فامتنع عليه الصلاة والسلام، وأعطاها له، وجلس هو على الأرض، ثم قال: «يا عدي أسلم تسلم» قالها ثلاثا، فقال عدي: إني على دين وكان نصرانيا فقال عليه الصلاة والسلام: «أنا أعلم بدينك منك»، فقال عدي: أأنت أعلم بديني منّي؟ قال:
«نعم». ثم عدّد له أشياء كان يفعلها اتباعا لقواعد العرب وليست من دين المسيح في شيء كأخذه المرباع وهو ربع الغنائم. ثم قال: «يا عدي إنما يمنعك من الدخول في الدّين ما ترى، تقول: إنما اتبعه ضعفة الناس ومن لا قدرة لهم، وقد رمتهم العرب مع حاجتهم، فو الله ليوشكنّ المال أن يفيض فيهم حتى لا يوجد من يأخذه، ولعلّك إنما يمنعك من الدخول فيه ما ترى من كثرة عدوهم وقلّة عددهم، أتعرف الحيرة؟» قال: لم أرها وقد سمعت بها، قال: «فو الله ليتمنّ هذا الأمر حتى تخرج المرأة من الحيرة تطوف بالبيت من غير جوار أحد، ولعلّك إنما يمنعك من الدخول فيه أنك ترى الملك والسلطان في غيرهم، وايم الله ليوشكنّ أن تسمع بالقصور البيض من أرض بابل قد فتحت عليهم» فأسلم عدي رضي الله عنه وعاش حتى رأى كل ذلك.